الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠١٣ -
١٣:
٠١ م +02:00 EET
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (457)
بقلم: يوسف سيدهم
ما تزال مصر تخوض معركتها مع الإرهاب وهي معركة شرسة بجميع المقاييس لأنها مع عدو تجرد من كل معايير الشرف والوطنية... عدو لا يتورع أن يوجه رصاصاته الغادرة لمواطنين أبرياء عزل أو رجال شرطة يقومون بواجبهم في فرض الأمن وترسيخ سلطة القانون. رأينا ذلك في اقتحام قوات الشرطة قرية دلجا في المنيا ومن بعدها كرداسة في الجيزة لتطهيرهما من عناصر الإرهاب
ما تزال مصر تخوض معركتها مع الإرهاب وهي معركة شرسة بجميع المقاييس لأنها مع عدو تجرد من كل معايير الشرف والوطنية... عدو لا يتورع أن يوجه رصاصاته الغادرة لمواطنين أبرياء عزل أو رجال شرطة يقومون بواجبهم في فرض الأمن وترسيخ سلطة القانون. رأينا ذلك في اقتحام قوات الشرطة قرية دلجا في المنيا ومن بعدها كرداسة في الجيزة لتطهيرهما من عناصر الإرهاب التي سيطرت عليهما زهاء الشهر بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة, ولم يكن من الممكن السكوت علي ما فعلته في أهالي المنطقتين وممتلكاتهم وما فرضته من رعب وإذلال وسطو وتدمير حتي كادت من فرط غرورها تتصور أنها بمنأي عن سلطة الدولة أو أن في إمكانها عزل كل من دلجا وكرداسة وأخذ سكانهما رهائن.
لكن مثلما حدث -ومازال يحدث- في سيناء جاءت المواجهة بين الدولة والإرهاب في دلجا وكرداسة وتعهدت قوات الأمن ألا تغادر الموقعين قبل القضاء علي بؤر الفساد ومعاقل الإرهاب وتطهير الموقعين تماما وفرض الأمن وسطوة القانون. وذلك ليس بالأمر اليسير, فالواقع علي الأرض يشهد أنه بالرغم من اقتحام قوات الأمن لدلجا وكرداسة وفتحهما أمام سلطة الدولة إلا أن عناصر الشر ما تزال كامنة ممن لم يتم القبض عليهم ومازال الأهالي يتلقون تهديداتها بالويل والثبور وعظائم الأمور.
الكثيرون تنفسوا الصعداء بعد تحرير كرداسة ودلجا, لكن كما قلت المعركة مستمرة وبؤر الفساد والإرهاب والخروج علي القانون واللجوء للبلطجة والعنف أصبحت متفشية في المجتمع ويتحتم مواجهتها بكل صرامة, ويخطيء من يظن أن انتهاء المعركة ضد التطرف الديني والتأسلم السياسي سوف يضع حدا لمعاناة هذا البلد مع سائر أشكال العنف والخروج علي القانون, فما تزال هناك جماعات غير قليلة تروع المجتمع وتتحدي النظام والقانون دون أن يتصدي لها أحد, وأنا أعرف أن الأولويات تفرض نفسها وأن التصدي للإجرام في سيناء ودلجا وكرداسة كان علي رأس تلك الأولويات, لذلك اعتقد أن الوقت حان لطرح أمور مسكوت عنها في إطار تصدي الدولة للعنف والخروج علي القانون وفرض هيبة الدولة ضد الانفلات.
ما رأيكم في توحش من يطلقون علي أنفسهم الألتراس بجميع فروعه؟... ما رأيكم في الوايت نايتس؟ هل تذكرون جماعة البلاك بلوك؟... كل هذه المجموعات نشأت وتركت تنمو وتنفلت دون مواجهة حاسمة من جانب الدولة مثلها مثل جميع مشاكلنا التي تولد صغيرة يسهل التعامل معها لكننا نتركها تستفحل حتي تكاد تخرج عن حدود السيطرة وتتطلب مواجهتها جهودا جبارة... هل يتصور عاقل أن مجموعات من مشجعي فرق كرة القدم تقوم بتكوين روابط للتشجيع وتطلق علي نفسها أسماء وتتخذ لأعضائها زيا يعرفون به وتبدأ بمؤازرة الفرق التي تشجعها, ثم عندما تنزلق صور وأساليب تلك المؤازرة إلي مستويات حادة مقلقة لا يسارع أحد بالتصدي لها وإيقافها في الوقت المناسب؟... ألم يلتفت أحد إلي أن التسامح مع التجاوزات في تشجيع فرق الكرة -سواء التجاوزات اللفظية أو البدنية أو الاجتياح الفوضوي لملاعب الرياضة أو استخدام المفرقعات والصواريخ- سيكون من شأنه فتح الطريق علي مصراعيه لمزيد من الانفلات الذي حتما سيمتد خارج النوادي والملاعب إلي الشوارع والمباني العامة والطرق والكباري ووسائل المواصلات ومحطات مترو الأنفاق... وأخيرا المطارات؟!!!.
ما هذا الهزل وذلك التراخي في تعامل الدولة مع إرهاب الألتراس وزملائهم الوايت نايتس وغيرهم من الشباب المنفلت الذي أساء فهم الرياضة والتشجيع, بل اجتاح المجتمع مزهوا بنفسه ينشر العنف والإرهاب ويروع الآمنين ويحاول فرض إرادته ضد القانون؟!!.. إن الخطأ كل الخطأ أن الأندية فرحت بهم عند بدء ظهورهم واعتقدت أنهم سيكونون سندا لفرقها في المدرجات, وأغمضت عينيها عن انفلاتهم ولم تر فيهم استنساخا لمجموعات الهوليجانز التي أفرزها دوري كرة القدم الإنجليزي, تلك المجموعات الغوغائية التي تثير العنف والفوضي أينما حلت سواء في إنجلترا أو في دول أوربا, لكن أصبح الأمن يقف لها بالمرصاد ويتعامل معها بكل صرامة قبل أن تنفث سمومها أينما حلت, بل إن بعض الدول الأوربية منعت دخول تلك المجموعات إلي أراضيها تماما.
الآن توحشت مجموعات الألتراس والوايت نايتس وكشرت عن أنيابها فبدأت ترسل تهديداتها لكل من لا يحلو لها وتنطلق تتحرك بحرية غريبة عبر الطرق والميادين وتعرقل المرور وتروع الأبرياء وتجتاح المباني!!... وهي معذوره في كل ذلك لأنها لا تجد من يوقفها عند حدها ولا من يتصدي لها!!... هل ما تزال الدولة نائمة غائبة عن هذا الواقع الفاسد البائس؟... هل ما يزال الأمن ينظر إليها علي أنها أمر داخلي بين الأندية ومشجعيها؟... أرجو أن نفيق.