بقلم منير بشاى
فى مقال للاستاذ ماجد منصور فى جريدة الاسبوع تناول الكاتب موضوع ماذا يكون رئيس مصر القادم: هل يكون رئيسا ام زعيما؟ وقد كتبت معلقا على المقال المنشور على صفحات الانترنت هذا التعليق: "الشعب المصرى بين أمية وفقر ودوامة من الحوادث الفاصلة فى تاريخ الوطن لا يحس حاليا بالامان او الوعى الديمقراطى الذى يمكنه من شق طريقه بنفسه وصنع مستقبله. هو يحتاج فى هذه المرحلة الى زعيم وليس مجرد رئيس.وهو احساس طفل يتيم غرر به من كانوا مستأمنين على رعايته. الطفل الضعيف يحتاج الى ولى أمر يستأمنه ليحميه ويحتضنه ويعتنى به الى ان يصل به الى مرحلة البلوغ والمقدرة على الوقوف على رجليه ندا لند."
فى خلال اقل من ثلاث سنوات تبادل رئاسة مصر اربع رئاسات والخامسة فى الطريق.كان أولهم الرئيس مبارك الذى عزله الشعب فيما يسمى بثورات الربيع العربى. وكان السبب تردى احوال البلاد فى عهده خصوصا فى الفترة الاخيرة من حكمه التى اتسمت بمرضه وعجزه عن القيام باعباء وظيفته. هذا بينما كان شغله الشاغل توريث الحكم لابنه، وكان البلد قد اصبحت عزبة مملوكة له ولأفراد عائلته من بعده.
سلم مبارك الحكم للمجلس العسكرى الذى ارتكب اخطاء جسيمة فى حق مصر فلم يبدأ خطوات علاج ما افسده حكم مبارك بل كان واضحا من البداية توجهاته الاخوانية فيما تم صياغته من اعلان دستورى معيب اشرف عليه المستشار الاخوانى المعروف طارق البشرى ثم افساح المجال للاخوان بالدخول التدريجى للسلطة لتتم سيطرتهم الكاملة على الحكم بعد تسليم الحكم لهم على طبق من فضة رغم ما يشاع انهم لم يكونوا الفائزين بالانتخابات.
حكم الاخوان مصر سنة كاملة كانت هى الاسوأ فى تاريخ مصر. وظهر غبائهم السياسى فى انهم لم يضيّعوا دقيقة واحدة فى العمل من اجل مصر ولو من قبيل التمويه. ولكن كان هدفهم من البداية هى اخونة الدولة كخطوة أولى نحو تحقيق وهم الخلافة الاسلامية العالمية التى يتم فيها تذويب مصر ثم تلاشيها من الوجود طبقا لأيدلوجيتهم التى تقول "طظ فى مصر واللى جابوا مصر".
ولكن الشعب المصرى الذى ثار يوم 25 يناير 2011 على اداء الرئيس مبارك اضطر الى القيام بثورة اخرى يوم 30 يونيو 2013 لتصحيح مسار ثورته الأولى. وبالاستعانة بجيش مصر العظيم بقيادة الفريق اول عبد الفتاح السيسى تمكن من ازاحة هذا الكابوس وطرد الاخوان من الحكم ثم حل هذه الجماعة وتجميد ارصدتها ومحاكمة قادتها.
استلم الحكم بعدها حكومة مؤقتة برئاسة المستشار عدلى منصور للتجهيز لكتابة دستور يصحح اخطاء ما سمى بدستور الاخوان وكذلك التجهيز للانتخابات البرلمانية وانتخابات رئيس الجمهورية القادم. فيما عدا ذلك فمع انها كانت افضل كثيرا عن ما سبقتها الا انه يؤخذ عليها انها تتحسس طريقها ببطء شديد وتخشى مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرارات الجريئة.
الان تجد مصر نفسها مرة اخرى بصدد انتخاب رئيس جديد. وبعد محاولات كثيرة سابقة غير موفقة ادت الى نكسات خطيرة لم يعد امام مصر فرصا كثيرة لتضيعها. لقد استنفدت مصر كل فرصها فى الفشل، والنجاح فى الاختيار فى المرة القادمة ضرورى ضرورى ضرورى لأنه لم يعد هناك مكان للتراجع اذا لا قدر الله كانت النتيجة هو نكسة أخرى.
ترى من سيكون رئيس مصر القادم؟ واى نوع الحكام سيكون؟
منذ فترة كتبت مقالا عنوانه "السيسى لمنصب أتاتورك مصر" وحديثا كتبت مقالا عنوانه "حاكم قوى وديمقراطية لها انياب" ففى اعتقادى ان الوطن فى هذه المرحلة لا يستطيع ان ينجو به حاكم ضعيفمتردد ولكنه يحتاج الى حاكم قوى يخافه كل من يكون لديه اغراء المساس بهيبة الدولة ولكن فى نفس الوقت يحبه ويحترمه ويحس معه بالامان كل من يلتزم بالقانون.
المشكلة انه لا يوجد على الساحة من الساسة المحترفين من يمكن ان ينطبق عليه هذه الصفات. فنحن بين اناساما انهم غير مؤهلين او معروفة توجهاتهم الاخوانية أو ممن يباعدون نفسهم عن الاخوان ولكننا نعلم ان لهم صلة خفية بهم سيعلنوها متى وصلوا للحكم.
الرجل الذى يعطى مصر الكثير من الأمل ما يزال هو الفريق عبد الفتاح السيسى. ولكن ما تزال المشكلة هى عزوفه عن هذا المنصب. ولعل هذا ما يعطى جماهير الشعب التصميم على اختيار هذا الرجل الذى يبدو انه غير راغبفى السلطة بل هو زاهد فيها. وربما السبب فى تردد الرجل فى قبول هذا المنصب هو خوفه من مقاومة العالم الغربى له عندما يظنون انه قد ثبت لهم ان الرجل قام بانقلاب عسكرى اقصى فيه الاخوان ليحل هو محلهم..
ولكن الدليل الذى سيثبت حسن النوايا ان السيسى اذا قرر الدخول فى المعركة الانتخابية فانه سيدخلها بعد التقاعد وخلع الزى العسكرى والانضمام الى احد الاحزاب السياسية. وستكون المنافسة حرة نظيفة شفافة ولا مانع من ان تراقبها المنظمات الحقوقية العالمية. الحكومة ستكون مدنية مائة فى المائة. ودور الجيش سيستمر على ما كان عليه دائما وهو من يحمى الوطن وليس من يحكمه. ووجود رئيس من خلفية عسكرية ليس بدعة بل هو موجود فى كل بلاد العالم.
النجاح فى المرحلة القادمة فى غاية الاهمية ويبدأ باختيار الرئيس القادر على قيادة البلاد. اللهم أعن بلادى وهى تسعى للخروج من أزمتها وهيأ لها من يمسك بيدها ويقودها الى بر الأمان.
Mounir.bishay@sbcglobal.net