الأقباط متحدون - التفكير بكياسة فى دهاليز السياسة
أخر تحديث ٠١:٥٢ | الاربعاء ٤ سبتمبر ٢٠١٣ | ٢٩ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٣٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

التفكير بكياسة فى دهاليز السياسة

التفكير بكياسة فى دهاليز السياسة
التفكير بكياسة فى دهاليز السياسة

 سمير حبشــــــــــــــــــــــى

 
يا إخوتى : السياسة ، وما أدراكم ما السياسة .. كُتب عنها الكثير ، وشرح مقوماتها الكثيرون .. قيل أنها دهاليز مظلمة ، يقودك الواحد منها إلى الآخر فتنقاد .. لذا كنت دائما لا أحب أن أكتب فى السياسة ، ولا أحاول الولوج من خلال دهاليزها ، لأنى كنت متيقنا أننى سأمضى وحيدا وببطء ، وإذا فرحت لن يطول فرحى كثيرا ، حتى تنعكس عليه الأحزان والسخط والدهشة .. وما أن أرى بصيصا من الضوء حتى تغطيه العتمة .. فدهاليز السياسة وكوابيس الفساد صنوان .. فى دهاليز السياسة تندر أسراب الحمام ، وتكثر كْلاب الحراســـــــــــة  !..   ويصبح الإنسان للنسيان مأوى ، قيمته في الأرض تساوى قدرته على خفض رأسه.. 
 
لم تقف السياسة لتكون حكرا على أهل السياسة ، بل أمتدت بأفرعها الشائكه الجارحة الى أبعد من ذلك ، غزت عقول من حولنا ، ووضعتنا جميعا في غرفة يحيكها الظلام ، ويلف جدرانها السواد . نعم يا إخوتى كم هي حقيرة هذه السياسة ، لم يفلت منها لا القاصي ، ولا الداني ، ولا المثقف أو الأمي ، حتى أطفالنا أصبح همهم ما يدور حولهم من ألاعيب الحقد والتسلط وإنتزاع ملكية الغير ، وهذه هى كواليس الفساد التي ملأت قلوب الجميع بدون إستثناء ولا استئذان .. 
 
سأستسمحكم يا إخوتى فى أن أدخل لأول مرة دهاليز السياسة ، وسأحاول السير فيها بكل كياسة ، واضعا أمام عينى أننى لست محللا سياسيا ، بل هى وجهات نظر ربما تصيب أو تخيب 
 
1 – أمريكا والإخوان وحزام الشيطان : - يتعجب الكل على مساندة أمريكا للإخوان المسلمين ،  والأسئلة تجرى على كل لسان ، ما العلاقة بين أمريكا والإخوان ؟؟ ، ولماذا يساندوهم ماليا ومعنويا وببذخ ، حتى وصل بهم الحال للكذب المفضوح عالميا ، والتجنى على مصر وشعبها وعلى سوريا وشعبها .. ويفسر البعض ذو النظرة القريبة وليست البعيدة .. أن أمريكا تحاول إضعاف مصر وجيشها ، وأيضا لتوفير الحماية لإبنتها المدللة إسرائيل ، وهذا من خلال التعاقدات الخفية مع الإخوان ، وبيع أراضى صحراء سيناء لحماس ، ونفس الهدف أيضا من تحطيم سوريا وجيشها ..
 
ولكن بالنظرة البعيدة نجد ما هو أخطر من ذلك بكثير ، وهو تكوين حزام يكون من أنشأه هى أمريكا ، ومن يسير فى فلكها من دول الإتحاد الأوروبى ، حول العدو الدائم والغريم التقليدى روسيا والصين .. فإذا نظرنا إلى خارطة العالم ، سوف نجد الدول الإسلامية المنفصلة عن روسيا مثل الشيشان وكازاخستان فى أعلى الخارطة ، تحتها بقليل وقريبة من الحدود أفغانستان ، ثم تحتها باكستان ، ثم ماليزيا ثم إندونيسيا ، ثم بعض المقاطعات الهندية الإسلامية ، يليهم فى الأسفل قليلا سوريا ثم مصر ، تجاورها ليبيا وبعدها تونس ، وتقريبا جميع هذه البلدان تحكمها التيارات الإسلامية ، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون ، والذين ينتشرون فى أكثر من سبعين دولة ..
 
وإذا تجولت بنظرك على هذه البلدان بادئا من الشيشان ، ومنتهيا بتونس ، ستجد أنهم يشكلون حزاما على شكل نصف دائرة تقريبا  حول روسيا ، وقد قامت أمريكا بتغذية ما سمى بالربيع العربى ، حتى يتمكن الإخوان من السلطة فى هذه البلدان ، وهنا سيكون فى إستطاعة أمريكا من نشر قواعدها فى هذا الحزام الإسلامى ، وبهذا تكون قد وضعت غريمتها التقليدية فى متناول قبضة يدها عندما تريد ،  وخاصة بعد أن أصبح بوتين الرجل الذكى على رأس روسيا ، واستيقظت الحرب الباردة بينهما من جديد .. 
 
2 -  الدستور التوافقى فى مصر : -  وهنا قبل أن نفند المسرحية الهزلية التى تسمى بلجان العشرة ، ثم الخمسين والذين أختيروا لصياغة الدستور ، أحب أن أضع أمامكم تعريف الدستور :- الدستور  هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ، ونظام الحكم ملكي أم جمهوري ، وشكل الحكومة رئاسية أم برلمانية ، وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص ، والعلاقات  التي بين السلطات وحدود كل سلطة ، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة ، ويشمل اختصاصات السلطات الثلاثة ،  السلطة التشريعية ،  والسلطة القضائية،والسلطة التنفيذية ، وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة في الهرم التشريعي ، فالقانون يجب أن يكون متوخيا للقواعد الدستورية ، وكذلك اللوائح يجب أن تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة ، إذا ما كان القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية ، وفي عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية
 
.. لم أسمع يا إخوتى فى حياتى عن دستور يسمى التوافقى أى يوافق مزاج الكل ، أى به من كل ألوان الطيف حتى يعجب الجميع ، وبالبلدى سيكون " سمك لبن تمر هندى " وبصراحة أقول ما دخل الأساقفة فى تشكيل الدستور مع إحترامى الكامل لكل الأساقفة .. وما دخل مشايخ الأزهر ومع إحترامى أيضا لهم .. وما دخل الفئات التى يريدون إقحامها فى عمل ليس لهم فيه ناقة ولا جمل .. الدساتير لها متخصصون وفى مصر الكثيرون منهم .. هذه الزمرة المنتخبة أى مجموعة الخمسين لن تعطى لمصر دستورا يحمى مستقبل أولادى .. طالما سيكون هذا الدستور هو قمة النفاق على الجميع .. وستدهس مواده  كرامة ومواطنة بعض أبناء مصر وخاصة الأقباط والمرأة ما دام سيرضى عنه العلمانى والسلفى والإخوانى وكما قلت سيكون " سمك لبن تمر هندى " 
 
3 - هشاشة الحكومة جريمة : سمعنا تصريحات من الحكومة الإنتقالية والتى هى أصبحت رمزا للهشاشة والضعف .. هذه التصريحات مفادها " ا "  لن تجمد أموال الأخوان وهم يعرفون أنها المورد الرئيسى لتمويل الجرائم التى يقوم بها الإخوان فى مصر  " 2 " إجتماع مستشار الرئيس مع زعماء السلفيين ، أى حزب النور لخطب ودهم ، وهم الذراع اليسار للإخوان المسلمين ، ومن ينفذ مخططاتهم ، وكانوا معهم فى إعتصامات رابعة والنهضة .. " 3 " ما يتردد الآن عن ما يسمى بالمصالحة بعد القتل والتخريب وحرق الكنائس ، وهم الذين باسم الدين وتحت عناوينه تمارس السياسة، ولكن بغير مفرداتها ، ومن خارج شروطها.. وباسم الدين وتحت عناوينه تلغي الوطنية والقومية ، وظرف الزمان والمكان ، وباسم الدين وتحت عناوينه تقترف ما طاب لها من صنوف الأنانية والتذبذب والتقلب والانتقال السريع من حال الى حال ، فتعمد الى خطب ود  أمريكا التي طالما لعنتها ، ومهادنة إسرائيل التي دأبت على دمغها بدولة القردة والخنازير، والتنكر لاصدقائها وحلفائها ورفاق دربها فور وصولها الى مراكز القوة ، وهذه المصالحة هى تماما كتربية الثعبان السام فى مخدعك
 
.. وأنا أعتبر ضعف الحكومة وهشاشتها جريمة فى حق مصر وشعبها ، وإجهاض للثورة ، والتصرف كدولة تعني ان يؤخذ الوطن بعين الاعتبار،  بعيداً عن الحزبية والفئوية والطائفية .. نعم في الحياة دهاليز مظلمة كثيرة ،  ووقائع مخيفة وظروف سيئة ، ولكن بإمكاننا أن نجعل من كل ظلمة نورا ،  ومن كل خوف أمنا، ومن كل سيء جيدا ،  إن وضعنا كرامة الإنسان فى مقدمة كل أفعالنا .. وخرجنا جميعا  من دهاليز السياسة  لنضئ  ونُعبد طريق الإنسانية ..
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter