بقلم : إسحاق صبحي
فيما يشرع الوطن بكافة اطيافه فى تبنى خطة المستقبل وجب على الجميع التوقف لحظات لتأمل اخطاء الماضى ومؤامراته بل وجرائمه
يمكن اعتبار خطة المستقبل التى توافقت عليها كافة تيارات واتجاهات الشعب المصرى بصيص ضوء وسط ظلام السنوات الثلاث والثلاثون الماضية ، حبذا لو نجحت فى وضع البلاد على طريق الديموقراطية الغائبة بفعل فاعلين عن حياتنا السياسية
كان هناك العديد من خطط الماضى دفعت البلاد دفعاً الى طريق الخراب، ليدفع شعبنا بأكمله ثمناً لاخطاء هواة الزعامة والتسلط تارة وهواة المتاجرة بالدين تارات
ومن الماضى القريب جداً نتذكر خطة طنطاوى – عنان لاجهاض الثورة التى انتهت لعقد صفقة بشعة مع الاخوان المسلمين على طريقة شيلنى واشيللك، بدأت الخطة فور تأكد المجلس العسكرى السابق من ثقة الثوار فيه والمراهنة عليه ليدفع الوطن ثمنا غاليا مئات الشهداء على مدى اكثر من عامين وصولاً لأقتتال داخلى طاحن يعلم الله الى ماذا سيؤدى فى النهاية
و لكى تنجح خطة المستقبل فلابد من وضع الكثير من النقاط فوق حروف لا يريد احد قرائتها، فلطالما فضلت المؤسسة العسكرية تأمين مصالح الجيش بغض النظر عن تحقيق الديموقراطية من عدمه
أن ذلك المبدأ يمثل بداية وطريق كل فشل ، كان هذا المبدأ وراء الاتفاق مع فصيل انتهازى مثل الاخوان المسلمين يمكن الاعتماد عليه فى تفريغ الثورة من مضمونها الرئيسى وهو حياة كريمة للشعب الذى قام بالثورة
لا يمكن ضمان مصالح الجيش او اى مؤسسة اخرى طالما ظل هذا الشعب جائع ومهان و جاهل ومريض ، ولا معنى ان يعيش ضباط ورتب القوات المسلحة فى رفاهية على قفا الشعب الكادح الذى حارت به سبل العيش
ان الجيش المصرى هو مؤسسة وطنية يسرى على افرادها ما يسرى على باقى فئات المجتمع بما يحقق مبدأ المساواة بين فئات الشعب جميعا
ان رصد ميزانيات ضخمة للجيوش فى وقت ترصد فيه ملاليم هزيلة للتعليم والصحة يضع اى حكومة فى المستقبل تحت ضغط اعباء لا قبل لها بها
كان من المتوقع مثلا ان يصطدم الاخوان بالمؤسسة العسكرية فكلاهما له مصالح ويرغب فى تأمينها وتعظيمها ما أمكن ذلك، بالاضافة لكون الطرفيين يتبادلان التعامل بانتهازية وارتياب فى الوقت ذاته ومع غياب خبرة الممارسة السياسية لدى الجانبين ، اضف الى ذلك حصار الضغوط الشعبية من قبل جماهير ما عادت تطيق الانتظار فكانت النتيجة الحتمية الفشل ثم الصدام
والان هل يوجد اى عاقل يرغب فى استنساخ تجربة كهذة مجدداً
و من خطط الماضى القريب ايضاً لا ننسى خطة أخونة مصر اى ابتلاع الوطن داخل جوف جماعة الاخوان ، كانت الخطة من السذاجة والغباء بحيث تكون مكشوفة وترصد تطوراتها اولا باول، الا ان اكثر ملامحها غباءً تمثلت فى ترشيح محمد مرسى العياط رئيساً للجمهورية ، إذ عمدت الجماعة الى استغلال الشعبية التى تحظى بها و قدراتها التنظيمية والانتخابية لتنافس فى انتخابات الرئاسة بترشيح احد اقرب طراطير المرشد لمنصب الرئيس
الم تستطع جماعة الاخوان ترشيح شخص لديه ابسط مقومات الوعى والفهم و القراءة السياسية السليمة ، لكنه الضمور الفكرى لدى جماعة ضخمة وتنظيم عريض لكنه للاسف لا يملك عقلاُ مفكرأ والعياذ بالله
كان فشل خطة الاخونة حتمياً اذ لا يمكن لجماعة ما – حتى لو كانت بتفهم – ان تتسع لتشمل الوطن بأكمله ومن الطبيعى ان محاولة احتواء الوطن الكبير داخل تنظيم ما ستؤدى لتصدع جدران الجماعة وانهيارها
اما خطة بيع مصر والتفريط فى سيادتها و "التبرع" ببعض اراضيها للاشقاء السودانيين فى الجنوب والاشقاء الحمساويين فى الشرق فضلا عن استضافة الالاف من الارهابيين الاجلاء من ذوى الوشوش السمحة والقلوب العامرة بالسماحة ليكونوا طليعة حلم دولة الخلافة و قاطرتها ، فكانت تلك الخطة كقشة قصمت ظهر قطيع من البعير بأكمله
و الملاحظ ان الجماعة ظلت مثابرة على دعم كافة خطط تمزيق الوطن ببلاهة عجيبة غير عابئة بثورة الشعب ضدها وضد مسلكها الاستبداد التآمرى الشائن كونها جماعة فاشية لا تملك من ادوات نقد الذات ما يكفى لتصحيح المسار عند اللزوم
ما نرجوه ان تسلك خطة المستقبل فى اتجاه مضاد للماضى ، منتجةً فى النهاية وثيقة دستورية ترفع شأن الوطن وتنظر لها الاجيال القادمة على انها ميثاق وعهد لابناء هذا الوطن يجمع ولا يفرق يصون ولا يفرط فى كرامة كل فرض من ابناء هذا البلد المنهك
ان التخطيط الناجح لن يأتى بمعزل عن دوافعه، فيتحتم ان يكون هدف اى خارطة مستقبل هو نجاح هذا البلد ورهافية ابناؤه من دون تركيز عل مكتسبات مؤسسية او فئوية او نخبوية
لا امل فى نجاح خطة المستقبل الا ان ننتبه جيدا لاخطاء الماضى وسيئاته علنا نجد فيها العبرة فما ضاع من وقت ودماء يكفى ومن غير المقبول تكراره
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع