بقلم: عزمي إبراهيم
الحقيقة العارية. سأطرح الحقيقة عارية، مجردة من أي زيف أو مبالغة أو تورية أو مجاملة أو خوف. سأقول الحقيقة غير مراعياً لمشاعر الآخرين: بعض الآخرين، أو غالبية الآخرين، المسلمين طبعاً. فهؤلاء لم يراعوا مشاعري ومشاعر الملايين من أبناء مصر المخلصين المهذبين المسالمين الذين لا يُسمع لهم في الشوارع صوتٌ. فهؤلاء لم يراعوا وجودي وراحتي وحقوقي في عقر داري، مصر، وطني، أو حتى محض بقائي وبقاء المسالمين الأقباط على قيد الحياة.
والحقيقة . التي سأدرجها ليست بجديدة، ولا هي من اختراعي.. قالها صراحة بلا تورية إخوة وأخوات مسلمون نبلاء عديدون في العقود الماضية .
وحتى في يومنا هذا، في كتب ومراجع عربية إسلامية وعلى صفحات الجرائد والمواقع الألكترونية. أعتذر لهؤلاء النبلاء ولأخوة مسلمين عاقلين عادلين يغلب عليهم الفخر بالهوية المصرية الفرعونية الأفريقية العريقة أكثر من التشدق بهوية زائفة صحراوية إستعمارية مستوردة. أعتذر لما بمقالي هذا من صراحة وحقائق.
بالصدر غصة وبالقلب نار وبالنفس مرارة وحرارة وحسرة على ما آلت وتئول إليه مصر، بعد ما حدث من مجزرة أمس بكنيسة العذراء بالوراق، ومن قبلها بكنيسة القديسين بالاسكندرية وبميدان ماسبيرو بالقاهرة وبالمنيا ونجع حمادي والعمرانية ودلجا وديروط وملوي والكشح وقنا وفرشوط وابو قرقاص وغيرهم كثير في مدن وقرى مصر.
تعوَّدت مصر وتعوَّد العالم أن تنزل المصائب على الأقباط المسالمين متتالية من مسلمين، لا من يهود ولا من هندوس ولا من دروز ولا من بهائيين. لا من مؤمنين ولا من ملحدين. فقط من مسلمين. . منذ 1400 سنة، منذ غزو المستعمر العربي لأرض مصر وكان الأقباط هم مصر، ومصر هي الأقباط. منذ الغزو الذي لم يماثل وحشيته وحشية أي غزو آخر في تاريخ مصر الطويل العميق. فهو غزو علاوة على دمويته، تضمن هدفه الممنهج الخبيث محو الهوية واللغة والعادات والتقاليد والطقوس والثقافات والحضارات في مصر.
غزو العرب غزوٌ هدفه محو معالم حضارة مصر العظيمة، كما فعل في حضارات الشام والعراق وفارس وغيرها واستبدلها بسطحيات الصحراء وجهل الجاهلية حتى أنه أصدر الأمر بحرق مكتبة الاسكندية مركز الثقافة والحكمة والعلم والفلسفة وملتقى العلماء والفلاسفة والباحثين والدارسين في العالم أجمع حينئذ. بل كان هدفه المبرمج محو مصر ذاتها. ولكي يمحو مصر لا بد أن يمحو الأقباط لأنهم تراث مصر كالأهرام وكالنيل. حتى أنه أصدر مرسوما بقطع لسان من يتحدث اللغة القبطية لغة البلاد المصرية حينئذ.
لم يلاقي الفلسطينيون على يد اليهود باسرائيل، ولا اليهود على يد هتلر بألمانيا النازية، ولا الهنود الحمر على يد البريطان والأسبان بأمريكا، ولا مواطني البلاد المستعمرة بامبراطوريات أرقى من العرب حضارة وثقافة وسلوكيات ما لاقاه ويلاقيه الأقباط على يد المسلمين ببلدهم مصر.
فلكي يمحو المستعمر المسلم الأقباط في وطنهم مُورست عليهم اضهادات إبادة وحشية دموية رهيبة، لا يرضاها دينٌ، ولا يرضى عنها ربٌ، سَجَّلها التاريخ بحذافيرها في الكتب والمراجع العربية الإسلامية، ناهيك عن الكتب والمراجع الغربية والشرقية. قاسى الأقباط أبناء مصر ومواطنيها الأصليون ويقاسون حتى اليوم اضطهادات وحشية ظالمة منظمة ممنهجة، صريحة ومقنعة،.من حكام مسلمين ومن مسلمين وافدين معهم حينئذ. بل ومن مواطنين مصريين مسلمين راضعين نفس الثقافة الفجة مقيمين بمصر اليوم. كل هذا يمر تحت بصر وسمع ومباركة الحكومات، وبتراخي الحكام عن الجناة تحت بند "لا يؤخذ دم المسلم بدم ذمي" أي لا يؤاخذ المسلم عن قتله لغير المسلم.
وهذه هي عدالة الشريعة.... أية عدالة فيها!!!؟
على تلك الركيزة الظالمة وتحت هذا الستار الأسود لم يُحاكم منذ الغزو العربي حتى يومنا هذا مسلمٌ قتل قبطياً. رغم قتل وحرق وتعذيب واهانة وازدراء الآلاف بل الملايين من الأقباط على يد مسلمين على مر السنين والقرون، جاهلين بعدالة الله الحق.
كيف يشعر المسلمون لو وضعت أممٌ، في الغرب أو في الشرق، في دساتيرها وفي قوانينها ألا يؤاخذ مواطن قتل مسلماً؟؟؟ ايكون ذلك مدعاة لحرب عالمية من المسلمين!!؟
أين العدل يا مسلمين؟؟ أين عدالة الإسلام وسماحته؟؟
مثل واحد من آلاف: قتل ألمانيٌ امرأة مسلمة فهاج المسلمون وهاج قبلهم الألمان، وأخذ الجاني عقابه الصارم في وطنه رغم دينه وهويته!! هذا هو عدل القانون المبني على عدل اللــه، لا على عدل الدين ولا على فلسفة المستعمر، فالدين متحيز والمستعمر أناني. أليس هذا هو العدل الذي يجب أن يكون ببلادنا كما هو ببلاد الآخرين، الكفار!!! أليس عدل الكفار أعدل من عدل المؤمنين!!!؟
أعدل أن يتحول عرس مصريين في مصر إلى مأتم؟؟ ويتحول ضوء الشموع إلى شرارات الرصاص؟؟ وتتحول الزغاريد إلى صراخ وصويت ونحيب؟؟ وتتحول دموع الفرح إلى دموع حسرة وحزن وضياع؟؟ وتتحول التهاني إلى تعازي؟؟ وتتحول الورود إلى دماء وأشلاء بشرية متناثرة؟؟ أعدل أن يكون ختام الفرح يتامى فقدوا الأب أو الأم، ثكالى فقدوا اطفالهم، أرامل فقدوا زوجاتهم أو أزواجهم؟؟؟ أعدل أن يتم كل هذا في لحظة من قاتل يصرخ "الله أكبر"!!؟؟
أهذا عدل الإسلام حيث لا يؤخذ دم مسلم قتل مصريين مسيحيين؟؟
لصالح مصر، وليس لصالح الأقباط. فللأقباط ربٌ يرى صالحهم،. ضعوا العدل ((الحقيـقي)) بالدستور وبالقوانين ربما هذا يهذب من تفكير وتصرفات الموتورين والجاهلين الذين يستندون على أيات بعينها ظالمة. ضعوا ((العدل الإلهي)) ((عدل الإنسانية)) لا عدل الشريعة أو عدل الدين المتحيز لطائفة دون باقي طوائف الوطن .
ضعوا حُكماً وعقاباً في قوانين مصر لدعاة الدين المأجورين عملاء سماسرة السياسة والدين، ولأئمة وشيوخ المساجد والزوايا، وأصحاب الفتاوي الهلوسية، الذين يزرعون الحقد والبغضاء في نفوس البسطاء والغير مثقفين ضد الآخرين ويحرضونهم على الفوضى والقتل والحرق والهدم باسم الله... والله منهم براء.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع