الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣ -
٥٦:
٠٩ ص +02:00 EET
بقلم: مينا ملاك عازر
أذكر أن أستاذي الدكتور محمد مؤنس أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة عين شمس حين كان يدرس لنا فترة الحروب الصليبية، طالما كان يقارن بين الوجود الغربي بالشرق الأوسط ومحاولاته التوسعية المتسترة بالصليب وبين دولة إسرائيل ليؤكد أنه كما زال الكيان الصليبي والمتشح بفكرة دينية ستزول إسرائيل المرتكزة على فكرة دينية، فكليهما كانا مرتكزاً على الدين، واستند على قوى عظمى في حينها، كليهما في وجهة نظره غُرِس في ارضاً غير أرضه.
كليهما قام على دعم لوجستي غربي، وكان يرى الدكتور مؤنس أنه كما سقطت الكيانات الصليبية في غضون مئتي عاماً ستسقط إسرائيل التي وُجِدت مثلها مثل تلك الكيانات معتمدة في الأساس على فُرقة العرب، وبذلك تستطيع أن تعتبر عزيزي القارئ أن إسرائيل الأولى هي الكيانات أو الإمارات الصليبية الأربعة الائي كنا في الشرق الأوسط والإسرائيل الثانية هي إسرائيل القائمة الآن، وفي الفقرات القادمة ستعرف ما هي إسرائيل الثالثة ولماذا سقطت؟
إسرائيل الثالثة هي كيان يجب أن يتوافر فيه كل الشروط التي توافرت في المثالين السابقين المثال الصليبي والمثال الحالي الإسرائيلي، فيجب أن تكون قائمة على فكرة دينية ومدعومة من الغرب، وتقوم على تشتت الشعب الذي قامت في وسطه، وفكر اقصائي0 إذ ترى في نفسها أعلى من الآخرين والأقرب من الله من الآخرين، ولا أرى خير من جماعة الإخوان لتكون إسرائيل الثالثة، والتي أسقطها الشعب المصري في الثلاثين من يونيو الماضي.
سقطت إسرائيل الأولى عدة سقطات على مدار مئتي عام حتى انتهت من الشرق الأوسط كله، ولم تزل إسرائيل الثانية باقية للآن، منذ أن أُسِست من حوالي خمسة وستين عاماً، أما إسرائيل الثالثة التي زُرِعت في قلب مصر حيث فشل الصليبيين إيجاد مكاناً لهم فيها على مدار عدة حلات وغزوات، كما فشلت إسرائيل الثانية في أن توجد لنفسها موطئ قدم فيها بعد أن استعاد جيش مصر سيناء واستكمل استعادتها المفاوض المصري وهنا نقطة اعتراضية ارجو أن تضعها محل اعتبارك يا صديقي، فمصر هي التي بقت حصناً أمام محاولات كلتا الإسرائيلتين الأولى والثانية بل أن مصر هي التي أسقطت وهزمت الاثنين بل الثلاثة، ولذا زُرِعت الأخيرة في قلب مصر ووُضِعت على رأسها بدعم غربي يتضح من تباكيه عليها للآن وبادعائها القرب من الله، وأنها تحكم باسم الدين، فكان للشعب المصري والجيش مصر رأي آخر كعادتهما إذ كما قهر الصليبيين في حملاتهم على المنصورة وغيرها ودحر الإسرائيليين في سيناء دحر الإخوان وأنهى على حكمهم وتحكمهم.
أما لماذا سقطت إسرائيل الثالثة؟ لأنها تشترك في نقطة ضعف مع قرينتيها وسالفتيها الصليبية واليهودية وهي أنها بلا جذور بالأرض ولا تتفق في حياتها مع البيئة الموجودة والمحيطة بها كما أنها بغير ذات دعم داخلي حيث وُجِدت، فصارت كالشجرة الضعيفة التي تحاول العيش على دماء الآخرين، فأسقطتها رياح الشعب المصري وها هي تقضي عليها.
المختصر المفيد خذوا من التاريخ عبرة، فتطمئن قلوبكم.