الأقباط متحدون - من ماسبيرو إلى السيسي هل نسى الأقباط دماء شهداءهم؟
أخر تحديث ١٢:٣٤ | الاربعاء ٩ اكتوبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣٢٧٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

من ماسبيرو إلى السيسي هل نسى الأقباط دماء شهداءهم؟

البابا تواضروس والفريق السيسي
البابا تواضروس والفريق السيسي
بقلم: إيليا مقار
منذ عدة أسابيع، وعلى صفحتي على الفيس بوك، سألني أحد شباب الإخوان بخبث وسماجة إخوانية معهودة، عن سبب مساندتنا –كأقباط- للجيش الأن رغم بكاءنا وهجومنا المتواصل على المجلس العسكري بعد مذبحة ماسبيرو، ولم ينتظر الشاب طويلاً - أو هكذا قال- حيث كتب أنه لا ينتظر مني رداً لأنه لا يريد الدخول في نقاش عقيم!
 
والحقيقة إنه وإن كان هدف السؤال هو محاولة لإحراجنا كأقباط نفسياً وربما توقع الشاب أنني نكست رأسي خجلاً من موقفنا كأقباط وقد ذكرنا بشهداءنا، وربما توقع أن بسؤاله هذا قد أنضم له كقبطي ضد "الإنقلاب"، إلا أن السؤال في حد ذاته يستوجب التأمل بصرف النظر عن خبث السائل.
 
هل حقاً نسينا -كأقباط -دم مينا إبراهيم دانيال جيفارا الثورة؟ هل نسينا دم عم مجدي وعم عيسي؟ هل نسينا بيتر ومايكل مسعد وشحات وهادي ووائل وايمن صابر وبقية الشهداء والمصابين؟ هل نسينا منظر مدرعات الجيش المتوحشة تطارد في إصرار أجساد شباب مسالم خرجوا مطالبين بالعدل في وطنهم؟ هل نسينا المجلس العسكري الذي تلطخت أياديه بالدم، ليس فقط جراء مسئوليته المباشرة عن تخطيط وتنفيذ المذبحة، بل وعن تبريرها أيضا بكل برود وسماجة في مؤتمر صحفي ظهرت فيه كل معاني بلطجة وإستبداد السلطة؟ هل نسينا كل هذا وتغلبت علينا رغبة البقاء فهرولنا لنصرة "السيسي" و "اللي فات مات"؟
 
الإجابة الشافية الكافية هي "لا"، لم ننس ولن ننس. والحقيقة أن فهم موقف معظم المصريين بوجه عام من "الجيش" يساعدنا على فهم موقف الأقباط.  فالشعب الذي طالما إنتقد المجلس العسكري السابق لمؤامرته المفضوحة لتسليم البلد للإخوان، هو أيضا الشعب الذي يرفع صورة السيسي الأن ويعتبره مخلصاً ومنقذاً رغم أن السيسي كان أصغر أعضاء المجلس العسكري قبل حكم الإخوان. 
 
الأقباط مازالوا يرون أن المشير طنطاوي وحمدي بدين قائد الشرطة العسكرية في ذلك الوقت وحسن الرويني قتلة ملطخة أياديهم بدم أبناءهم وإخوتهم، ومازالوا يتوقعون أن تُفضي مصر الجديدة الى قائد يفتح ملفات الخيانة والدم ويقدم هؤلاء القتلة لمحاكمة عادلة تبرد قلوب الأٌسر المفجوعة. 
 
أزعم أيضاً، أن موقف الكنيسة، قدم صورة جديدة لإندماج الكنيسة في المجتمع، وترفعت الكنيسة عن الامها الخاصة وقررت أن تساند الجيش الذي ساند مطالب الشعب بالتخلص من رئيس وجماعة متطرفة، ولا أعتقد أن البابا تاوضروس كان يتبع هنا موقف تاريخي للكنيسة في إتباع السلطة والخضوع لها مهما كانت، فقداسة البابا لم يتوان عن إنتقاد مرسي بوضوح حين كان رئيساً وذلك بعد الإعتداء علي الكاتدرئية وبعد حاثة "الخصوص" وقدم المجلس المللي في حينها بياناً قوياً لم يسبق له مثيل في تاريخ الكنيسة أرّخ لفطم الكنيسة عن الدولة. الكنيسة قدمت نفسها كجزء من الحركة الوطنية وهي تعلم أنها ستكون أول من يدفع ثمن الحرية وهو ما يحدث منذ 30 يونيو وحتي الأن. 
 
أزعم أيضا أن الأقباط -كغيرهم من المصريين المساندين للثورة- يحملون تقديراً تاريخياً لموسسة الجيش أكبر مما يحملونه لأي من مؤسسات الدولة الأخرى، وبالرغم من أن الأقباط يعانون من التمييز في المؤسسة العسكرية إلا أنهم يرون أنها المؤسسة الأكثر حرصاً على أن تبقى مدنية وبعيدة عن توغل المتطرفين في مفاصلها. ولذلك رأوا أن ما حدث في ماسبيروا -علي دمويته- هو خطيئة أفراد من المجلس العسكري وليس خطيئة للجيش كمؤسسة، وأن  المشكلة نبعت من قيادة فاسدة مدلسة وجهت أسلحتها الي صدور شباب الثورة كما وجهتها لصدور شباب الأقباط، وحاولت قمع الأصوات الباقية المطالبة بإستكمال مسار الثورة ضمن مؤامرة لتسليم مصر جثة هامدة للإخوان. 
 
ألاقباط يرون الإخوان فصيل دموي متطرف حرض علانية على الأقباط خلال حكم الإخوان وأسرف في إهانتهم وتحقيرهم وملاحقتهم. الأقباط لديهم أجهزة إستشعار طورها التاريخ تستشعر أيديولوجية الحاكم وقناعاته وموقفه منهم بصرف النظر عن خطابه الذي قد يكون معتدلاً لذلك لم يقعوا في الخطأ الذي وقع فيه مراهقي الثورة مع إنتخابات الرئاسة، ولم يكن بينهم عاصري ليمون، الأقباط يعلمون أن مرسي كالشاطر كأبوا الفتوح كالمرشد، لهم نفس الأيديولوجية ونفس المنهج ونفس الخطاب حتي وإن إختلفت "البدل" التي يرتدونها، بينما في مؤسسة الجيش، يختلف طنطاوي عن أبو غزالة عن الفريق السيسي حتي وإن إرتدوا نفس "البدلة".
 
وأخيراً، تفويض الأقباط للسيسي -كتفويض الشعب المصري كله الذي خرج في 30 يونيو ضد حكم الإخوان- هو تفويض مشروط ومرتبط بنتيجة وهدف واحد، هو تصحيح مسار الثورة بإقامة مجتمع مدني ديمقراطي يكون لجميع المواطنين فيه نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، فإن تحقق هذا الهدف، تحقق العدل لدماء شهداءنا في ماسبيروا وإرتاحوا في سلام عالمين أن دماءهم ساهمت في فتح ابواب الحرية والعدل حتي وإن لم يحصلوا هم عليه.
 
منسق حركة جذور- كاليفونيا
info@gzoor.org
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع