الأقباط متحدون - التعليم ووزير قرر المواجهة
أخر تحديث ٠٠:١٦ | الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٩ | العدد ٣٢٦٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

التعليم ووزير قرر المواجهة

بقلم : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
 
أذكر أنني كتبت مقالاً غاضباً بجريدة الأخبار حول تردي أحوال التعليم في زمن ولاية الدكتور حسين كامل بهاء الدين ، وتوقفت فيه بشكل رئيسي عند ظاهرة "المدرسة الطاردة" ، وحدوتة مراكز الدروس الخصوصية التي تُعلن بكل صفاقة عن أساتذة يغتصبون ــ مع سبق الإصرار ــ أمان الأسرة المصرية الاجتماعي ، يعلنون بكل ترخص مهين للمهنة وبشكل غير تربوي " فلان صاروخ الكيمياء " وعلان "أسد الجغرافيا" وثالث "امبراطور الإنجليزية" .. ولا تسأل من يمنحهم تصريح العمل ؟ .. من يراقب مراكزهم ومطبوعاتهم وإعلاناتهم ؟ .. لماذا قرر هؤلاء إخلاء المدارس لصالح مشروعهم الاستثماري ؟..
 
وتعجبت في مقالي لالتزام كل المدارس في ذلك الحين بتعليمات الوزير بوضع لافتات في مداخلها " مدرستي جميلة نظيفة متطورة منتجة ... الخ" ، و بمجرد أن تدلف من باب أي مدرسة لاتجد من مظاهر الجمال والنظافة والإنتاج أي أمارات تشير إلى سعي إدارة المدرسة إلى تهيئة المناخ العام لتحقيق أمنية الوزير ووزارته سوى وجود اللافتة باعتبارها إعلان لغسل الأيادي من جانب الإدارة .. 
 
أما تصريح الوزير المتكرر فكان "التعليم مشروع أمن قومي" وهي جملة كانت كحبة الدواء الموصوفة قبل الأكل 3 مرات يومياً ، بينما أحلامنا في تطوير مؤسساتنا التعليمية ومنتجها الإنساني والفكري هي دائماً أحلام مجهضة !!!
تلك كانت أبرز ملاحظاتي الغاضبة في مقالي ، وفي ظهر يوم النشر كانت مكالمة الوزير ، وقال لي أنه يود أن يوضح لي أمور غير واضحة لي ودعاني لمقابلته محدداً الموعد ، وفي المقابلة شرح الرجل بإسهاب وموضوعية ما يقابله من ضغوط وتحديات بداية من ديوان عام الوزارة ، وبعض قيادات الوزارة الغير جاهزة للتطوير ، ومروراً بأصحاب الفكر الرجعي والمتشدد الطائفي ، ووصولاً لأولياء الأمور ، بعد أن قدموا ألاف الشهادات المرضية المزورة لأولادهم وبناتهم ليتفرغوا لمتابعة برامج مراكز الدروس الخصوصية في ظاهرة يرتكب فيها الأهل جريمة عبر سلوك غير تربوي حيث التشارك مع أولادهم في ممارسة الكذب والتزوير ، وأهداني الوزير كتابه الهام "في مفترق الطريق" الذي يرسم خطط إصلاح موضوعية لتطوير عمل وزارته.. قال د. بهاء الدين أنه الوزير الذي بنيت في عهده أكبر عدد من المدارس ، وأنه الوزير الذي حاول بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية لوضع منهج يجمع القيم المشتركة للأديان بمسمى " الأخلاق" ، وفي عهده استطاع إلغاء الفترة الثالثة والثانية في عدد هائل من المدارس ..
 
تذكرت ذلك اللقاء والتحديات التي واجهت د. حسين كامل بهاء الدين ، وشعبنا العظيم خارج لتوه منتصراً من معركة مع قوى التخلف الحضاري التي حكمت بلادنا والتي تمثلت في جماعة الإخوان ومن لف لفها ، والتي اتخذت من الخطوات الأكيدة لتغيير الهوية المصرية وأغلبها وأخطرها في مجال التعليم ..
 
وعليه كانت مأمورية الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الحالي بالغة الصعوبة والتعقيد  لتعيينه بعد وزير أجرى الكثير من الإجراءات في مجال تغيير المناهج الذي وصل إلى حد اللعب بالحذف والإضافة لنص رواية              " الأيام " لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وإضافة ما يقدم جماعة الإخوان المسلمين بشكل كاذب ، فضلاً عن أخونة قيادات الوزارة والنظم المتعارف عليها في إدارة المدارس ودعم المدارس التابعة للجماعة..
ولكن الوزير كان كزميله وزير الأوقاف صاحب قرار سريع وإيجابي على عكس وزارات أخرى لا زالت مرتبكة تبحث عن حلول بأياد تهتز خوفاً بدون سبب .. قام الوزير بإلغاء قرار سلفه الخاص بإلغاء الشهادة الابتدائية ، وأصدر قراراً بإعفاء طلاب المدارس الحكومية من المصروفات المدرسية ، وقراراً بعودة الوجبة الغذائية وبشكل مدروس يساهم في دعم صحة فلذات الأكباد والمساهمة في جعل المدارس مؤسسات جاذبة من جديد لحضور الطلاب ، و أصدر تعليماته لرئيس قطاع التعليم العام، بإعداد جدول حصص لتدريس التربية الدينية المسيحية، والجدول سيكون موازيا لجدول التربية الدينية الإسلامية، مع تخصيص أماكن بالفصول لهذه الحصص في رسالة تربوية مهمة تصوب خطأ قديم ..وأعلن عن تدشين حملة لتنظيف الميادين والأسوار وتجديدها، مشيراً إلى بداية هذه الحملة بدء من الأسبوع المقبل، كما سيتم تنظيف أسوار المدارس، وإزالة القاذورات من أمام المدارس، استعداداً للعام الدراسى الجديد.
أبو النصر قال فى أول حوار له إنه لا يرغب فى تصفية الحسابات مع أحد حتى أنه وضع 12 معيارا لتقييم قيادات الجماعة، ممن يرغبون فى الاستمرار بالعمل بالوزارة معه ، والمعروف أن الدكتور إبراهيم غنيم، وزير التعليم السابق في عهد حكومة الدكتور هشام قنديل، أصرعلى إدخال عدد كبير من رجال جماعة الإخوان المسلمين، للعمل في قطاعات الوزارة، وأبي الدكتور محمود أبوالنصر، الذي كان يرأس قطاع التعليم الفني آنذاك أن يستمر بمنصبه في ظل هذه الأجواء "الإخوانية" .. وعليه ننتظر من الوزير الكثير أعانه الله ..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter