بقلم: اسحاق صبحي
إذا تيسير للمسيحيين الحصول على تصريح لبناء كنيسة وهذا يعتبر من الأمور النادرة في مصر بل ويعد معجزة دونها أن يتقاعد الرئيس ويريحنا، ثم أن التصريح ليس معناه أن الكنيسة سوف يتم بناؤها (هي الحكومة هبلة؟!!) إذ لاحقًا سيأتي دور الغوغاء وقطاع الطرق الذين سيعملون بكل ما أوتوا من وسائل همجية في تعطيل البناء ناهيك عن اندلاع أعمال العنف والشغب لمجرد التفكير والعياذ بالله في بناء كنيسة.
منذ متى تيسر للمسيحيين الشرق أوسطيين بناء الكنائس دون تعقيدات؟ تظل طلبات البناء أو حتى الترميم حبيسة الادراج لعقود تلو الأخرى، يتقدم بعض الأقباط بطلب بناء كنيسة وهم يوقنون في قرارة أنفسهم أن أحفادهم هم من سيكمل بناؤها وأن أجيال أخرى هي التي سيُكتب لها الصلاة في هذا المكان بعد عمر طويل.
الكنائس إذًا هي أماكن محظورة مسبقًا، افتتاح كباريه أو ملهى ليلي أيسر بما لا يُقاس من بناء كنيسة في بلادنا المحروسة.
فعن أي حظر يتحدثون؟؟ ما هي محظورة من الأول!! ومن غير استفتاء أو غيره.
خير للحكومة إذًا توفير نفقات هذا الاستفتاء الهزلي.. فنتيجته تحصيل حاصل.
ثم ليتكرم العقيد القذافي ومعه سائر الكائنات المتحفية الأخرى ليجيب عن سؤال بسيط، وليقل لنا ما هو الجرم الذي ارتكبه مسيحيو الشرق الأوسط لكى تعاقبهم الدول الإسلامية بمنع بناء الكنائس؟
مثلاً من حق الشعوب الأوروبية أن تشعر بالخوف والريبة من انتشار الإسلام ومظاهر الأسلمة، وهم الذين رأوا وعاينوا أحداث لندن ومدريد والحادى عشر من سبتمبر وغيرها. هذه الأعمال الإرهابية لم تحدث في أوروبا إلا عندما أصبح هناك مسلمين في أوروبا.
إلى جانب ذلك فإن هناك صداع دائم ومشاكل شبه يومية أصبح على الأوروبيين التعامل معها، مثل الحجاب والنقاب الذي تزايد في المجتمعات الأوروبية على نحو مزعج، مشاكل أمثال هذه لم يكن الأوروبيون مضطرين للتعامل معها في الماضي لكنهم الآن يفعلون.
فلا نستطيع أن نلوم القوم أنهم أحسوا بالقلق وهم الذين لم يتعودوا دفن الرؤوس في الرمال وتجاهل الأخطار حتى تتحول إلى كوارث.
فلماذا تريد الدول الإسلامية أن تحذو حذو سويسرا وتنظم استفتاء بغية تمرير حظر الكنائس؟ قولوا لنا أولاً كم عدد الأعمال الإرهابية التي اشترك فيها المسيحيين؟ كم تفجير؟ كم تفخيخ وكم حزام ناسف؟ خطفوا كم طائرة؟ وكم سفينة؟ قطعوا كم رقبة؟ هاجموا كم دار عبادة؟ حرقوا كم متجر؟
لم يحاول المسيحيين أبدًا إرغام المجتمع على تبني سلوك معين أو فرض أزياء ترد المجتمع قرونًا إلى الوراء (الأوروبيات لم يرتدين النقاب ولا حتى في عصور الظلام).
المسيحيون يخدمون أوطانهم بإخلاص ولا يتآمرون ضد بلادهم حتى لو كانوا أقلية فيها وحتى إذا تم تهميشهم واقصاؤهم عن المشاركة والاندماج.
إن المسلمين في أوربا أوضاعهم أفضل بمئات المرات من أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، والحق أن المسلم يستطيع أن يغادر سويسرا إلى أي بلد أوروبي مجاور فقط بتذكرة قطار لا أكثر إن هو لم تعجبه الحياة في سويسرا (اللى بيقولوا عليها عنصرية ومتطرفة)، في حين أن المسيحي المُضطهد في الشرق لا يمكنه الذهاب إلى أي مكان ولا يملك سوى خبط دماغه في الحائط.
أي مسلم سيختار الذهاب إلى سويسرا اليوم قبل غدًا إن هو أُتيح له ذلك، ولو نظمنا استفتاءًا بين المسلمين هل تفضل الذهاب إلى سويسرا أو إلى السعودية فنتيجة الاستفتاء ستكون 100% لصالح الاختيار الأول من دون شك.
وعلى سيرة السعودية لم أقرأ مثلاً أن السعودية هاجمت القرار السويسري، بل أن رد الفعل هناك تجاه الرسوم الدانماركية مثلاً كان أشد بمراحل؟. فالمملكة ذات السجل الهمجي تجاه غير المسلمين كانت أحكم من رجال النظام المصري الذين انتظروا الجنازة ليشبعوا لطمًا.
لكل ذلك فالأقباط والمسلمين معًا يضربون كفًا بكف حين يقرأون أن رئيس مجلس الشعب القصير القامة وقصير النظر أيضًا يتحدث بكل ثقة ومعه حفنة من أعضاء المجلس يصح إيداعهم مستشفى الأمراض العقلية، مدافعين عن حقوق مسلمو سويسرا والإجراءات القانونية التي يمكنهم اللجوء إليها، متعامون في الوقت نفسه عما حدث ويحدث في صعيد مصر من اضطهاد منظم تجاه الأقباط.
فبينما يرى النظام أن الديار تشتعل في الداخل يغمض عينيه قبل أن يدير رأسه نحو الخارج، لعل وعسى أن يستطيع المساهمة في إشعاله بالمثل أيضًا.