بقلم : سمير أبو الرى

فى بدايه طفولتى وبدايه شبابى أحببت الكنيسه وكنت متدينا مثل أى شاب مسيحى أو مسلم يريد أن يرضى الله ويتقرب إلى الخالق ,ا

فأنا ولدت مسيحيا وحاولت أن أكون مسيحى بحسب القيم المسيحيه واستقيت تعاليم المسيحيه وتشربتها وكنت أنظر إلى الكنائس المسيحيه الأخرى بحسره وأسى ,

وهنا أقصد الطائفه الكاثوليكيه والطائفه الإنجيليه , وكانت وجهه نظرى تطابق وجهه نظر الكنيسه القبطيه الأرثوذكسيه بأن تلك الطوائف خارجه عن الإيمان المستقيم ,

وهكذا كان تقديرى لهم  وإحترامى لهم على هذه النظره الأرثوذكسيه ,

بل كان البعض من المتشددين الأرثوذكسين من يعتبرهم كنائس خارجه عن الإيمان القويم وأنهم محرومين ,

بإختصار فإن الكنيسه الأرثوذكسيه هى الكنيسه الحقه وهى العود الأخضر الذى يحمى الإيمان المسيحى فى المسكونه كلها ,

وإن الكنيسه القبطيه هى كنيسه الإيمان المسيحى الحقيقى الذى بنى على الدم وعلى الشهاده ,

وإن أباء الكنيسه القبطيه والشعب القبطى فى العصور الأولى قد دفع ثمن هذا الإيمان المستقيم القويم بالدم والشهاده وكثير من الألامات والإضطهاد بل  يفخر الأقباط ويعطوا لكنيستهم أسم كنيسه الشهداء وكنيسه الإضطهاد أو الكنيسه المضطهده ,

فهى الكنيسه الوحيده التى ضحت بالدم من أجل الحفاظ على الإيمان المسيحى الحق ,

وأكاد أن أجزم أن كل قبطى فى مصر يعتبر أن الكنيسه القبطيه هى الكنيسه الوحيده الحقه فى العالم ,

بل أقول :

إن الكنيسه القبطيه  قد غرست فى نفوس رعيتها إنه الكنيسه الوحيده صاحبه الحقيقه وهى الوحيده التى تملك الحقيقه المطلقه وأن تفسيرها للكتاب المقدس هو فقط التفسير الحق وطقوسها هى الطقوس الوحيده الصحيحه وأنها تسلمت هذا من تلاميذ المسيح ورسله وأن الكنيسه الغربيه مفتقده للطقوس والروحانيه .

هذا القول وهذه النظريه هى ناتج عن عدم التعرف على الآخر ,

والتعرف على الآخر هذه صفه لم نتعلمها لا على مستوى التاريخ العام أو على مستوى التاريخ الكنسى ,

لم نتعلم التجرد فى الحكم فى أى شىء للأسف ,

كل شىء بالعاطفه !!

لكن الذى يهمنى الآن ليس هذه المقارنه بين الكنائس المسيحيه الشرقيه والغربيه أو مابين الطوائف المسيحيه الرئيسيه الأرثوذكسيه - الكاثوليكيه - الإنجيليه ,

الذى يهمنى هو :

ماهو دور الكنيسه القبطيه فى ما آل له وضع الأقباط فى مصر أو رعاياها فى مصر أو شعبها المنتمى للأرثوذكسيه ؟؟

الكنيسه القبطيه الأرثوذكسيه المصريه هى مرآه المجتمع المصرى فى آخر ثمانين عاما فأكتسبت مع الوقت كل صفات المجتمع الذى نعيش فيه من كذب ونفاق ورياء بلا حدود وحب للذات وتمجيد للذات والفساد المالى والسلطه المطلقه والخروج عن روح الكتاب المقدس وأخيرا خلطت بين السياسه والدين ,

فللأسف فإن الكنيسه فى الفتره الأخيره أعنى الأربعه عقود الأخيره قد تدخلت فى السياسه ويرجع لها الفضل بأن جعلت من نفسها المتحدث الرسمى بأسم الأقباط ورضيت بهذا الدور وساهمت بنسبه كبيره فى قتل أى عنصر قيادى أو شخصيه قياديه من الأقباط  فى مصر ,

أعنى هنا ليس القتل الجسدى بل القتل المعنوى ,

فبمجرد ظهور شخصيه قبطيه ناجحه تسرع إليها الكنيسه القبطيه وتحتويها فى مجلس ملى أو مجلس كنسى أو تخرطه فى سلك الكهنوت أو الرهبنه فيتحول من طبيب ناجح إلى راهب إلى أسقف حتى أصبحت رتبه أسقف هى المستقبل الوظيفى للكثير من الشباب القبطى وهى:

الTop Career     

للشخصيه القبطيه فرتبه أسقف فى نظر الشعب والشباب القبطى هى صوره الكمال وأصبح الأسقف تقريبا معصوم من الخطأ بالإضافه إلى الهاله العظيمه من القدسيه والتقوى والورع والروحانيه والحكمه والشجاعه والوصايه على الشعب القبطى فى المدينه أو الأبروشيه أو إبداء الرأى فى أى مشكله سياسيه أو مشكله مدنيه أو إضطهاد أو ظلم ,

فينتظر أن يؤخذ برأى الأسقف لإنه لا ينطق عن هوى بل هو مساق بروح الله والحكمه والإتزان  !!

وبهذا أصبح الأسقف بجانب سلطته الروحيه الدينيه هو رجل السياسه وهو صاحب الوصايه السياسيه على  الأقباط وهنا فى الطريق الزمنى مات كل ناشط قبطى  أو من له ميول سياسيه أو ميول حقوق إنسانيه بالمقارنه للأسقف ,

فكيف يمكن لهذا الناشط أو ذاك الحقوقى أن يأخذ فرصه بجوار  هذه الكارزما الدينيه الروحيه  ؟؟!!

وكيف ومن سيستمع له بجانب أصحاب الفخامه والكرامه الروحيه والزعامه الدينيه الموجوده فى البلده أو المحافظه ؟؟!!

بل أن شخصيه الأسقف وشعبيته تصل إلى عنان السماء إذا ظهر فى موقف متشدد بعض الشىء تجاه الدوله أو ذكر بصوت عالى بعض المظالم التى يعانى منها الأقباط فى أحداث كثيره وهى بحق كثيره جدا من إضطهاد أو خطف بنات أو أسلمه من هم فى مشاكل أو من هم تحت حالات صارخه ,

أين القبطى العلمانى السياسى ؟؟!!

أين الإلتفاف حول الشخصيات العامه القبطيه اللذين يمكن أن يؤثروا بطريقه مدنيه حقوقيه ؟؟

لا توجد  !!  تاهت !!  ضلت الطريق !!

أرجع وأقول :

إذا كانت الدوله قد ظلمت الأقباط وحجبتهم وهمشتهم وأضطهدتهم وتجاهلت شخصيات مؤثره فى المجتمع عن عمد بل أرهبتهم عن المشاركه السياسيه بالتهديد والوعيد والتزوير وممارسه كل أنواع الضغوط حتى يتركوا أماكنهم ووظائفهم بل أن يتركوا البلد ويهاجروا إلى دول الغرب,

فأنا أقول هاهنا :

إن الكنيسه القبطيه لم تفطن للحل أو الحلول لهذه المشكله بل لم تقدم أى علاج لإضطهاد شعبها أو حتى التضامن مع الشخصيات المضطهده أو الشخصيات القياديه لتعطيهم عضد وسند بل على العكس كانت كنيسه سلبيه هدامه بكل معنى الكلمه بالوعظ المصبط للعزيمه وإنه فى العالم سيكون لكم ضيق وإن المسيح تألم ولم يفتح فاه و إن العداله فى السماء وليس على الأرض وإن الله هو وحده الذى يأخذ الحق وهو المنتقم للضعيف ,

وفى كل موقف كانت الكنيسه تقدم صوره الضحيه والشهيد الذى ينال الملكوت وأن يصمت القبطى والرب يقاتل عنه ( الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون )

ومن لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر ,

ومن سخرك ميلا , أمشى معه ميلين ,ومن طلب منك الثوب أعطه الرداء أيضا.

لم يذكروا له إنه حينما لطم المسيح فسأل الذى لطمه إن كان على حق ولماذا تلطمنى ؟؟

فأدركت من تلك الوصايه أن الكنيسه القبطيه هى السبب الرئيسى للسلبيه التى يعيشها الأقباط بتعاليمها الجبانه المورثه للجبن حتى أصبح فى إعتقادى الثابت أن الكنيسه المصريه هى موزع روشته الجبن والخنوع بين ألأقباط بل أنها المستفيد الثانوى من هذا الجبن المريض  !!

ستسألنى :

كيف تكون الكنيسه المصريه هى المستفيد الثانوى من هذا الجبن المريض ؟؟

أوضح لك هذا :

إذا كان هناك  مستفيد أولى ومستفيد ثانوى ,

فمثلا المستفيد الأول من إزاحه متقدم لمهنه أو منصب ما فى الدوله أو فى مؤسسه ما فالذى كسب هذا المنصب هو الأخ المواطن المسلم واستفادته منصبا ماديا أو أدبيا أو وطيفيا باهر فهو المستفيد الأولى ,

لكن ماذا كسبت الكنيسه  ؟؟

أقول لك , تحولت الكنيسه إلى حائط مبكى للمضطهد !!

ورجع هذا القطيع للكنيسه يبكى ويشكو إضطهاده ومظلمته وكسبته الكنيسه كأبن مضطهد بدل من تقديم النصح والمصابره والإرشاد القانونى إن وجد والتظلم  للدوله والقانون والعداله فنعود إلى المقوله :

فى العالم سيكون لكم ضيق وإضطهاد وظلم بدلا من تكوين لجان علمانيه وقانونيه للدفاع عن هذه الحالات ومتابعه نتائج التحقيق والمطالبه بالحقوق وعدم التنازل عن الحق حتى آخر نفس ,

بدلا من أن يعلو الصوت للمظلوم يدفعونه لقبول الظلم بالوعود السماويه الروحيه ,

وهكذا أصبح لكل من له أمل من منصب أو طريق  سياسى بلا أمل ,

وبقيت الكنيسه منتصره ظافره ووعودها حقه واحتفظت بمكانتها السياسيه التى فرضت عليها بطريقه خبيثه ودخلت السياسه وعجبها دورها السياسى والزعامى للأقباط !!

كيف وكل تعليق على الأحداث السياسيه يخرج من أباء الكنيسه الأجلاء أساقفه الكنيسه القبطيه الزاهدين فى كل شىء فى الحياه السياسيه والحياه الدينيه وهم بشر سمائيين أو ملائكه أرضيه وعجبها قوى وقوى جدا دورها السياسى بجانب دورها الدينى الروحى ولما لا؟؟ :

البحر يحب الزياده

لكن هل تعلموا من الكنائس الغربيه وبالأخص الكنيسه الكاثوليكيه إنها حينما دخلت السياسه تحولت إلى دمار وفشل وكارثه إيمانيه تحتاج ملايين الكتب لشرحها !!

ولكن مع الوضع فى الإعتبار أن الكنيسه الكاثوليكيه قد أكتشفت خطئها وقامت بإصلاحه وفصلت الدين عن السياسه وتقدمت إلى عصر النهضه والعلوم منذ ذلك التاريخ بما يعنى أننا نكرر تلك الأخطاء الآن بعد خمسمائه عام وهى الفارق الحضارى بيننا وبينهم بالسنين ,

ولكن هلا فقنا الآن لننهض بكنيستنا وببلدنا  بأن نفصل السياسه عن الدين فصلا تاما , 

لكن الكنيسه القبطيه هى الوحيده صاحبهالحقيقه المطلقه دائما !!!.

 .

( ديفيد رايت )

 

خبير فى السياسه الأوربيه