الدراسة الرائعة الوافية الشافية المفحمة الملجمة الحاسمة الواضحة الجلية التى قطعت قول كل خطيب والتى نشرتها جريدة «الوطن» أمس للدكتور سعد هلالى حول المادة 219، التى أحاطت بكل الأسباب التى تجعلنا نرفض هذه المادة المقحمة المريبة وغيرها من المواد التى تريد زرع ولاية الفقيه وسيطرة الكهنوت وفقهاء السلطان على الحكم، هذه الدراسة لا بد أن يحفظها ويعيها كل عضو من لجنة الخمسين التى ستكتب أهم وثيقة تجمع الشعب ولا تفرقه وتحافظ على نسيجه ولا تمزقه وهى وثيقة الدستور، ويضعها نصب عينيه كل مصرى يريد الحفاظ على هذا الوطن مدنياً بعيداً عن الأهواء والتعصب والفتن، ها هو أستاذ فقه لا يخشى فى الحق لومة لائم ولا يخضع ما تعلمه لإرضاء غرائز العامة أو زغزغة مشاعر المغيبين، أو طمعاً فى منصب أو تملقاً لمدير أو وزير أو رئيس، ولكنه كتب دراسته فقط من أجل هذا الوطن الذى كان على حافة الهاوية عندما احتل بواسطة عصابة تتعامل مع هذا الوطن على أنه ممر للخلافة وجسر للتهريب ونفق للسمسرة والعمولات والصفقات، يا سادة لا بد أن يعلم الإخوان والمتأسلمون وحزب النور أننا كنا مسلمين بدون المادة 219 وسنظل مسلمين بدونها ولن يزيد إسلامنا بها أو بغيرها؛ لأن إسلام المواطن المصرى لا يحتاج إلى ختم أو تأشيرة من حزب النور، ولن يعلمنا هذا الحزب أو غيره أصول وقواعد ديننا، ولن يغتصب أى حزب سلطة الله فى حسابنا فهى سلطته فقط سبحانه عز وجل لم يمنحها لحزب لأن اسمه النور، ولا لرئيس حزب لأن لديه لحية، ولا لعضو حزب لأنه يرتدى جلباباً قصيراً، لا أحد فى حزب النور أو غير حزب النور يمتلك توكيلاً حصرياً للحديث باسم الله، أو يستطيع الادعاء بأنه المتحدث الرسمى للإسلام، ما يمارسه حزب النور هو إنهاك واستنفاد وتشتيت لطاقتنا وتركيزنا فى حل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية الرهيبة وإجهاض لكل أحلامنا وأمانينا فى بناء دولة مدنية جديدة متحضرة، بمحاولة تمثيل دور الخائف على الدين من ذئاب الكفرة الليبراليين وإيقاعنا جميعاً فى فخ المناقشات الفقهية والمجادلات اللفظية والملاكمات بالنصوص وشرح الشروح وتخريج التخريجات بدعوى أنهم مبعوثو العناية الإلهية لإنقاذنا وتوزيع صكوك الغفران علينا، نحن لم نخرج فى ثورة 30 يونيو لعزل مرسى فقط ولا لطرد احتلال الإخوان فقط، ولكن لوقف التجارة بالدين والدجل تحت راية التأسلم السياسى والتسلط باسم الدولة الدينية وتنصيب بنى آدم ظلاً لله على الأرض لمجرد أنه إخوانى أو سلفى، الدساتير لا ترسخ لمفاهيم دينية وليست كتالوجاً فقهياً ولكنها وثيقة توافقية لكل من يستظل براية هذا الوطن ويعيش على ترابه وينتمى إلى ثقافته وتاريخه بكل ما فيه من مكونات وأفكار ورؤى وانتماءات بكافة ألوان الطيف الموجودة فى قوس قزح الوطن، وهمسة فى أذن حزب النور: لا داعى لفزاعة الشيعة التى يفزعوننا ويرهبوننا بها كلما ناقشنا المادة 219، «إلحق يا جدع الشيعة.. وافقوا على 219 عشان الشيعة ما يحتلوش البلد.. وافقوا عليها حتى لا تفترسكم الرافضة..» إلخ، وكأننا فى حرب عالمية ثالثة مع الشيعة، وكأنه لم يكن بين فقهائنا العظام الأجلاء كشلتوت وغيره من طالب بتدريس فقههم الذى يتفق مع فقه السنة فى أكثر من 80% والاعتراف بهم كفقه مجتهد ينتمى إلى الإسلام ولا ينتمى إلى البوذية، مختلف فقط فى بعض التفاصيل ومتفق فى الكليات، خلافاتهم مع السنة والتهم المتبادلة فيما بين مذاهبهم تحمل ظلالاً سياسية أكثر منها ظلالاً دينية، وللأسف عمر هذه الخلافات والمعارك أكثر من ألف سنة، ولكننا ندمن نبش الماضى لإخراج أسوأ ما فيه، وإهمال أفضل وأنقى وأجمل وأعقل ما فيه، وما دمتم يا أعضاء حزب النور تقولون إن السبب فى تمسكم بالمادة 219 هو خوفكم على مصر من جحافل الشيعة الذين يقفون على الحدود، برغم أن من يتسرب إلينا منهم هم للأسف حماس السنية وإسرائيل الصهيونية! فأرجوكم أخرجوا ما فى جعبة شيوخكم ومراجعكم الفقهية الوهابية عن رأيهم الحقيقى فى الأزهر وشيوخ الأزهر الذى هو معروف، ولكنه يقال فى مجالسكم الخاصة الكارهة لوسطية الأزهر التى تعتبرونها تفريطاً وليست وسطية!، أعلنوا الحقيقة لتريحوا وتستريحوا.
نقلا عن موقع خالد منتصر