بقلم: د عصام عبدالله | الخميس ١٢ سبتمبر ٢٠١٣ -
١٥:
٠٩ ص +02:00 EET
البابا فرنسيس
يوم السبت 7 سبتمبر الجاري – وبالصدفة البحتة - اجتمع حدثان غاية في الأهمية رغم اختلافهما في المكان والمناسبة، الأول هو نجاح اليابان في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 وذلك للمرة الثانية في تاريخها بعد 56 عاماً من تنظيمها أولمبياد 1964، حيث تفوقت طوكيو على كل من مدينة إسطنبول التركية، والعاصمة الإسبانية مدريد التي خرجت من الدور الأول من التصويت.
عملية التصويت التي قامت بها اللجنة الأولمبية الدولية في العاصمة الأرجنتينية " بوينس آيرس "، كانت في الواقع نوعا من استطلاع الرأي (العالمي) علي رفض الضربة العسكرية ضد سوريا، وهي تحمل رسالة ضمنية للولايات المتحدة – التي ألقت القنبلة النووية علي هيروشيما وناجازاكي أغسطس 1945– بأن دول العالم (المتحضر) تؤيد (اليابان) المسالم والآمن الذي عاني شعبه، أكثر من " تركيا " الداعم الأكبر للولايات المتحدة في حربها القادمة، وأحد الرعاة الرسميين للقلاقل والإرهاب في العالم!
الحدث الثاني هو حضور أكثر من 100 ألف شخص قداسا في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، تلبية لدعوة البابا " فرنسيس " (الكافر) بأن يكون السبت يوما "للصوم والصلاة" في العالم أجمع من أجل السلام في سوريا والشرق الأوسط، حيث قال البابا خلال القداس الذي استمر خمس ساعات: " أطلب من الله أن يصرخ المسيحيون، وإخواننا وأخواتنا من أديان أخرى، أن العنف والحرب لا تؤدي إلى السلام أبدا. الحرب تعني (الموت) والعجز عن الحياة في سلام، إنها دائما هزيمة للإنسانية".
موقف البابا فرنسيس عام 2013 (يذكرنا) بموقف البابا يوحنا بولس الثاني عام 2003 ، الذي أعلن معارضته لحرب الرئيس بوش (الإبن) علي العراق، فقد أدان وبقوة استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وحض الزعماء المشاركين في قمة العشرين التي انعقدت في مدينة سانت بطرسبرج بروسيا الخميس 5 سبتمبر 2013، على التخلي عن السعي لحل عسكري.
في " القانون الدولي " تعتبر الدعاية للحرب من أفظع الجرائم، لأنها تجعل كافة الجرائم الأخري (متاحة)،لذلك أتوقف طويلا أمام استدعاء الدين (بكثافة) غير مسبوقة لتبرير (العنف) وتهديد السلام في هذه البقعة البائسة من العالم، خاصة من قبل رجل من وزن الشيخ (المؤمن) " يوسف القرضاوي " الذي - لا يكل ولا يمل - عن الدعوة (للفتنة) فضلا عن دعوة أمريكا وقوات الناتو (صراحة) للتدخل العسكري في سوريا، (بالتزامن) مع دعوة المسلمين في مختلف أنحاء العالم إلي " الجهاد " بمختلف أشكاله وأنواعه، نصرة لإخوانهم (يقصد الإخوان المسلمين) في سوريا و" جبهة النصرة " الموالية لتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
وهو ما يؤكد علي أن هذه الحرب الكارثية التي تدور رحاها الآن، لا تدار وفقا لحسابات سياسية (بحتة) – باعتبارها حلقة من حلقات ثورة الربيع العربي كما يزعم الخبثاء - وإنما تنطلق من أرضية إيديولوجية - طائفية (وعرقية) ستقضي علي الأخضر واليابس، وسيدفع ثمنها الجميع : " السنة " و" الشيعة " والمسيحيون واليهود و" الأكراد "، إلي جانب (إيران) و(إسرائيل) و(السعودية) و(لبنان) و(الأردن) و(تركيا) وأوروبا وأمريكا!
الولايات المتحدة وأوروبا أدمنتا تكرار (الأخطاء) التاريخية في الشرق الأوسط الكبير، فقد سبق وأن تم التحالف مع (الإسلاميين) – وأغلب القادة العرب الذي تخلصوا منهم فيما بعد - في الحرب ضد السوفييت في أفغانستان (نهايات القرن العشرين) من باب (عدو عدوي صديقي)، ثم أنقلب الأفغان العرب وطالبان وتنظيم (القاعدة) بعد انتهاء المهمة في التسعينيات، لتبدأ أسوأ موجة من نشر الإرهاب الأسود (بإسم الدين) في العالم كله، وليس فقط في مدريد ولندن ونيويورك 2001!
(الغرب غير المؤمن) سوف " يلدغ "من نفس الجحر (مرتين)، وهو يسعي لتحقيق (توازن الضعف) في سوريا – إرضاء لبعض دول الخليج وتركيا وإسرائيل - عبر هذه الضربة الرمزية الاستعراضية، لأن الأسد ليس (معزولا) مثل صدام حسين أو القذافي، أو أنه يفتقر إلي الحلفاء أو لا يملك أوراقا للضغط والرد (علي المتآمرين)، أما إذا كان الهدف (غير المباشر) هو (إيران) كما يشاع (ويباع) للميديا في العالم، يصبح السؤال هو : ألم يكن " النووي الإيراني " أو (الهولوكوست) القادم (أولي) بهذه الضربة؟ .. ثم، ما الذي يمنع الرئيس أوباما – صراحة – من توجيه هذه الضربة؟!
dressamabdalla@yahoo.com
نقلا عن إيلاف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع