السبت ١٩ اكتوبر ٢٠١٣ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: مينا ملاك عازر
خاض الكثيرون من السادة الكتاب المتخصصين في الرياضة والغير متخصصين في الكتابة عن هزيمة المنتخب، وهناك من حللها فنياً، وهناك من كتب عن تجاربه في حضور المباراة، وهناك من تحدث عن مواقف الإخوان من الهزيمة، وهي بالمناسبة مواقف مخزية لمصريتهم، غير أنها غير مفاجئة لي ولا لأي إنسان، فهم الإخوان، وأدرك ما هي مصر بالنسبة لهم؟
فهي لا تزد عن نقطة وثوب لما هو أوسع، والكارثة أنهم لم ولن يتمكنوا مما هو أوسع لأنهم ببساطة لم يتمكنوا من الوثوب بما هو أضيق، ونعود لما تحدث عنه السادة الأفاضل، فقد أشار البعض منهم إلى تخاذل اللاعبين، وضعف المدرب، وقصور خطته، والزمالكاوية أشاروا من أطراف خفية إلى أنه من أجل تشكيل المنتخب الذي بدأ المباراة، كانوا من لاعبي الأهلي اللذين أنجزوا للأهلي ولكنهم لم يفعلوا لمنتخب بلادهم نصف ما فعلوه للأهلي في مباراياته الخارجية، وهناك من نبه إلى ضعف الحارس الذي كان والده وحش أفريقيا واندهش الكثيرون من عدم قدرة لاعبي الزمالك إحراز مئات الأهداف في حارس متواضع المستوى كهذا، فهو حارس لم يلتقط كرة عرضية واحدة!!!.
بعيداً عن كل هذا، بل بعيداً عن الكرة وأسباب الهزيمة التي اعتدنا نتحدث عنها بعد كل هزيمة، ولن أسميها بشيء أكثر من الهزيمة، فمأساويتها لن تُعلق بأحد إلا اللاعبين، فمصر بلداً كبير ذو تاريخ عظيم لا تمسه أو تهزه هزيمة كهذه لكن ما أريدك عزيزي القارئ أن تناقشني فيه، هو إذا ما كانت الفرحة يستطيع انتنصار منتخب أو فريق كروي صنعها وبثها في قلوب الناس؟ هل يمكن وسط بحر الدماء الهادر، وصرخات الأمهات الثكلى، ودموع الأبناء الأيتام، وحسرات الزوجات الأرامل، هل فوز كروي يمكنه محو أحزان مقدارها فاق قدرات البشر على التحمل؟ فأنا أذكر أنني كتبت منتقداً طفل يدعى مصطفى تمنى وهو يموت أن تحصل مصر على بطولة أفريقيا كان هذا وقت النظام الأسبق، وعاتبته ثم عدت واعتذرت له في مقال عنونته بعنوان "آسف يا درش" >
حيث أدركت حينها أن هذه هي أقصى أماني المصريين أن يفرحوا في ظل نظام كهذا النظام يحتفل بفوز منتخب بلاده ببطولة أفريقيا ومواطنيه يصارعون الموت في عرض البحر الأحمر وبين عربات القطارات وهكذا، وظننت أن ثورتين قامتا في البلاد لأكبر دليل على تغيُّر مشاعر الشعب، وأسباب أفراحه ودواعي أحزانه، ولكن يبدو أنني كنت مخطئ فيما ذهبت، فها هي آمال المصريين كلها تعلقت بأقدام لاعبين متخاذلين، وقد يكونوا متآمرين –ولا أستبعد هذا- لكي يصنعوا الفرحة في قلوب الثوار اللذن أسقطوا نظامين، وللأسف أن هذا الشعب الثائر لم يثر على نفسه، ويسقط أحلامه المعلقة بالكرة، وينتبه لأحلام أهم تتعلق بمستقبله، وهي أحلام إن تحققت تضمد جراح الثكالى والأيتام والأرامل، تضمد جراح مصابين بذلوا دماءهم لأجل الوطن ولم يضنوا بها عليه بعكس أولائك اللذين ضنوا بعرقهم عليه.
أعذروني أيها السادة، فأنا لا أستكثر عليكم البحث عن الفرحة التي بحثت معكم عنها حين جلست لمتابعة المباراة آملاً بهزيمة يمكن تعويضها في أرضنا أو تعادل محترم أو نصر لم أستبعده، استطاع نفس هؤلاء اللاعبين تحقيقه خارج الأرض بزي فريقهم المحلي –الأهلي- ولكنهم لم يفعلوه بزي علم وطنهم، على أي حال أنا فقط أحلم بأن تكون سبب فرحتنا أكبر من نصر كروي، وسبب حزننا شعور بأسر باتت تأن جوعاً وفراقاً في الأعياد.
المختصر المفيد الشعوب العظيمة ليست تلك التي تعلو فوق الأحزان بمسببات للفرحة أياً كانت، وإنما أيضاً تلك التي تصنع انتصارات كبرى تُفرحها وتشعر بآلام أفرادها.