بقلم : سليمان شفيق
منذ لحظة وعيى الأول بالكنيسة فى نهاية خمسينيات القرن الماضى، كانت الكنيسة هى المكان الذى نتقبل فيه الأسرار المقدسة والتعليم، وكان الكاهن لا يسمى رجل دين، بل يطلق عليه «رجل الله» وكان يزورنا مرة فى الشهر، وكنا نقف جميعا فى انتظاره وفور دخوله تقول له جدتى: «احنا زارنا المسيح»، ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن تربى جيلى على أن يستمد من الكنيسة الروح والسمو، وأن تستمد الكنيسة مكانتها فى العالم من خلال مكانة شعبها العلمية والوظيفية والمالية، هكذا عاش الأقباط منذ دخول المسيحية مصر وحتى منتصف السبعينيات من القرن الماضى، فى مطلع القهر والتمييز الذى مارسته الجماعات المتطرفة على المواطنين المصريين الأقباط، ومن وقتها انكفأ الأقباط اضطراريا داخل أسوار الكنيسة التى تحولت إلى بديل موضوعى لتلقى الخدمات من الصحية حتى
الرياضية، وظهرت نخب إما «نسكية، أو انعزالية، أو انتهازية»، وأصبحت الكنيسة التى تعطى المكانة لمواطنيها فى العالم وليس العكس، تقدم بدائل للحياة الاجتماعية، وترشح للمناصب السياسية، وحتى الهجرة تساعد عليها، وظهرت ألقاب مثل «محامى الكنيسة، ومستشار الكنيسة، ومفكر قبطى» واستطاع هؤلاء أن يخلقوا حاجة من الأكليروس لهم، وعرف منهم الانتهازى الذى يعلم الجميع فساده ولكنه يجلس فى الصفوف الأولى فى الأعياد وتجده فى البلاط البابوى،
\واستطاع أمثال هؤلاء أن يستقطبوا للفساد موظفين كنسيين ومهنيين من حاملى الألقاب الجديدة ومن المتطفلين على الأكليروس، ولكن ثورة 25 يناير قلبت موازين القوى وظهرت الحركات القبطية وقدمت تلك الحركات عشرات الشهداء فهرع هؤلاء الانتهازيون إليها محاولين استثمار دماء الشهداء فى القفز على قيادة تلك الحركات طمعا فى الوصول للسلطة السياسية، هرع الانتهازيون إما لجمع التبرعات، أو إلى المسؤولين فى محاولة لحصاد ما زرعه الأبطال من «المعترفين الجدد» على حد تعبير الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا، وهذا الأسبوع تسلل من جديد أحد أشهر الانتهازيين الأقباط إلى الكنيسة وإلى إحدى أشهر الحركات
القبطية، عبر محام عرف بطيبته التى تصل إلى حد السذاجة، وموظف كنسى برتبة خادم، وحاول هذا الانتهازى الكبير عبر قلة خبرة هؤلاء، الوصول للكنيسة عبر القصر الرئاسى، لولا العناية الإلهية، والغريب أن هؤلاء غافلون عن أخطائهم على الرغم من كثرة الشهود الذين إما نشروا تلك الواقعة أو مستعدون لذلك! كان الله فى عون قداسة البابا الأنبا تواضروس الثانى وحماه من شر الفاسدين الأقباط، أما «أعداؤه» فهو يصلى من أجلهم وكفيل بهم، ويا أشقاءنا الطيبين الساذجين من اعترف بخطاياه فالله أمين وعادل.