د.عبدالخالق Øسين
ربما أرادت المؤلÙØ© شرلي أن ترمز بهذه الرواية إلى أن الإنسان ÙÙŠ سعيه الØثيث ÙÙŠ التقدم العلمي والتكنولوجي سيقضي على Ù†Ùسه ÙÙŠ نهاية المطا٠بهذه الاختراعات. إذ كما قال سومرست موم ÙÙŠ هذا الخصوص: "كلما ازداد الإنسان ذكاءً تÙنن ÙÙŠ تعذيب Ù†Ùسه". Ùالعلوم، والتكنولوجيا نتاج ذكاء الإنسان المبدع، ولكن، كأي شيء ÙÙŠ الØياة، Ùهما سي٠ذو Øدين، يمكن استخدامه للخير وللشر معاً، يعتمد على المستوى الأخلاقي لدى المالك لهذا Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø (التكنولوجيا) الذي Ø£ØµØ¨Ø Ø§Ù…ØªÙ„Ø§ÙƒÙ‡ سهلاً Øتى من قبل الجهلة والأشرار والساقطين أخلاقياً.
هناك Øقيقتان جديرتان بالذكر، الأولى، أن التقدم الØضاري لم يكن على مستوى واØد بين الشعوب والأمم. Ùهناك شعوب وصلت أعلى مراØÙ„ التطور والرقي ÙÙŠ العلوم والتكنولوجية والÙنون والآداب والÙلسÙØ©...الخ، وأخرى مازالت ØªØ±Ø§ÙˆØ ÙÙŠ العصر الØجري، والبقية موزعة على نقاط الخط البياني بين هذين المستويين، الأدنى والأعلى.
الØقيقة الثانية، هي أن التقدم المادي وخاصة ÙÙŠ العلوم الطبيعية والتكنولوجية يسير بوتيرة أسرع من التقدم والرقي ÙÙŠ الأخلاق والقيم الإنسانية. وهذا يعني أن أخطر تكنولوجيا يمكن أن تقع ÙÙŠ أيدي أناس إرهابيين متخلÙين ومنØرÙين وساقطين أخلاقياً، تØركهم أيديولوجيات شريرة وغرائز Øيوانية بدائية معادية للبشرية، تستخدم تكنولوجيا الدمار والإعلام لأغراض شريرة، وهذا ما هو Øاصل الآن.
وأØسن مثال ÙÙŠ هذا الخصوص ما تقوم به القوى الظلامية الإرهابية (الÙاشية دينية والبعثية)ØŒ ÙÙŠ الاستÙادة من الانترنت والÙضائيات لتضليل ونشر أيديولوجية الإرهاب. وكذلك ÙÙŠ استخدام تكنولوجيا الدمار الشامل ÙÙŠ قتل البشر، وعلى سبيل المثال: استخدمت أمريكا القنابل النووية ÙÙŠ الØرب العالمية الثانية ضد اليابان ÙÙŠ هيروشيما ونكازاكي، وكانت الØصيلة قتل مئات الألو٠ÙÙŠ دقائق، إضاÙØ© إلى الدمار المادي الشامل للمدينتين وما نجم عن هذا Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø Ù…Ù† أضرار الإشعاع النووي بقي تأثيره المدمر لعشرات السنين.
كذلك Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„ÙƒÙŠÙ…ÙŠØ§ÙˆÙŠ الذي استخدمه صدام Øسين ÙÙŠ Øربه مع إيران، ÙˆØتى ضد شعبه Øيث قتل الألو٠ÙÙŠ Øلبجة والأهوار.
ونسمع هذه الأيام عن استخدام Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„ÙƒÙŠÙ…ÙŠØ§ÙˆÙŠ (غاز الأعصاب- السارين) ÙÙŠ سوريا... وبغض النظر عن الجهة التي استخدمته Ùهو كارثة بشرية مدانة، وأغلب الدلائل تشير إلى إن "جبهة النصرة (القاعدة)" هي التي استخدمته ÙÙŠ "الغوطة"ØŒ Ø¥Øدى ضواØÙŠ العاصمة دمشق بشهادة مراسلة وكالة الأسوشيتد برس، التي "نقلت عن والد Ø£Øد المقاتلين قوله إن ابنه"عبد المنعم"ØŒ Ù‚ÙتÙÙ„ مع 12 آخرين على رأسهم السعودي "أبو عائشة" الذي كان يقود كتيبة ÙÙŠ المنطقة، جاء يسأله قبل Ù†ØÙˆ أسبوعين عن رأيه بالأسلØØ© التي طلب منه أن ينقلها. ووص٠تلك الأسلØØ© بأن بعضها كان على هيئة أنابيب بينما كان بعضها الآخر يشبه اسطوانات غاز ضخمة/ مشيرا إلى أن المتمردين كانوا يستخدمون المساجد والبيوت الخاصة للنوم، بينما كانوا يخزنون Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø ÙÙŠ الأنÙاق. وقد أعلنت "جبهة النصرة" ( بلسان زعيمها "أبو Ù…Øمد الجولاني")ØŒ أنها ستلجأ إلى الأمر Ù†Ùسه مع "القرى العلوية" ÙÙŠ الساØÙ„ السوري ردا على ما Øصل ÙÙŠ الغوطة". (1).
كذلك سمعت٠مساء 2/9/2013ØŒ من إذاعة (BBC Radio 4) ÙÙŠ مقابلة مع مسؤول ÙÙŠ الأمم المتØدة، قال أن سوريا مقدمة على Øرب إبادة الجنس وبالأخص ضد الأقليات، ونقل عن قيادي ÙÙŠ المعارضة قوله أنهم إذا ما أسقطوا نظام الأسد Ùسيبيدون العلويين بالغازات السامة، مما يؤكد ما نقلته مراسلة الأسوشيتد برس.
كما ونلاØظ ما يجري ÙÙŠ العراق منذ إسقاط Øكم البعث الÙاشي عام 2003 من Øرب الإبادة ضد الشيعة من قبل التØال٠البعثي- القاعدي الوهابي، واستخدام البهائم البشرية من الانتØاريين، وزرع الألغام ÙÙŠ الطرق، وتÙخيخ السيارات وتÙجيرها عن بÙعد بالريموت كونترول ÙÙŠ الأسواق الشعبية المزدØمة لتØقيق أكبر عدد ممكن من القتلى والإصابات، وهي بالتأكيد Øرب إبادة الجنس ضد الشيعة.
لنتصور لو انتصرت قوى الردة المتمثلة ÙÙŠ التØال٠بين البعث والقاعدة ÙÙŠ العراق، وانتصار القاعدة (جبهة النصرة) ÙÙŠ سوريا، Ùماذا سيØÙ„ بهذين البلدين؟
ليس لدي أدنى شك، أنهم ÙÙŠ العراق سيستخدمون الغازات السامة والمÙخخات للقتل الجماعي ÙÙŠ Øرب إبادة الجنس ضد الشيعة ÙÙŠ الوسط والجنوب، وكذلك إبادة الأقليات الدينية والعرقية الأخرى. وهذا ما سيØدث ÙÙŠ سوريا أيضاً، وصولاً إلى لبنان. وبعد انتصارهم على خصومهم سينقلبون على كاÙØ© القوى العلمانية من أهل السنة الذين لا يشاركونهم ÙÙŠ أيديولوجيتهم الÙاشية. وهذا ما Øصل ÙÙŠ الجزائر، وأÙغانستان، وباكستان، والصومال ومالي، والآن ÙÙŠ مصر وغيرها، والØبل على الجرار.
ÙÙŠ عهد الØرب الباردة وسباق التسلØØŒ كانت ترسانات أسلØØ© الدمار الشامل لدى المعسكرين، الشرقي والغربي، ما يكÙÙŠ لتدمير الكرة الأرضية وما عليها من بشر والزرع والضرع لعدة مرات. ونØÙ† الآن على أبواب Øرب باردة جديدة بين الصين وروسيا ÙˆØÙ„Ùائهما من جهة، وبين دول Øل٠الناتو بقيادة أمريكا من جهة أخرى.
والخطر هنا يكمن ليس Ùقط ÙÙŠ الاستخدام المتعمد لهذه الأسلØØ© من قبل الØكومات ÙÙŠ Øروبها الساخنة القادمة، بل والخطر الأكبر يكمن أيضاً ÙÙŠ اØتمال نشوب Øرب نووية عن طريق الخطأ ÙÙŠ أجهزة الانذارات، إذ Øصل مرة إنذار مزي٠قبل انهيار المعسكر الاشتراكي عن هجوم نووي روسي على أمريكا بسبب خطأ ÙÙŠ الكومبيوتر.
كذلك ممكن أن يقع Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ù†ÙˆÙˆÙŠ بأيدي الإرهابيين، وهو وارد ÙÙŠ Øالة باكستان وبعض دول آسيا الوسطى، Ùيما لو نجØت هذه القوى ÙÙŠ اغتصاب السلطة.
وهناك مشاكل تÙجير Ù…Øطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء نتيجة الخطأ والإهمال البشري كما Øصل ÙÙŠ تشيرنوبل عام 1986ØŒ أو نتيجة كوارث طبيعية كما ÙÙŠ Øالة التسونامي ÙÙŠ اليابان عام 2011 وما نتج من تدمير Ù…Øطات الطاقة النووية ÙÙŠ مدينة Ùوكو شيما وانتشار كميات هائلة من الوقود المشعة تبقى تأثيراتها المدمرة على البشر والأØياء المائية لسنوات.
والغريب ÙÙŠ الأمر أن الدولة العظمى، أمريكا، هي الأخرى انقلبت على القوى الديمقراطية والربيع العربي باسم الشرعية المزيÙØ© Ù„Øزب الأخوان المسلمين ÙÙŠ مصر، Ùهي تØارب القاعدة وطالبان ÙÙŠ Ø£Ùغانستان، ولكنها تريد أن تØارب ÙÙŠ سوريا إلى جانب القاعدة، وتناصر Øكم الأخوان المسلمين ÙÙŠ مصر. وكذلك Ùرنسا تØارب الإرهاب الإسلامي ÙÙŠ مالي ودول Ø£Ùريقية أخرى، ولكنها متØمسة ÙÙŠ ضرب سوريا Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø¬Ø¨Ù‡Ø© النصرة الإرهابية. وهذا الموق٠يزيد من اØتمال وقوع تكنولوجية الدمار الشامل ÙÙŠ أيدي الإرهابيين، وعندها نقرأ على الØضارة البشرية السلام.
وليت التØريض على استخدام تكنولوجية القتل الجماعي توق٠على الجهلة من الإرهابيين المغسولة أدمغتهم، بل المصيبة أن أستاذ جامعي كويتي يدعو الإرهابيين ÙÙŠ Ù…Øاضرة له أمام جمع من المثقÙين، يدعو إلى شن Øرب جرثومية (أنثراكس)على أمريكا. رابط الÙيديو ÙÙŠ الهامش(3)
خطر تكنولوجي آخر يهدد البشرية، وهو Øرب السايبر (Cybernetic war) عن طريق الانترنت، لا يقل خطراً عن أي إرهاب آخر، إذ يستطيع الهاكر زرع برنامج مساعد داخل آلا٠الكومبيوترات واستخدامها من دون معرÙØ© أصØابها لمهاجمة كومبيوترات أخرى. وإذا ما عرÙنا أن صارت اليوم إدارة جميع أعمال الØكومات والمصارÙØŒ ومؤسسات القطاع الخاص والعام، والمستشÙيات ووشركات الطيران، والمطارات، والقطارات، والمواني، والاتصالات، والكهرباء والماء، ÙˆØتى قيادة الطائرات ÙÙŠ الجو مبرمجة مسبقاً من بدء إقلاعها من مطار بلد ما إلى أن تØØ· ÙÙŠ مطار بلد آخر.. وغيرها كثير تعتمد كلياً ÙÙŠ تسيير أعمالها على برامج كومبيوترية... يستطيع الهاكر شل نشاط جميع هذه المؤسسات، وإØداث الÙوضى ÙÙŠ العالم، وسرقة مليارات الدولارات من المصار٠ونقلها إلكترونياً إلى Øسابه أين ما كان على الأرض.
وعلى سبيل المثال، وكما جاء ÙÙŠ برنامج قدمته إذاعة البي بي سي، أن قامت جماعة بشن هجوم على المÙاعلات النووية الإيرانية وأوقÙتها عن العمل لعدة أيام. إلا إن الإيرانيين استطاعوا ØÙ„ المشكلة، واعتقدوا أن الهجوم كان من الاستخبارات الأمريكية، Ùقاموا بالرد وذلك عن طريق شن هجوم مماثل على شركة أرامكو ÙÙŠ السعودية التي تتركز Ùيها Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø£Ù…Ø±ÙŠÙƒÙŠØ©ØŒ لكي يشعروا الأمريكان بأنهم (أي الإيرانيون) يعرÙون من كان وراء الهجمات السايبرية على Ù…Ùاعلاتهم، وأنهم يمتلكون الخبرة للرد بالمثل.
ÙØروب السايبر هي Øروب مستقبلية ومعارك جديدة بين الدول، والمؤسسات والشركات دون تØريك أية قطعة عسكرية أو إطلاق رصاصة. ÙˆØتى الØروب العسكرية تبدأ اليوم بØروب السايبر وذلك باختراق أجهزة كومبيوترات العدو وشلها منظوماتها وتعطيلها عن العمل وإØداث الÙوضى والبلبلة ÙÙŠ قوات العدو وشل إمكانياته.
Ùتصور لو وقعت هذه الخبرات ÙÙŠ أيدي الإرهابيين من جماعة القاعدة أو Ùلول البعث، وهو ممكن، Ùماذا سيÙعلون بالبشر؟
لا شك، إن الشعوب العربية هي أكثر الشعوب تعرضاً لخطر التكنولوجية لأسباب كثيرة، منها لأن هذه الشعوب صارت منبعاً للإرهاب وأكثر من غيرها تعرضاً له، إضاÙØ© إلى الجهل المتÙشي Ùيما بينها، وما يمتلك أعداؤها من خبرات هائلة ÙÙŠ تكنولوجية الدمار، وسهولة تØريك الÙئات العربية ضد بعضها البعض إذ كما طالبت صØÙŠÙØ© يديعوت Ø£Øرونوت الإسرائيلية: "دعوا العرب يقضون على أنÙسهم بهدوء".
والجدير بالذكر، أنه رغم أن الإرهابيين يشكلون الأقلية، ولكن بسبب امتلاكهم لتكنولوجية التÙجيرات والقتل الجماعي، ونزعتهم العدمية والعدوانية الشرسة، واØتقارهم للØياة، واستعدادهم لتدمير الذات على غرار "عليَّ وعلى أعدائي يا رب .. وليكن من بعدي الطوÙان"ØŒ نرى تأثيرهم ÙÙŠ القتل والتدمير ÙŠÙوق Øجمهم الØقيقي بآلا٠المرات. وهذا ما يضع الØضارة البشرية على ك٠عÙريت.