الأقباط متحدون - من يهن يسهل الهوان عليه
أخر تحديث ٠٩:٠٣ | الاثنين ٧ اكتوبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٢٧ | العدد ٣٢٧٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

من يهن يسهل الهوان عليه

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم : د.عبدالخالق حسين

عنوان هذا المقال مقتبس من صدر بيت شِعر للشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي حين قال:
من يهن يسهل الهوان عليه....... ما لجرح بميت إيلام
هذه الحكمة تنطبق كلياً على وضعنا العراقي البائس في علاقاته مع الحكومات العربية "الشقيقة". وقد ضعتُ كلمة الشقيقة بين قويسات التنصيص " "، لأنها تعني عكس معناها القاموسي، إذ صارت تعني للعراقيين أسوأ من داء الشقيقة (الصداع النصفي)، والعياذ بالله!

جاء في الأخبار، وأغلبها أخبار سيئة في هذا الزمن الأغبر، أنه عندما يدخل المسافر العراقي إلى الأردن يواجه أسئلة محرجة ومذلة من قبل المسؤولين الأردنيين في مداخل الحدود، ومنها على سبيل المثال: "هل أنت سني أو شيعي، وهل سافرت إلى إيران؟". لم يخطر على بالي أن الأردن الذي يصنف الغربيون حكومته بالليبرالية (ما شاء الله!)، أن يتصرفوا بهذا الأسلوب المخجل مع ضيوفهم من المسافرين، طبعاً مع العراقيين فقط.

هذه المعاملة الهمجية إن دلت على شيء فإنما تدل على تخلف هؤلاء، وأنهم يمارسون العصبية الطائفية والتي هي أسوأ من جميع أنواع العصبيات القبلية البدوية، والعنصرية والفاشية. كما وسمعنا أسوأ من ذلك مثلاً عندما ينفق (أو يفطس) أحد الإرهابيين الأردنيين مثل الزرقاوي وغيره في العراق تقيم عشيرته حفلات الأعراس وتقديم التهاني بدلاً من مجالس العزاء، ويجعلون من نفوقه في العراق مناسبة استقباله من قبل الرسول على بوابة الجنة، وزفافه على 72 عذراء!! مكافأة لهم على قتله أبناء شعبنا من "الصفويين الروافض!!" على حد تعبيرهم.

وقبل ذلك بفترة اطلعتُ على تقرير عما يعانيه أطفال الصابئة المندائيين العراقيين في الأردن من مضايقات في المدارس الأردنية ومعاملتهم كفجار وكفار، علماً بأن الأمم المتحدة تدفع مبالغ كبيرة للأردن مقابل قبوله اللاجيئن العراقيين، إضافة إلى ما تقدمه الحكومة العراقية من مساعدات اقتصادية كبيرة.
المؤسف هو سكوت الحكومة العراقية عما يرتكبه الأردنيون بحق العراقيين. فرد الفعل اليتيم الوحيد الذي اطلعتُ عليه من المسؤولين العراقيين هو ما صرح به النائب الشيخ همام حمودي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في كلمة له نشرها على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، قائلاً: "اننا نقول للأردن و بقوة ان النفط الذي تأخذونه من الجنوب وتهينون ابناءهم لديكم بعنوان أنهم شيعة، ويزورون إيران، غير مقبول"، و"أننا سيكون لنا موقفا من الأردن إذا استمرت معاملة العراقيين غير الجيدة عند دخولهم أراضيها".

والجدير بالذكر، أن الحكومة الأردنية "كانت قد رحبت في وقت سابق بقرار العراق منح المملكة مساعدة بقيمة 25 مليون دولار على شكل كميات من النفط الخام." ربما كان ذلك مقابل الإهانات التي قدمتها  المملكة الأردنية للعراقيين.

ولم يقتصر تساهل الحكومة العراقية مع من يذل العراقيين ويهينهم في الخارج، بل وحتى في الداخل هناك تساهل مع الإرهابيين البعثيين الطائفيين الذين يرتكبون حرب إبادة الجنس ضد الشيعة بغطاء القاعدة، وبحجة أنهم يدافعون عن "السنة المهمشين" على حد إدعائهم، فهناك تساهل غريب وعجيب إلى حد الإذلال، الأمر الذي شجع الجناة وإعلامهم في الإمعان بجرائمهم. لقد أكدنا مراراً أن ما يسمى بالقاعدة والدولة الإسلامية في العراق، وغيرها من تنظيمات الإرهابية ما هي إلا تنظيمات إرهابية بعثية.

