بقلم: د. عصام عبد الله | الاثنين ١٩ اغسطس ٢٠١٣ -
٣٩:
٠٤ م +02:00 EET
الموقف المشرف للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاه شعب مصر وجيشها عام 2013، (لا يقل شجاعة) عما فعله الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز (قبل أربعين عاما) مع شعب مصر وجيشها وتحديدا في حرب أكتوبر عام 1973. سيذكر التاريخ أن الشقيقة الكبري "المملكة العربية السعودية " استشعرت في التوقيت المناسب حجم الخطورة علي أرض الكنانة، ومن ثم استخدمت كل ثقلها الدولي (وأسلحتها المناسبة) لإنقاذ مصر من براثن مؤامرة كبري، ونجحت بالفعل في " لجم " التهور السياسي الغربي ضد مصر!
لا أتحدث هنا عن الدعم المادي فقط (5 مليارات دولار) من جملة 12 مليار من دول الخليج، في وقت تساومنا فيه (علي كرامتنا وإرادتنا الوطنية) الدول الغربية وصندوق النقد الدولي والمؤسسات الأخري المانحة للقروض، وإنما أيضا الدعم المعنوي والسياسي الدولي، فقد أنتزع عميد الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة موافقة الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند على منح خارطة الطريق فى مصر فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار فى البلاد.
الأهم من ذلك إدانة " هولاند " للعنف والإرهاب من جانب أنصار الإخوان المسلمين! ما يعني احترام السعودية (أكبر دولة عربية إسلامية) " سنية " لإرادة الشعب المصري،وتبرئة الدين الإسلامي أمام العالم من تهمة العنف والإرهاب الذي تمارسه جماعة سياسية (بعينها) تحتكر الدين لنفسها، وتوظفه بكل السبل المشروعة وغير المشروعة من أجل الوصول إلي السلطة ولو علي حساب سمعة المسلمين ودماء الآخرين في كل مكان!
علي النقيض تماما مما تفعله الحكومة الإسلامية في " تركيا " بقيادة رجب طيب أردوغان، التي تؤلب الغرب ضد مصر وتستعدي مجلس الأمن وترعي إرهاب التنظيم الدولي للإخوان (تخطيطا وتمويلا) بما يشكل خطورة حقيقية علي الأمن القومي المصري، لذلك فإن أقل ما فعلته الحكومة المصرية، هو ما أعلن عنه أمس في الصفحة الرسمية للرئيس المؤقت عدلي منصور، على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر "، من توقيع مندوب مصر بالأمم المتحدة على الوثيقة الدولية للاعتراف بمذابح الأرمن التي قام بها الجيش التركي وراح ضحيتها مليون قتيل علي الأقل.
فتح ملف إبادة الأرمن وفضح حقيقة جرائم الأتراك وهي جرائم ضد الإنسانية بلا شك، معناه أن مصر اتخذت (قرارا لا رجعة فيه) : الحرب علي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في (معاقله) في العالم (وليس فقط فرعه في مصر)، وبمعني أكثر وضوحا نحن علي أعتاب " حرب استخباراتية " شرسة لن يسلم من شرورها وفضائحها أحد، شعارها : " ليس في الحرب مكرمة " كما يقول الفرنسيون، وبالمناسبة : الجنرال عبدالفتاح السيسي، قبل أن يصبح وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة، كان مديرا للمخابرات الحربية والاستطلاع!
لن يتوقف الأمر عند تركيا .. فقدتزامن ذلك مع التهديد بالكشف عن وثائق وأدلة تدين أجهزة مخابرات دول كبري مثل : فرنسا والمانيا وانجلترا والولايات المتحدة (متهمة) بتمويل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من أجل الوصول إلي الحكم في البلدان العربية والهيمنة علي المنطقة، في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد، أو " سايكس - بيكو 2 "!
المستشارة " تهاني الجبالي " نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا (سابقا) كشفت عن أسماء بعض رؤساء العالم (المتورطين) في تمويل عمليات مشبوهة لتوطين الإرهاب وزرعه في الخارج، وطرحت هذا التساؤل في برنامج تليفزيوني شهير : ما هو الدور الخفي للأخ (الإفريقي) غير الشقيق للرئيس أوباما في هذا الصدد، بإعتباره أحد مهندسي إدارة الاستثمارات الكبري في تمويل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين!
" تهديد أوباما " أمتد لجماعة الإخوان المسلمين (نفسها) في مصر التي التزمت – الصمت - حتي الآن، في انتظار ان يفي أوباما بتعهداته ويضغط علي الحكومة المصرية للإفراج عن قادة التنظيم وعدم محاكمتهم، لكن يبدو أن " حنكة الجنرال السيسي " ضغطت علي الأعصاب المحترقة للجماعة حتي كادت أن تنفجر، فقد هدد " سعد الشاطر " نجل خيرت الشاطر الرجل القوي في التنظيم، والمحبوس علي ذمة قضايا جنائية عديدة، وصرح لوكالة أنباء الأناضول : أنه يملك " معلومات ناسفة " بالصوت والصورة تهدد مستقبل أوباما السياسي وتضعه في السجن، إذا لم يفرج فورا عن والده!
مقايضة " أمن مصر القومي " بأمن " جماعة الإخوان المسلمين " التي مارست العنف والإرهاب في العالم وعلي امتداد عقود طويلة، هو استهانة بكرامة المصريين والأحرار في كل مكان، ومهانة للدول التي تدعي أنها حامية للحريات وحقوق الإنسان وهي (في نفس الوقت) ترعي الإرهاب وتزرعه في الدول الأخري بإسم الديمقراطية وحقوق الإنسان!
dressamabdalla@yahoo.com
نقلا عن إيلاف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع