بقلم: ليديا يؤانس
يوم الأحد الماضي ونحن في طريقنا للخروج مِنْ الكنيسة، وقفتُ مع صديقتين لي نتجاذب أطراف الحديث والسلامات والإهتمامات.
ساندرا وسوزي تربطهُما صداقة قوية ومحبة فياضة وإهتمامات مُشتركة في العديد مِنْ أوجه الأنشطة والإثنتان لهُما خدمة بارزة بالكنيسة. سوزي بإبتسامة مُفعمة بالحب والإنبهار، قالت: ياساندرا أنت إنسانة رائعة، أفكارك وأخلاقك وإيمانك وطريقة معاملتك مع الآخرين .. أنت فعلاً قديسة!
وفجأة إنقلب المشهد مِنْ أحاديث ومُجاملات ودية إلى مشادات كلامية وإنفعالات وبدا للِمارة من حولنا أن هُناك أمراً خطيراً قد يؤدي إلى وقوع جريمة غير متوقعة، لدرجة أن شاباً قالها لست أدري علي سبيل الجد أو التهريج: نطلب 911 (أي البوليس)!
ساندرا بغضب وإنفعال: انا لست راهبة، أنا لست بصانعة معجزات، أنا لست شهيدة، أنا لست قسيس أو بطرك، أنا لست قديسة!
ومازلت المعركة الكلامية تدور حول هل أنت قديس؟ .. هل أنت قديسة؟
القداسة والقديسين والقدوس هي سِمة وروح الكتاب المُقدس لإن الله قدوس القديسين وكلامة محور وروح القداسة، التى لا يتخللها أى ألفاظ أو كلمات بذيئة تخدش حياء قداسة قائلها، ولا آذان وعيون المرسلة لهم.
كلمة قديس أو قديسين مُكررة في الكتاب المُقدس حوالى 100 مرة، وكما تكلم الكتاب المقدس عن القديسين والقدوس في العهد القديم، أيضاً في العهد الجديد نجد أن كلمة "قديسين" أستخدمت كثيراً وبصفة خاصة كانت تُطلق على المسيحيين وتخُص المؤمنين. بولس الرسول إستخدم كلمة قديسين حوالى 40 مرة في رسائلهِ ويوحنا الحبيب إستخدمها حوالى 13 مرة في سِفرْ الرؤية.
كلمة "قديس" أو "saint" فى الأصل اليونانى "hagios" ومعناها "set apart one" أو "holy one" وتعنى الإعتزال أو الإنفصال عن الخطية ليكون الشخص مِلكية خاصة للرب.
البعض قد يعتبر أن القديس هو الشخص الذى يعمل مُعجزات شفاء أو إخراج شياطين، والبعض قد يعتبر أن القديس هو الشخص الذى أستشهد أو أضطهد وتألم، والبعض قد يعتبر أن القديسين هم الذين تركوا العالم وأصبحوا رهبان وراهبات، والبعض قد يعتبرون أن الأكليروس (أى الكهنوت بدرجاته) هم قديسين. بالتأكيد كل هؤلاء قديسين لأنهم إنفصلوا عن الخطية وخصصوا حياتهم للرب ولخدمتة.
ولكن ما لا يروق للكثيرين ومعهم صديقتنا ساندرا أن تطلق كلمة قديس أو قديسة على أشخاص لا يندرجون تحت التصنيفات التى ذكرتها عالية، ويكون الرد لا .. لا .. نحن خطاة وليس قديسين!
بالتأكيد نحن خُطاة وأيضاً الأشخاص الذين يندرجون تحت التصنيفات التي ذكرتها عالية هُمْ أيضاً خُطاة لإن الكتاب المُقدس يقولها واضحة وصريحة "الكُلْ قد زاغوا مَعاً فَسَدوا وليس مَنْ يعمل صَلاحاً ليس ولا واحد" (مزمور 3:14).
نعم الكُل خطاة وبالرغم مِنْ ذلك الكتاب المُقدس ِيُطلق كلمة "قديس" على كُل مؤمن مُقدس في الرب.
يقول بولس الرسول "إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المُقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون بإسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا" (1 كورونثوس 2:1).
بولس الرسول يدعو أهل كورنثوس بالقديسين بالرغم مِنْ خطاياهم وعدم قداستهم. يدعوهم قديسين مع كل الذين يدعون بإسم الرب يسوع في كل مكان بالرغم مِنْ المشاكل والخصومات والفساد الذي كان موجوداً داخل شعب الكنيسة.
القديس يوحنا ذهبي الفم يقول "فإنه ليس بأعمالهم الصالحه تقدسوا بل بِحِنو الله".
مِنْ وجهة نظر الله كل المؤمنين قديسين بغض النظر عن حياتهم الخاطئة لإنه ليس بأعمالهم الصالحة ولكن لأن نعمة الله هي التى قدستهم.
كمسيحيين يجب أن نعيش حياة مُقدسة ولكن الحياة المُقدسه سوف لا تجعلنا مُقدسين – لماذا؟
نحن مقدسين فى يسوع المسيح الذي يعمل فينا بالروح القدس.
