بقلم سحر حمزة
 
بما أننا في إجازة نهاية الأسبوع ،ولدينا مساحة وقت لمشاهدة  التلفاز، شدني اليوم  الجمعة  فيلما هرض  على قناة "روتانا أفلام" بعنوان ميرال ،ويحكي  الفيلم قصة النضال الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة إبان الإنتفاضة عام 87 وما بعدها ومن شدة إيماني بعدالة القضية ،وأمنيتي بالعودة للقدس ولأرضنا التي حرمنا منها ،لا سيما وأن مشاهد الفيلم تجسد من سمعته من أمي وأبي عن الأرض وتضاريسها ومباني المدن وأزقة القدس وحاراتها ،وبواباتها، وذرفت الدموع رغما عني لحبي لفلسطين ولهفتي عليها ،وما آلت إليه من صراع دام وإحتلال مقيت للأرض والإنسان .
 
أستذكرت نضال نساء كثيرات دخلن التاريخ دون أن يعرفن مثلهن مثل الكثيرين من الشهداء اللذين سقطوا دفاعا عن الأرض المحتلة في فلسطين ،ميرال مثلت أطفال الحجارة الذين شهدوا الإنتفاضة ،أطفال كانوا عابروا سبيل في شوارع فلسطين وقتلوا على يد المحتل الإسرائيلي ،ميرال مثلت الآلاف الذين فقدوا أحبتهم ،هي فقدت والدها ووالدتها ثم صديقتها جميعا قتلوا برصاص الإحتلال ،إستذكرت تلك المشاهد التي كنت أشاهدها عبر وسائل الإعلام الهدم والقتل وأستذكرت اللجوء عام 48والهجرة من فلسطين والنزوح من الضفة الغربية حين حملني والدي على كتفية كنت حينها ما زلت صغيرة جدا على الهروب مثل الآلاف الذين غادروا الأراضي الفلسطينية ،كان عمري عام وأبي يحاول عبور النهر إلى الضفة الشرقية وهو يحملنا وأخوتي واحدا تلو الآخر كي نعبر النهر إلى الاردن كي ننقذ أرواحنا من قنابل الإحتلال ومدافع إسرائيل التي تطاردنا عام 67 إلى أن حطت رحالنا في منطقة أريحا ثم الأغوار إلى عمان العاصمة الاردنية .
 
إستذكرت  عبر مشاهد الفيلم حكايا أمي وأبي عن القدس ، وما حدث لجيران لنا هربوا معنا عام 67من القدس ، يبحثون عن مرفأ آمن خوفا من بطش اليهود ،تذكرت جارتنا أم أمينة رحمها الله التي فقدت أبنتها الصبية في الحرب والتي قتلت برصاص الإحتلال وأستذكرت جارتنا أم عاطف التي فقدت زوجها الذي سقط شهيدا عام 68في معركة الكرامة الخالدة وهو الجندي في الجيش الاردني حين دافعوا دفاع المستميت كي لا تمتد يد الإحتلال إلى الضفة الشرقية ويلحقها مل لحق بفلسطين من إحتلال ،وعدت إلى ميرال كيف دخلت مدرسة الأطفال  الإيتام بالقدس "مدرسة الطفل"  بعد أن أصبحت يتيمة وتتلمذت على يد معلمتها هند الحسيني مؤسسة المدرسة وكيف أصبحت بطلة تقاوم الإحتلال مع أطفال الإنتفاضة ،ومن حيث لا تدري أصبحت مطاردة إلى أن وقعت  بالأسر في براثن اليهود الصهاينة. 
 
الطفلة ميرال التي عذبت في سجون إسرائيل وضربت ضربا مبرحا كي تعترف عن رفاق لها من شباب الإنتفاضة ،  والمعلمة هند الحسيني التي كانت تعلم الأطفال الايتام ممن فقدوا ذويهم ، وجارتنا أم أمينة التي عاشت وحيدة دون أسرة  وأم عاطف جارتنا الأرملة التي ربت ستة أطفال بعد وفاة زوجها شهيدا في أرض المعركة ، دخلن التاريخ بقوة ، دون أن يخططن لذلك ولم يطلبن ذلك ،ولكن  ،لإيمانهن  بالحرية المفقودة  التي إختنقت في ربوع وطنهم  فلسطين
 
،ولإيمانهن  بأن حق الفلسطينين بأرضهم لن يموت ولن يضيع  وسيبقين  يقاومن  بشتى الطرق والوسائل إلى أن يأتي يوم الحسم ،وتكون  المعركة الفاصلة  التي ستخرج اليهود من أرضنا السليبة وتعود الأرض السليبة  لإصحابها ،وتبقى الأسيرات في سجون  الإحتلال مثالا على بطولة  المرأة وتضحياتها  ونضالها لتدخل التاريخ من أوسع أبوابه دون أن يوثق إسمها في سجلات البطولة التي يكتب عنها في الكتب والمناهج المدرسية التي تدرس للأجيال القادمة كي يعرفوا أن وطنهم فلسطين حي لن يموت وقضية ستعلو فوق منابر المؤتمرات والمحافل الدولية ،ولإن  الشعب الفلسطيني مثل أعلى للصمود والمقاومة والتحدي  معروف بالإعتداد بنفسه  وبقوته وجبروته ونموذج للقوة والعزيمة  والمنعة التي لن يقوى اليهود على إخمادها بداخلهم بغاز مسيل للدموع أو بقنابل تثير الفزع بين من لا يؤمن بدور المرأة الكبير في النضال في كل مناسبة ،ودورها في تعليم الأجيال القادمة أروع قصص  الصمود والمقاومة للمحتل عرفها التاريخ عبر الزمان منذ أقدم العصور.
أنتهى
 
23أغسطس 2013