بقلم : د.ماجد عزت إسرائيل
ولد المطرب"وديع يوسف يوسف جبرائيل فرنسيس"فى قرية "نيحا الشوف" فى الأول من نوفـمبر( 1921م)، فى أسرة فقـــيرة يتكون أفرادها من عــشرة أفراد،الوالدين وثمانية أبناء،كان "وديع"هو الأبن الثانى فى تريب الأبــــناء،تلـقى تعلــيمه فى مدرسة " ديــر المخــــلص الكاثوليكية" فى سنـة( 1930م)،عــــندما رحـلت الأســـــرة إلى مدنية (بيــروت) العاصمة اللــبانية، وفى عــــام (1933م) توقف عن التــــعليم،وتفرغ لتعــــلم الموسيقى والعمل بها  لمــعاونة الأسـرة فى زيادة دخلــها لمواجهة النفقات،والمــــساهمة فى تربية أشقائه الآخرين،وفى مسابقة نظمتها الإذاعة اللبنانية عام 1938م، فاز بالمركز الأول من بين أربعــين متسابقاً، بأغنية عنوانها "يا مرسل النغم الحنون"؛ لقــــوة وجمال صوته وتلحينه،وفى عام 1947م سافر لدولــــة البرازيل وقــــدم العديد من الحــــــفلات الموسيقية.

وبين عشية وضحاها ذاع صيته فى ضواحى بيروت ومدن  لبنان والعالم العربى، و كان له الـدور الرئيسى فى ترسيخ  قـــــواعد الغناء اللبناني وفــــنه، وفي نشر الأغنـية اللبنانية في أكثر من بلد، وأصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في لبنان فقط، بل في العالم العربي أيضًا، واقترن اسمه بلبنان وبجبـــاله المزينة بإشجارالإرزالجميلة، ومثلت أغنية "عاللّوما"، نقطة تحول في حـــــياته الفنية حيث أصبحت بمثابة التحية التي يلقيـها اللبنانيون على بعضهم البعض .

ومع بداية الحرب الأهليه اللبنانية، غادر"وديع الصافي" لبنان إلى مصر سنة (1976) التقى خلالـــــها بالعديد من المطربين والملحنين، بــعدها سافر بريطانيا ثم  إلى فرنسا واستقر فى باريس عام(1987م)، وكان سفره اعتراضًا على الحرب الدائــــرة في لبنان، مــــدافعًا بصوته عن لبنان الفن والثقــــافة والحضارة ومـعبرا عن ويلات الحرب والاغتراب عن الوطن،وتعرض بسبب حبه لوطنه لإزمة قلبيه في عام( 1990) ، خضع بسببها لعملية القلب المفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء.

وعرف عن "وديـــع الصافى" عشقه لمصر وحبه لها،وتعاون مع ملحنى مصر وعلى رأسهم "محمد عبد الوهباب" حيث غنى أغنيته الشهيرة"عظيمة يامصر يا أرض النعـم" التى لا تزال نسمعها بين لحـظة وآخرى،وخاصة فى أحــداث مصر الأخيرة ما بين( 25 يناير -30 يونيو 2013م) ولحب المصريين له منحه الرئيس الســــابق"محمــــد حسنى مبارك" الجنسية المصرية.بجانب جنسيته اللبنانية والفرنسية والبرازيلية.

ويعد "وديع الصافى" صاحب مدرسة متميزة فى الغناء، حيث كان أول مطرب عربي يغني باللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بمــــوال «عتابا» الذي أظهر قدراته الفنية وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي،وفى أحيا الحــــفلات في شتّى عــــواصم العالم العربية والأجنبية،ولهذا لُقبــه البعض بـ (صوت الجبل)، و(صاحب الحنجرة الذهبية)، وقيل عنه في معشوقته  مصر أنّه مبتكر"المدرسة الصافية" (نسبة إلى وديــع الصافي) في الأغنية الشرقية.

وأستغل "وديع الصافى"موهبته فى التلحين والغناء،لخدمة الجانب الروحى والدينى فى مجال الترانيم الدينية ،وذعيت شهرته فى ذات العمل، بل إذا جـاز التعبير قام بتطوير الترنيم والتسابيح الروحية،وقـــدم العديد من الإلبومات الروحية نذكر من هذه الـــــترانيم الشهيرة:اللهم،أنت عونى،إيها الرب إلهى،هوذا أبنى،لك التسبيح،قلب ربى،ربى تقـــبل،يا قلب الفادى،اليوم علق على خــــشبه،يا مريم البكر، ودائما ما كان يهلــــل للرب بصوت ملائكى عظيم

ولدوره المتميز فى مجال التلحين والغناء منحته "جـــامعة الروح القدس" بلبنان الدكتوراه الفخرية في مجال الموسيقى عام( 1991)،كما منحه الرئيس اللبــــناني" اميل لحود" وسام الأرز برتبة( فارس) وهو من أرفع الأوسمة في لبنان.

وبعد حياة مليــــئه بالكفاح والنجاح، رحل "وديع الصافى"عن عالمنا الفانى فى(11 أكتوبر 2013م) ،حـــــيث توفى فى مستشفى بالمنصورية بــ (لبــــنان) بعـد صراع مع المرض، نيح الله نفسه فى فـــــردوس النعيم و بين أحضان القــــديسين ،حيث كان مثلا يحتذى به،ورمـــزاً من رمــــوز لبنان وعالمنا العربى الحبيب