بقلم مينا ملاك عازر
منذ الأربعاء الماضي، بل ومن قبله، سال على الأرض نهر دم أغلبه لم يكن إخوانياً إذ كان مصرياً نقياً طاهراً بريئاً منذ دماء شهداء يناير مروراً بشهداء ماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد وجيكا وزملاؤه، وجنود الجيش المصري بسيناء، وانتهاءاً بالدم الذي سال في الأحداث الجارية الآن، بدءاً من يوم الأربعاء، دم رائحته تزكم الأنوف، تملأ القلوب حسرة، تهز الوجدان، تدفع أصحاب القلوب للتحرك لوقفها بحسم وشدة، وهو ما فعله الفريق أول السيسي حين عزل مرسي، ليوقف جريان نهر الدم المصري، وليبدأ في خارطة طريق وحوار وطني جاد لم تقبله الجماعة المسلحة المخربة، واختارت السلاح وسيلة للحل، ومن اختار السلاح ينكوي بناره، غير أنهم فوجئوا أنهم يقاتلون أُناس ذوي شرف وأخلاق، فلم يرتدعوا وزادوا في انحطاطهم، فأخذوا في مهاجمة الكنائس، وزادوا في مهاجمة المحال التجارية والآمنين بمنازلهم، فصار الوضع صراعاً بين أُناساً يتحلون بالأخلاق والشرف، وآخرون لا علاقة لهم بالفروسية والشرف، لا يواجهون الرجال رجل لرجل بل يتجمعون على العٌزل، ويحرقون الآمنين، لا يواجهون حاملي السلاح، وهي أبسط قواعد الصراع الشريف، والحرب النبيلة، ولكنهم اختاروا الانتقام بمن هم في مأمن، فهل لدم أولائك حرمة يا برادعي؟!
هل لدم العدو حرمة؟ هل لدم الخونة حرمة؟ أم أنكم تتشدقون بشعارات لا تفهمونها ولا تقدرونها؟ هل تدركون أن الدم المصري له حرمة؟ حسناً تفعلون، ولكن هل كانوا مصريين اللذين سال دمهم وهم يوجهون سلاحهم للجيش المصري ولشرطة بلادهم، إن كانت إجابتك بنعم، وأن لهم حرمة، فاذهبوا حاكموا لينكولين الذي وحد أمريكا، فلقد سفك من الدماء الأمريكية ما هو أغزر بكثير مما يُسفك على يد الجيش الذي يدافع عن الأرض والوطن، وأكثر مما سفكته الشرطة المصرية التي تدافع عن أقسامها المقتحمة ممن يدعون أنهم مصريين، هل للدم حرمة عند أولائك؟ وليس له حرمة عن من مات دون بيته وكنيسته ومسجده.
من لا يفرق بين الدماء، ويخلط دم الخونة والأعداء بدماء أصحاب الحق في الوطن، ومن يدافعون عنه، هم جهلاء، دمويين أكثر من أولائك اللذين يسفكون الدماء المصرية لأنهم يعطون مبرراً لأفعالهم الإرهابية، ألم يكن دم العراقي له حرمة حين صمت الأندال وأمريكا تجتاح بلادهم؟ ألم يكن للدم الأفغاني حرمته حين أراقته الجيوش الأمريكية؟ لو للدم الإخواني الخائن المستقوي بالغرب، ورافع السلاح على الآمنين، وعلى رجال الجيش والشرطة والمتعاون مع حماس، والكاذب والمدعي ومزيف الحقائق، والمستعدي العالم على جيش بلاده حرمة، فالدماء الإسرائيلية التي سالت على يد الجيش المصرى في 1973 حرمة أيضاً، فالإسرائيليون حينها لم يفعلوا أكثر مما فعله الإخوان، فإذا كانوا أولائك قد استولوا على أرض، فهولاء أيضاً فعلوا هكذا، فإن كانوا أولائك حصنوا بقاءهم عليها هولاء أيضاً فعلوها، وإن كانوا رفعوا السلاح على جيشنا فأيضاً هؤلاء فعلوها، وإن كانوا ادعوا علينا أيضاً، هؤلاء فعلوا هكذا، لذا لا أرى للدم الإخواني ما دام كان دم لشخص مسلح قاتل حارق مخرب حرمة، وذلك مع احترامي لكل المرتعشين اللذين يدعون الشرف والبطولة والنبل، ويتعاملون بهم مع أُناس لا يعرفون عن تلك الأخلاق شيء.
المختصر المفيد الدم المصري له حرمته ولكن دم الخونة والأعداء لا حرمة له.