بقلم: عزت بولس فتلك الآلية أدت دورها على نحو جيد جدًا في الماضي غير البعيد، إلا أنها لم تعد تصلح الآن لأنه ووفق مفردات الوضع الحالي سترسخ فكرة"عزلة" المسيحيين واعتبار ما يتعرضون له من انتهاكات شأنًا خاصًا بهم ولا يندرج تحت هموم الإخفاق في تحقيق مفهوم "المواطنة" بمصر بشكل عام، لاقتصار تلك المؤتمرات عادة على مجموعة بعينها من الشخصيات العاملة بمجال العمل العام- يتناوبون فيما بينهم الحضور وترديد أوراق عمل معروف محاورها من كثرة التكرار- تحولت مع الوقت لـ "غرفة نجتر فيها أحزاننا" إن جاز التعبير، وعلى الرغم من أن تلك الغرف تحقق للمتحدثين من داخلها بعض الراحة عبر تفريغ شحنات الغضب والانفعال، إلا أنها الآن لن تضيف جديدًا للمتألمين من انهيار"المواطنة" داخل مصر، والذين من حقهم إعلان غضبهم كمواطنين ضد كل ما يُمارس ضدهم من تمييز ديني ينتهك بشكل صريح ومباشر ومتعمد حقوقهم، وإعلان الرفض ذلك مُتاح من خلاله برأيي استخدام كافة وسائل الاعتراض داخليًا وخارجيًا، ولعله بعد "تلويح" السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية باللجوء للمحاكم الدولية وعرض ما سُمي بـ"أزمة المآذن سويسرا" يصمت للأبد من يصفون عن جهل بين من يلجأ للمؤسسات الدولية الحقوقية لعرض انتهاكات المواطنة بمصر بأنهم خائنون وعملاء. أبدى كثيرون إعجابهم بالنشطاء من"أقباط المهجر" والذين أكدوا وفق ما جاء بمشاركتهم أن مصر لديها بالخارج أبناء ناجحون بمجالات مختلفة، إلا أن بعض المشاركات كانت بها كلمات مشحونة بـ"الأسى" من طبيعة الخلافات الموجودة بين هؤلاء"النشطاء"....وهنا لا أجد تعليقًا مناسبًا سوى التأكيد على أن تلك الخلافات-الساذجة الدوافع غالبًا- تُسعد الأطراف المروجة للاتهامات الخائبة عن "أقباط المهجر" والذين يقولون انظروا للمنادين بالحقوق يتنحارون فيما بينهم حول الزعامة والظهور الإعلامي!! أما المؤيدون لأن يكون للكنيسة مجموعة أدوار الديني واحد منها، فيستندون في رأيهم هذا إلى حركة"لاهوت التحرير" التي قضت كما يقولون على التناقض بين وسائل المطالبة بالحقوق والتمسك بالتعاليم الدينية، ويشير هؤلاء إلى أن المسيحيين بمصر عاشوا سنوات طويلة داخل جدران كنيستهم ومن ثم فإن الخروج للعالم يحتاج لدفعة قوية من رجال الكنيسة لهؤلاء الأبناء الخائفين....في تلك النقطة تحديدًا أجدني غير قادر على أن أكون مع أو ضد مشاركة الكنيسة في الحياة بأدوار غير تقليدية، لإيماني أن ذلك الأمر لا يمكن حسمه بحديه الأبيض والأسود، فالكنيسة لعبت أو لنكون أكثر دقة أُجبرت على لعب دور أبعد من حدود دورها الديني بحياة المسيحي بعد تراخي الدولة عن أداء ذلك الدور، ولايمكن الآن الدفع بها لرفع يدها مباشرة عن دعم أبنائها، وإنما يمكن تشجيعها على أن تساعدهم في تجربتهم نحو الاندماج الكامل بالحياة المصرية ودفع ثمن ذلك الاندماج وعبور مخاطره بعيدًا عن الاحتماء بالكنيسة الأم. الإنترنت كأحد أهم أدوات ثورة الاتصالات في عالم اليوم عول عليه الكثير من القراء كوسيلة جيدة لتكوين رأي عام داخل مصر وخارجها، خاصة وأنه لا يخضع لذات المعايير والحسابات التي تقع تحت طائلتها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة بمصر، ومن ثم قدرته على عرض الانتهاكات التي تقع بحق مختلف الأقليات الدينية وفي مقدمتهم المسيحيين....أتفق مع هؤلاء في جزء من طرحهم، فالإنترنت بالفعل نجح في إثارة موضوعات تم التعتيم عليها عقودًا من الزمان داخل مصر، بل ويمكنني القول إنه تفوق على الصحف الورقية في التأثير لدى شريحة كبيرة لا يُستهان بها، ولكن تظل وسائل الإعلام المرئية الأسرع والأقرب للمتلقي داخل مصر وخارجها، ولهذا أتساءل لماذا لا تتوسع القنوات التليفزيونية المسيحية في طبيعة مواد بثها الفضائي خارج إطار العقائد؟ فذلك التوسع لن يكون أمرًا سلبيًا باعتقادي، وإنما استغلال جيد لمساحة إعلامية تُملأ بأكاذيب على الجانب الآخر للفضائيات الحكومية أو التي يديرها مثيرو الفتن ضيقو الأفق مواطنو عقائدهم الدينية وليس مصر. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت | عدد التعليقات: ٣ تعليق |