إن البعثيين ليسوا ضد الشيعة فحسب، بل وحتى ضد أهل السنة الذين يرفضون مجاراتهم في جرائمهم، لذلك نسمع عن نشاطاتهم الإرهابية في المناطق السنية مثل تكريت وعنة وراوىَ وغيرها في هجومهم المتكرر على المؤسسات الحكومية، بل وحتى تفجير مساجد أهل السنة في ديالى لأنهم أدوا صلاة مشتركة مع الشيعة كإشارة منهم ضد الإرهاب الطائفي.

لقد طالبنا الحكومة بأن تعامل البعثيين بنفس الطريقة التي يعامل البعثيون خصومهم. فالعراق في حالة حرب الإبادة، يواجه عدواً شرساً لا يقيم لحياة الإنسان أية قيمة، ويتمتع بإعلام قوي متمرس في التضليل، ويرتكب أبشع الجرائم ليلقي التهمة على الحكومة وبدعم من الإعلام المضلل.
فالحكومة لديها دستور يحرم التحريض الطائفي والعنصري فلماذا تسكت عن العاملين في صحافة التضليل مثل صحيفة المدى وقناة الشرقية والبغدادية وغيرها؟ أليس من واجب الحكومة تقديم هؤلاء إلى العدالة ليلقوا جزاءهم العادل؟ أية دولة ديمقراطية عريقة تسكت عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية تمارس الكذب والتضليل والتحريض الطائفي والعنصري؟
وحتى البعثيون وإعلامهم استغلوا تساهل الحكومة مع الإرهابيين لصالحهم إذ بعد كل عملية إرهابية يرتكبونها، يشن الإعلام البعثي وحلفاءهم هجوماً والإدعاء بأن الحكومة ضعيفة لا تستطيع مواجهة الإرهاب وحماية أرواح الناس وممتلكاتهم، بل و تدعي أن "مليشيات" الحكومة هي التي تقوم بالتفجيرات. فنحن في زمن يسمى الجيش العراقي بالمليشيات، وتنظيمات الإرهابيين بالجيش الشرعي!!!

وبودنا أن نذكر رئيس الوزراء السيد نوري المالكي أنه لما قام بـ(صولة الفرسان) عام 2008 وأنقذ أهل البصرة ومدينة الصدر من شرور الجيش المهدي لقي ترحيباً حاراً من الشعب، كسب على أثرها شعبية واسعة. واليوم يقوم المجرمون من فلول البعث باسم القاعدة بقتل أبناء شعبنا الأبرياء في اللطيفية وغيرها من مناطق مثلث الموت، والجيش العراقي وبقية الأجهزة الأمنية أقوى بعشرات المرات مما كان عليه عام 2008، لذا فالمطلوب من القائد العام للقوات المسلحة بالقيام بصولة فرسان أخرى في هذه المناطق وسحق الجناة. فالقتل يجري في مثلث الموت على الهوية الطائفية يومياً، ففي عملية واحدة تمت إبادة عائلة شيعية من 18 شخصاً. وبعد أيام من تلك الجريمة المروعة أفادت الأنباء عن تهجير نحو مائتين عائلة شيعية بتهديد من "القاعدة"، أنذروهم إما أن يرحلوا ويتركوا كل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة كغنائم حرب، أو يبادوا عن آخرهم . فاختاروا الهجرة وتم اقتلاعهم من مناطق سكناهم لأسباب طائفية ليس غير. الغرض من هذه الجرائم هو التطهير الطائفي وتفريغ المناطق المختلطة من الشيعة إما عن قتلهم أو إرغامهم على الترحيل. هذه الجريمة استغلت من قبل أحد مرتزقة (المدى) ليكتب مقالاً يذرف فيه دموع التماسيح ليشن هجومه لا على الإرهابيين، بل على الحكومة بأنها ضعيفة لا تقوى على مواجهتهم وحماية أرواح الناس. كلمة حق أريد بها باطل.

ونحن لا ننكر تضحيات الجيش والأجهزة الأمنية وبطولاتهم في مقارعة الإرهاب، ولكن من حق المواطن أن يسأل، لماذا صمت الحكومة عن الكثير من الجرائم التي حصلت في اللطيفية؟ وما الغرض من وجود جيش وقوات أمنية تضم نحو مليون عنصر؟ لماذا لا تقوم هذه القوات بعمليات صولات فرسان أخرى لتطهير المناطق الموبوءة وكل العراق من الإرهابيين؟
لعل إقدام المالكي على صولة الفرسان ضد جيش المهدي لأنهم شيعة، فلا يتهمه أحد بأن حملته كانت بدوافع طائفية ضد السنة، الاتهام المحتمل توجيهه للمالكي فيما لو شن هجوماُ على فلول البعث/القاعدة في المحافظات السنية. ولكن هذه التهمة يجب أن لا توقف القائد العام من القيام بواجبه لحفظ أرواح الناس، فحتى في حالة الهجوم على جيش المهدي (الشيعي) لم يسلم المالكي من اتهام من نوع آخر، إذ اتهموه بأنه حارب الجيش المهدي ليزيح التيار الصدري المنافس له في المناطق الشيعية!!. ولكن أثبت الزمن تفاهة وسخف وهراء هذه التهمة. وبنفس المنطق نقول، على السيد المالكي أن يقوم بحملة أخرى ضد فلول البعث ولا يخاف في الحق لومة لائم، ومهما شن الإعلام البعثي القاعدي ومن ورائه من الإعلام العربي من ضجيج طائفي. فأهل السنة تم اختطافهم من قبل فلول البعث والقاعدة، وهم أيضاً يطالبون بإنقاذهم من شرور تحالف الإرهابيين البعثيين والقاعدة، وأفضل دليل على ذلك، ما ذكره الدكتور سعدون الدليمي بصفته وزير الدفاع بالوكالة، عن مطالبات أهل الموصل والأنبار وتكريت له لخلاصهم من ابتزاز البعثيين. 

وبالعودة إلى ما يتلقاه العراقيون من إذلال وإهانات على أيدي الأردنيين، ومقابل هذه الإهانات تقدم الحكومة العراقية مساعدات اقتصادية للحكومة الأردنية، الأمر الذي جعل إهانة العراقيين من قبل الأردن، وشن حرب الإبادة ضدهم من قبل البعثيين المتحالفين مع، والمتسترين وراء "القاعدة" أمراً سهلاً يتمادون فيه.

لقد وقع البلدان (العراق والأردن) في التاسع من نيسان الماضي اتفاقية إطارية لمد أنبوب لنقل النفط الخام العراقي من البصرة، جنوب العراق، إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة. وكان العراق قرر في 27 تشرين الثاني من العام الماضي تقديم مئة ألف برميل مجانا للأردن بهدف مساعدته في أزمته الاقتصادية. ويستورد الأردن حاليا حوالى عشرة آلاف برميل من النفط العراقي الخام وبأسعار تفضيلية {بفارق يقل عن 18 دولارا عن السعر العالمي للبرميل} وهي كميات تشكل 10 في المئة من احتياجاته النفطية التي يستورد معظمها من السعودية.
لا شك أن هذا الكرم الحاتمي العراقي للأردن جعل الأردنيين يتمادون في إهانة العراقيين.

الشعب العراقي وبالأخص المكون الشيعي منه، يواجه حرب الإبادة على أيدي البعث القاعدي، ومن الخطأ معاملة الإرهابيين كجناة عاديين، بل يجب معاملتهم كمجرمي حروب الإبادة، وهذا يعني على الحكومة العراقية ضرب الإرهاب في الداخل بيد من حديد، ومنح القوات المسلحة والأجهزة الأمنية صلاحية إبادتهم عند المواجهة، وتنفيذ حكم الإعدام بهم فور صدور حكم القضاء بحقهم دون تأخير أو تسويف.
كذلك يجب معاملة "الأشقاء" العرب بمثل ما يعاملون العراق، فهؤلاء يفسرون المعروف ضعفاً.
إذ كما قال زهير بن أبي سلمى قبل نحو 1400 سنة :
من يصنع المعروف في غير أهله... يكن حمده ذماً عليه ويندمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط ذو علاقة بالموضوع:
الشيخ حمودي يستهجن رفض الاردن لدخول العراقيين الشيعة اراضيه ويقول انه امر غير مقبول
http://alakhbaar.org/home/2013/9/154201.html
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع