الأقباط متحدون - يا صديقى كلنا مُغَفّلون
أخر تحديث ٠١:٠١ | الاربعاء ٢١ اغسطس ٢٠١٣ | ١٥ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٢٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

يا صديقى كلنا مُغَفّلون


بقلم: فاروق عطية

كُنت وما زلت من المعارضين لحكم الديكتاتور السابق حسنى مبارك، كتبت مئات المقالات ضد توجهاته وضد التوريث وضد تزاوج السلطة بالمال والفساد الذي استشرى في كل مرافق الدولة. هللت فرحا مع المهللين حين تكأكأ الناس خارجين من بيوتهم في ثورة ضد النظام في 25 يناير 2011 ظانا أنى ضمن من حركوا الناس وشجعوهم على الثورة وأحسست أن جهودي أخيرا قد أتت أُكلها وسوف نجني الثمار عما قريب. ولكنى بعد الفحص والمحص والتمحيص اكتشفت ويا لهول ما اكتشفت، فقد اكتشفت أن الثورة لم تكن ثورة قام بها الشعب للخلاص .

 
ولكنى اكتشفت يا صديقي أن كلنا كُنا مغفلين مُستغلين يُلعب بنا الكرة أو يُحركوننا كقطع الشطرنج أو بالخيوط كعرائس المارونيت، فنحن ننجرف وننقاد بالملايين دون تفكير أو روية وهذه سمات الجهل وقلة الثقافة. لم تكن ثورة (25 يناير) ثورة شعب قام بتبعاتها للخلاص بل كانت فورة تمت بتخطيط أمريكي وغربي 100%. ولعلّنا نتذكر ما بشرتنا به كوندوليزا رايس منذ أكثر من عشر سنوات وما أسمته بالفوضى الخلاقة، وليتها كانت خلاقة بل هي فوضى ساحقة ماحقة ومدمرة لجميع الدول الناطقة بالعربية، ونحن نسير إلى الهاوية مقفلي العيون سكرى بنشوة انتصار زائف ونخُبّ خبا نحو تقسيم دولنا إلى دويلات وربما إلى كانتونات. وهذه المؤامرات الغربية ليست وليدة هذه الحقبة من الزمن ولكنها قديمة ومتجددة منذ قيام الخلافة العربية.
 
وكانت في العصور الوسطى على شكل حروب صليبية, وبعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية تم تقسيم إرث الخلافة إلى دول بمقتضى ما أطلق عليه خِطة سايكس بيكو التي بمقتضاها تبلورت دول عربية تحت حكم استعماري لم يراعي فيه الاختلافات الدينية والعرقية, وما لبثت القوى الوطنية المُؤمنة بأوطانها وقومياتها أن انتفضت على الاستعمار وتخلصت منه عسكريا, وإن كانت آثاره الاقتصادية والثقافية مازالت مؤثرة, وبذلك شعر الغرب أنه خسر مواقعه وخسر إرث الخلافة العثمانية, واليوم يسعى لإرث جديد يتيح لها لتحكم والسيطرة على ثروات هذه البلاد الكامنة وخاصة البترول, ومهندس هذه الخطة هو بيرنارد لويس الصهيوني الذى كان مستشارا للرئيسين بوش (الأب الابن) الذى دَعي إلى تفكيك الدول العربية إلى كانتونات طائفية وعشائرية ورسم لها الخرائط, ووافق الكونجرس على خطته عام 1983.
 
وما جري في 25 يناير هو تنفيذ حرفي لخطة بيرنارد لويس التي تتيح للغرب التحكم والسيطرة على مواردنا وتقسيمها بينهم بل وتجزئة دولنا إلى دويلات، يسهل التحكم فيها حتى لا تفلت مرة أخرى من السيطرة، وتتيح لربيبتهم إسرائيل التمدد والتوسع. وتتبلور الفكرة فى إغراق البلدان الناطقة بالعربية في صراعات دينية وعرقية تشغلهم وتفتت دولهم من الداخل دون عناء يذكر والغرب ينتظر الحصاد دون أن يبذل جهدا في الزراعة. نجحت الخطة أيما نجاح في السودان فانفصل الجنوب وفى الطريق انفصال دار فور في الغرب وكردفان في الشرق. كما نجحت الخطة فى العراق الذي كان يتميز بفسيفساء القوميات المختلفة المتآلفة المتحابة وتحولت بعد الغزو الأمريكي إلى قوميات ومذاهب متناحرة متحاربة أدت لانفصال الكورد بدولة فى الشمال وقريبا دولة للشيعة في الجنوب وأخرى للسنة في الوسط، وضاعت باقي الأقليات (ازيديين وصابئة وكلدان وآشوريين) وتكاد أن تتلاشى أعدادهم بالقتل والتهجير.
 
ولما استعصت عليهم بعض الدول كتونس ومصر وليبيا واليمن كان لابد أن يجدوا لها حلا مناسبا، فلجأوا لتكنولوجيا العصر كالفيس بوك وتويتر لحشد فورات الخريف العربي وتفجير تظاهرات عارمة بتحريض وتمويل غربي ضد النظم الدكتاتورية التي هم أنفسهم قد أقاموها وأيدوها وعضدوها، وبعد نجاح هذه الفورات ساقوا لها جماعة الإخوان المسممين ومن لف لفهم كي يمتطوها.
 
لم يكن ذلك حبا أو قبولا أو إعجابا بهذه الجماعة ولكن كان ذلك بعد بحوث ودراسات قام بها المهتمون بمشاكل الشرق الأوسط من المستشرقين الذين نصحوا بتأييد الإخوان والجماعات المتطرفة الإسلامية المتحالفة معهم ليضربوا عصفورين بحجر واحد, أولهما التخلص من صداع المتطرفين العرب المتواجدين فى الغرب الذين استغلوا الضيافة أسوأ استغلال, وملأوا الدنيا ضجيجا وعنفا مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية, هذا غير المظهر السيئ الذى أحدثوه بافتراشهم الطرقات والشوارع لإقامة الصلاة بها مما يعطل انسياب المرور, وانتشار الحجاب والنقاب بين نسائهم, ورفضهم لأسلوب حياة الغرب الكافر الذى استضافهم. فعندما تتحول أوطانهم إلى حكم إسلامي سيدفعهم هذا للعودة لبلدانهم ويتخلص الغرب من شرورهم.
 
وقد صحت توقعاتهم وتقاطر وصول الجهاديون والإرهابيون إلى بلادنا بترحيب الرئيس المعزول وعصابته. وثانيها استغلال حمق وغباء الإسلاميون وكرههم للرأي الآخر حتى يؤججوا الفتنة الدينية بين المواطنون سنة وشيعة من ناحية وبين المسلمين والمسيحيين من ناحية أخرى وبذلك تكون هناك حجة للتقسيم، وللأسف فقد انساقت الجماعة ومن والاهم من سلفيين وجهاديين وهم مقفلي العيون نحو الهدف المرسوم لهم وهم سكرى بنشوة الحكم.
 
وكلنا نعلم ما حدث بعد استيلاء عصابة الإخوان على الحُكم، حنثوا بالقسم واستهانوا بالدستور وتحدوا القضاء وكانوا منذ البداية قد أجهزوا على الشرطة وحاولوا باستماته القضاء على الجيش درع الأمة. حاولوا بكل قوة أخونة كل مرافق الدولة آملين أن تدوم سيطرتهم على الحُكم لمئات من السنين، لكنهم فشلوا في إدارة البلاد وزادت معاناة الناس من الغلاء وندرة وسائل المعيشة حتى ضجوا وأصابهم الإحباط التام. 
 
لمزيد من التفاصيل اقرأ مقالي بعنوان المد الإسلامي والخريف العربي  
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=323539
وفى الثلاثين من يونيو هبت جموع الناس بالملايين هادرة صارخة تطلب التغيير والخلاص، فرحِت كما فرِح الناس وخرجت كما خرج الجميع نشجب وننادى بزوال دولة المرشد الفاشية. وحين طلب الفريق أول عبد الفتاح السيسي الشعب بالخروج في 26 يوليو أسرعت الملايين بتلبية النداء. حمدت الله أن الشعب قد قام بثورته الحقيقية المنبثقة عن إرادته دون تخطيطات أو ضغوط أجنبية. ولكن بعد الاطلاع على كل ما قيل ونشر في وسائل الميديا المحلية والأجنبية تبينت الحقيقة.
 
أننا ما زلنا يا صديقة مغفلين نساق لنكون وقودا للثورات. اكتشفت وأرجو أن يكون ما اكتشفته غير حقيقي أن ما حدث في 30 يونيو كان بتدبير وتخطيط الدولة العميقة من شرطة ومباحث أمن الدولة التي اعتدى عليها بعنف وسفالة، وقضاء حاولوا أذلاله وتحقيره وأخونة أعضائه، ومؤسسة عسكرية ومخابرات حاولوا القضاء على هيبتها، ووسائل الميديا المصرية التي حاول الإخوان الخلاص منها، وأنصار الحزب الوطني وأيتام المخلوع الذين تم إقصائهم من الحياة السياسية، ردا على فورة 25 يناير التي أطاعت بهم واعتلاها شرذمة الإخوان المسممين.
 
   لا بأس أن تكون فورة 30 يونيو رد اعتبار للدولة العميقة بشرط أن تكون عودة وطنية خالصة لا لعودة المخلوع وأسرته، لا لعودة الفساد وتزاوج السلطة برأس المال، لا للأحزاب الدينية، و ومرحى بدولة مدنية علمانية تؤمن بالمواطنة الحقيقية ولا بأس من حماية الجيش لمكتسبات الثورة، خاصة وأن الشعب الآن قد تم التلاعب به مرتين في ثورات مصطنعة وقد وعى الدرس وعركته التجارب ولن ينساق مرة أخرى وراء سراب وسيحافظ على مكتسباته والطريق إلى الميادين متاح ولن يستطيع أي من كان الوقوف ضد إرادة الشعب. . نتعشم أن يعى الشعب أيضا الدرس ويفيق من كبوته ويأخذ الزمام فى يده ولا يدع أى قوى خارجية كانت أو داخلية اللعب به وبمقدراته.
 
http://arabic.rt.com/forum/showthread.php/290880-%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%89?p=890069#post8900

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع