سامح سليمان
إن كافة الكائنات البشريه بأختلاف أعراقهم وأديانهم وألوانهم وجنسهم وجنسيتهم وأعمارهم وأوضاعهم الأقتصاديه وألأجتماعيه وتمنياتهم وسلوكياتهم وأفعالهم وردود أفعالهم ومناهجهم وتصوراتهم ومنتجاتهم الحضاريه والثقافيه والعلميه وكل ما يعتمدونه ويعتنقوه من أيدلوجيات وفكر دينى وكل ما يعتمدون عليه فى التقييم والتصنيف حتى وإن تم تغليفه كما هو سائد فى كثير من المجتمعات بغلاف التضحيه والإيثار ومحبة الأخر محبه غير مقيده وغير مشروطه،محبه بدون أى أهداف أو أغراض أو غايات أو مطامع أو مقاصد _ كما يدعى المدعين ويصدق الأغبياء والمغفلين_ كالتعاون والصداقه
وممارسة الجنس والزواج،وأنجاب الأطفال ورعايتهم والأهتمام بهم،والشفقه والتعاطف مع الفقراء والمحتاجين ومساعدتهم والدفاع عنهم،وأحترام الثوابت وتفضيل المصلحه العامه،والأنصياع والرضوخ لما هو سائد ومتبع ومشرع من قوانين ورؤى أخلاقيه وعادات وأشكال وقوالب نموذجيه وأنماط مقبوله لا يجوز الخروج عنها للأختيار الجنسى والحياه الأجتماعيه، والأستشهاد وبذل النفس عن الأخرين بلا مقابل،والصبر والأمانه والرضى والقناعه _ تلك الصفات التى يدعوا اليها اللصوص ليلاً ونهارً فى مؤسساتهم التعليميه والأعلاميه بل وحتى الأسريه وعن طريق أبواقهم خاصةً الأبواق التى أعطاها المجتمع المصداقيه والعصمه والقداسه، حتى لا يزداد عدد من يتقاسم معهم الغنيمه ولتدجين الفرد وأخصائه نفسياً منذ نعومة اظافره لتسهيل عملية أستغلاله وتسخيره ليساعد فى تحقيق أهدافهم منتظراً المكافأه الغير منظوره والغير ملموسه والتى لن تأتى أبداً .
ولنقرأ معاً ما كتبه الفيلسوف الألمانى العظيم فريدرش نيتشه الذى قد كرس حياته لفضح هذا الدجل الممنهج وتلك الأكاذيب المجتمعيه المضلله والمدمره لبنية الأنسان النفسيه والفكريه والمقيده لغرائزه الأيجابيه: أى شئ يعد حسناَ _ كل ما ينمى الشعور بالقوه وبأرادة القوه والقوه نفسها داخل الأنسان ، أى شئ يعد سيئاً كل ما يتأتى من الضعف . ماهى السعاده؟ ، الأحساس بأن القوه فى تنام وأن هناك مقاومه يتم التغلب عليها، ليس الرضا بل مزيداً من القوه .أقول عن حيوان أو نوع أو شخص بأنه منحط عندما يكون قد أفتقد غرائزه وعندما يختار ويبجل ما هو مضر به ...، إن الحياه نفسها تعنى بالنسبه لى غريزة النمو والديمومه وتراكم الطاقات،غريزة القوه ، وحيثما كان هناك أفتقار إلى أرادة القوه يكون هناك تدهور ،وأعتقادى هو أن كل القيم العليا للأنسانيه مفتقره إلى هذه الأراده ، وأن قيم التدهور والقيم العدميه هى التى تمارس سيادتها تحت أكثر الأسماء قداسه ...، هذه البلاغه البريئه المنحدره من من مملكة الحساسيه
الأخلاقيه الدينيه ستترائ بسرعه أقل برأه بكثير مما تبدو عليه حالما ندرك اية نزعه تلتحف هنا برداء العبارات القدسيه وهى النزعه المعاديه للحياه ...، يمسك المثالى مثله مثل القس بكل المفاهيم الكبرى ويسخرها بأحتقار محسن لمحاربة العقل والحواس والمجد والرفاه والعلم ، وينظر إلى هذه الأخيره كأشياء دون مقامه..،كما لو أن التواضع والتبتل والعفه وبكلمه واحده القداسه لم تسبب حتى الأن مضاراً للحياه أكثر بكثير مما فعل أى نوع أخر من الفظاعات والرزائل ، الروح المحض هى محض كذب ، وطالما ظل القس ذلك الذى يتخذ من نفى الحياه والأفتراء على الحياه وتسميمها مهنه ، يعتبر نوعاً أرقى من البشريه ، فإنه لن يكون هناك من جواب على سؤال ما هى الحقيقه ؟ لأننا نكون قد أقمنا الحقيقه على رأسها عندما يغدو للمرافع الواعى عن العدم والنفى دور الناطق بأسم الحقيقه .
إن كل ما يتم الترويج إليه من دعوات أخلاقيه، والتدين والتعبد والتروحن والزهد،بل وحتى الأقتناع والأعتناق لمنظومه ورؤيه فكريه وقيميه معينه،لا تتشكل أو تصاغ ولا تصدر وتنطلق إلا من منطلق ذاتى أنانى محوره الذات واللذه والمصلحه الشخصيه،فالكائن البشرى أنانى بالفطره،بالرغم من سعيه الدائم والدؤب للأدعاء والتسويق لغير ذلك فى مختلف مؤسساته،التى لم يوجدها إلا لتشويه العقليه الجمعيه للقطيع المركوب،ولأضفاء الشرعيه والقبول من الأغلبيه وألصاق صفة الصلاحيه والعصمه والقدسيه لأكاذيبه وخداعه وضلالاته بلزاك : ـ إن الثروه العاجله هى المشكله التى تعرض لخمسين الف شاب مثلك ممن يجدون انفسهم فى موقفك الحالى،فكر فى المجهود الذى يجب ان تبذله وفى عنف المعركه التى ستخوضها،لابد انكم ستأكلون بعضكم بعضاً،وذلك لأنه من
المستحيل أن يكون هناك خمسون ألف مركز كبير . أتدرى كيف يشق الناس سبيلهم فى هذه الدنيا ؟ يشقونه ببريق العبقريه أو المهاره فى الخسه، فيجب أن تسقط بين صفوف البشر كقنبله،وأما الشرف فلا فائده فيه، إن الناس ينحنون أمام قوة العبقريه وهم يكرهونها،وكذلك الخسه فهى سلاح الضعفاء اللذين يملأون الأرض،وإن كنت تريد أن تثرى سريعاً،فمن الواجب أن تملك شيئاً،أو تتظاهر بأنك تملك شيئاً،وفى المائة مهنه التى تستطيع ان تزاولها سترى الجمهور يسمى العشرة أشخاص اللذين ينجحون بسرعه لصوص.هذه هى الحياه فهى ليست أجمل من الطبيخ، يجب أن تلوث يديك أذا اردت ان تثرى،ولكن يجب أن تعرف كيف تشطفهما بعد ذلك،الأنسان كائن غير كامل ومنافق،وأنا لا أتهم الأغنياء لمصلحة الفقراء،فالأنسان هو هو ، فى أعلى وفى أسفل وفى الوسط،وإذا كانت لى نصيحه أهديها اليك فهى ألا تثبت عند أرائك أكثر من ثباتك عند أقوالك وعندما يسألك أحد عن رأى بعه له،والرجل الذى يفتخر بعدم تغيير رأيه،هو أبله يعتقد انه معصوم من الخطأ، وليست هناك مبادئ وإنما هناك احداث،وليست هناك قوانين،وإنما هناك ظروف،والرجل الممتاز هو من يحتضن الاحداث لكى يسيرها . "الكوميديا الانسانيه"
"إن المجتمعات الداعيه لرفض وأحتقار الذاتيه ـ المجتمع هو أى فرد ما عدا الفرد نفسه ـ لا تفعل ذلك الا من منطلق ودافع ذاتى انانى، لكى يظل الفرد فى حاله دائمه من الرفض والأبتعاد عن ذاته ، وعدم التلامس أو الادراك لطبيعته وطبيعة المجتمع والحياه وقوانينها "
إن الجنس البشرى الحالى قد تمكن من الحفاظ على بقائه ولم يفنى كباقى الأجناس والأنواع البشريه المتنوعه التى ظهرت على مر العصور _ منذ تطور الكائن الأول السابق لما سمى بالبشر والذى تطورنا عنه حتى وصلنا إلى شكلنا الحالى_ ولم تقدر على الصمود فى رحلة الصراع الدائم منذ نشأة الحياه منذ ملايين السنيين، بفضل الجين الهام الذى توافر لديه وهو جين الأنانيه وغريزة حب البقاء الشخصى والذاتى على حساب باقى الأنواع البشريه والغير بشريه وأشكال الحياة الأخرى، بل وحتى الأخرين من نفس نوعه البشرى _ فهذا الجين ساعد على زيادة روحه العدوانيه مما أكسبه القوه والنصره فى صراع البقاء الذى لم ولن يرحم ،وكفل له أستمرارية الوجود بعكس ما ظهر من أنواع بشريه أخرى،ومكنه من القدره على التأقلم والتكيف والتبدل والتلون بحسب وبما
يتلائم مع الظروف المتغيره والأحداث السائده وما يستجد من مستجدات، وبما يحفظ له بقائه ويحقق له أهدافه وطموحاته وأحلامه وتمنياته بغض النظر عن الثمن وكذلك بغض النظر عن دافعه، فذلك الكائن الذى ظهر وأفسد الحياه وزادها تلويثاً لايعرف سوى الشراهه والنهم لأشباع غرائزه المختلفه،خاصةً غريزة العدوان التى كفلت له الأنتصار ، وجين الأنانيه القائد لمسيرته الجنونيه العبثيه خلال رحلته التافهه الغير مبرره وأدارته الفاشله للحياه ، إن أفضل الأشياء وأكثرها وجوبً للحدوث هى أن يظهر نوع بشرى جديد أو حتى كائن أخريمسك بزمام الأمور وبمقاليد أدارة الحياه،فربما تصبح أفضل مما هى عليه الأن ، فالنوع البشرى الحالى أثبت رسوبه بدرجه لاتنفع معها مماطله أو شفاعه .
سيجموند فرويد : ليس الإنسان قطعاً ذاك الكائن الطيب، ذو القلب المتعطش إلى الحب، والذى يقال عنه أنه يدافع عن نفسه عندما يهاجم بل هو على العكس من ذلك ، كائن تنطوى معطياته الغريزيه على قدر كبير من العدوانيه ...، إن ألإنسان فى الواقع يغريه أن يشبع حاجاته العدوانيه على حساب قريبه ، ويستغل عمله بلا تعويض،ويستعمله جنسياً من دون موافقته،ويستولى على أملاكه ويذله،وينزل به الألام ويقتله...،وهذا يعنى أن العدوانيه من المقومات الأساسيه للكائن البشرى...، إن هذه العدوانيه كقاعده عامه تكون قاسيه أو تنتظر أثاره ما ، أو تضع نفسها فى خدمة مشروع ما يتحقق هدفه بوسائل أكثر ليونه وتهذيباً، وفى بعض الظروف المواتيه يحصل العكس، عندما تقف القوى الأخلاقيه مثلاًً فى مواجهة هذه التعبيرات فتصدها وتقمعها إلى حين ثم
تتعطل، عندها تظهر العدوانيه بشكل تلقائى وتكشف فى الأنسان حيواناً متوحشاً مفترساً يفقد أى أعتبار لبنى جنسه . ( د. فيصل عباس : التحليل النفسى وقضايا الأنسان ) إن كافة العلاقات البشريه بمختلف صورها وأشكالها وأنواعها وأنماطها _ سواء بين الأصدقاء أو العشاق أو الأخوه أو بين الزوج وزوجته والأبناء ووالديهم _ فى كل المجتمعات والتجمعات البشريه على مر العصور،لا يحكمها ولا تبنى وتتكون،ولم تتأسس إلا على الخوف والأحتياج وتبادل المنافع والمصالح،فالخوف ومدى الإحتياج والقدرة على تلبية وتسديد الأحتياجات خاصةً الأقتصاديه منها والجنسيه هو الخالق لمختلف القيم والمعتقدات والتصورات،والصائغ والحاكم للعديد من العلاقات والممارسات والأفعال وردود الأفعال،فالحصول على الرفض أو التأييد والأمتثال ليس صعباً بالتخويف والترهيب،فالرغبه فى تحقيق الهدف والغايه وأجتناب العقاب،هى القاعده التى تبنى عليها توجهات البشر،خاصةً فى البلدان الأفتراسيه القاهره
والمقهوره،والتى يتوارث أعضائها نفسية العبيد وعقليتهم المقولبه والمبرمجه على طاعة وتقديس القوى حتى وإن كان جائر وظالم،لكنه يمنحها الشعور بالأمان ويعفيها من مسئولية أتخاذ القرار.
إن الحاكم المستبد القادر على أخصاء وتدجين محكوميه يلقى من الخضوع والأحترام أكثر مما يلقاه الحاكم العادل المتسامح، خاصة فى مجتمعات العنعنه العنينه العابده لسير وأقوال الأسلاف وعقائدهم _ المشكوك فى أنتساب هذه الأقوال إليهم وفى صحة هذه السير، بل وحتى مشكوك فى وجودهم التاريخى
_المجتمعات القبليه التى تسودها روح القطعنه والقولبه وأنعدام التفرد والأحساس بعدم الأمان والأنغماس فى الغيبيات وترجى الغير منظور والغير ملموس ، فهذه المجتمعات لا تحترم إلا القوى المسيطر حتى وإن كان غير عادل ، وتخضع لأوامره وتؤمن بقيمه وتروج لأفكاره ، بينما تحتقر الهادئ المسالم المفكر وتتهمه بالضعف والخنوثه وتثور عليه أذا دعاها من هو أقوى ، إن الثورات لا تحدث فى الغالب بسبب الظلم ولكن تحدث عندما تضعف قبضه الأنظمه وتصبح رخوه ولينه وغير صارمه .
إن الرهبه والخوف أكثر فاعليه ودوام عن ما يسمى بالحب، فالحب ليس إلا مصطلح هلامى وخدعه قد أبتكرها البشر لأبتزاز وأستنزاف البلهاء والسذج والتعساء والجبناء، ولتبرير رغباتهم وتجميل علاقاتهم القائمه فى حقيقتها على الأستغلال لتسديد الأحتياجات البيولوجيه أو ألأقتصاديه أو النفسيه.ويتجلى ذلك بشده فى مؤسسة ألزواج والأنجاب العشوائى الغير منطقى، فالزواج ليس ما يروج له فى الدراما السطحيه الأستهلاكيه الموجهه والمفسده للعقول،والمتواطئه مع المجتمع للأبقاء على أنحطاطه وهمجيته وتبرئته من جرائمه ولكن الزواج هو نظام أبتكره المجتمع لتقنين وتنظيم شكل من أشكال العلاقات، وأكسبه
الشرعيه والجوده والأفضليه ودوام الصلاحيه، بالرغم من شدة ضحالته وأحتوائه بشكله الحالى على العديد من القيم القبليه الأبويه الذكوريه الأستعلائيه الأحتكاريه العبوديه شديدة الحقاره والانانيه، فالرجل يتزوج ليدعم شعوره برجولته وليحققها ويؤكدها ويثبتها أمام نفسه ومجتمعه،وليحصل على الجنس بكثافه وسهوله وبصوره مقبوله، ويمتلك شخص أخر أضعف منه ـ جسدياً وأقتصادياً وأجتماعياً ـ وهو زوجته بعد دفعه ثمنها لأبيها أو لأى ذكر من عائلتها وحصوله على عقد ملكيتها الجنسيه والإنسانيه، ثم أبنائه ليشعر بالقوه والفوقيه والقدره على العقاب والغفران والمنح والمنع.
ولكن ما الذى جعل المجتمع بمختلف مؤسساته _ ليس فقط فى البلاد الناطقه بالعربيه بل وحتى الغربيه _ بصفه عامه والرجل بصفه خاصه ينظر إلى المرأه تلك النظره الدونيه ومتى نشأت تلك النظره وهل الوضع الحالى للمرأه هو نفسه ما كان سائداً منذ نشأة الحياه ؟