نحن مُقدسين بسبب المُقدس (المسيح) الذى بِداخِلنا هو الذى جعلنا قديسين.
نحن مقدسين لأننا ِنثق في المُقَدَسْ (الرب) الذى إختارنا من قبل تأسيس العالم.
يقول الوحي الإلهي على لسان كاتِب رِسالة العبرانيين "لإن المُقدس والمُقدسين جميع مِنْ واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم إخوة" (11:2). أي أن المسيح لا يستحي أن يدعوا المسيحيين إخوة له.
إذن السبب في دعوة المؤمنين قديسين هو عمل المسيح فينا وليس عملنا نحن الذى يجعلنا قديسين. بسبب المسيح القدوس الذى بداخلنا نحن قديسين.
نحن مدعوين "قديسين" كما يقول الوحي الإلهي أي إنها دعوة مِنْ الرب أن نكون قديسين لكي نستحق الخلاص الذي أخذناه.
نحن مدعوين أن نتقدس لكي نستحق أن تطلق علينا كلمة قديسين، كما قال الرب "كونوا قديسين كما أنا قدوس."
مثل كل المؤمنين فإن الكورنثيين كانوا قديسين لإن الرب دعاهُم لكي يكونوا قديسين. راجع أيضاً (غلاطية 6:1 ؛ أفسس 1:4 , 4 ؛ كولوسي 15:3 ؛ 1 تيموثاوس 12:6 ؛ 1 بطرس 9:2 , 21 ؛ 9:3 ؛ 2 بطرس 3:1 ؛ يهوذا 1:1).
بعض الناس مُمكن أيضاً أن ينفصلوا عن الخطية وأن يعيشوا حياة الطهارة والنقاء ويعملون أعمالاً صالحة ولكنهم ليسوا قديسين، لإنه ليس بِداخِلهُم القُدوسْ ولا أخذوا نعمة البنوة لله فهم ليسوا قديسين.
الإنسان يُدعى قديس أو ينال القداسة بإيمانهِ في الإبن يسوع المسيح فيقول الكتاب "لتفتح عيونهم كي يرجِعوا مِنْ ظُلمات إلى نور ومِنْ سُلطان الشيطان إلى الله حتي ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المُقدسين" (أع 18:26).
نحنُ تقدسنا من خلال بذل جسد المسيح مرة واحدة للكل. تقول الرسالة إلى العبرانيين "فبهذة المشيئة نحنُ مُقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (10:10). وتقول أيضاً "لأنه بقُربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عب 14:10).
بذبيحة جسده على الصليب قدس كل المؤمنين به، وبذبيحة جسده خصصهم له.
بسبب القدوس دُعينا قديسين لإن الآب قدم القداسة من خلال إبنه القدوس يسوع المسيح.
ليس فقط كل القديسين خلصوا ولكن كل اللذين خلصوا قديسين0
إذن كُل مؤمن بالرب يسوع مِنْ حقهِ أن يُدعى قديس ولكن ولا واحد مستحق لهذا اللقب ولكن الرب نفسه مَنَحَنا هذا اللقب بسبب ثِقتنا وإيماننا بإبنهِ القدوس.
بعمل المسيح الخلاصي نحن نملُك طبيعة جديدة – طبيعه إلهية – وبهذة الطبيعة هربنا مِنْ فساد العالم مالكين كل الأشياء التى لها علاقة بالحياة الصالحة. يقول الوحي الإلهي، "كما أن قُدرته الإلهية قد وهبَتْ لنا كل ماهو للحياة والتقوى بمعرفة الذى دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكى تصيروا بها شُركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذى في العالم بالشهوة"(2 بطرس 3:1 -4).
الآب يرانا صالحين لإنهُ يرانا مِنْ خلال إبنه البار الذى إشترانا بدمهِ الثمين ولإننا أصبحنا خليقة جديدة في المسيح يسوع. ولذلك يقول الرب يسوع في (يوحنا 10:17) "... وأنا قد تمجدت فيهُم" وفي عدد 22 من نفس الإصحاح يقول "إني أعطيتهُم المجد الذى أعطيتني ليكونوا واحداً كما نحنُ".
أما حزقيال فيقول في (14:16) "فذاع إسمك بين الأمم لفرط جمالك لأنهُ إكتمل بفضل بهائي الذى أضفيتهُ عليك يقول الرب". أيضاً أشعياء يقول "وتكونين تاج جمال في يد الرب وإكليلاً ملكياً في كف إلهك" (3:62).
الدُبلوماسيين ليسوا دائماً يتعاملون بدبلوماسية!
الملوك ليسوا دائماً يتعاملون بِملوكية!
وبالرغم من ذلك مازالوا دبلوماسيين وملوك!
كذلك المسيحيين ليسوا دائماً يتعاملون كمسيحيين وبالرغم من ذلك مازالوا مسيحيين!
المسيحيين ليسوا دائما يتعاملوا كقديسين وبالرغم من ذلك مازالوا قديسين.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع