المصرى اليوم | الجمعة ١٦ اغسطس ٢٠١٣ -
١٦:
٠٨ ص +02:00 EET
مدحت بشاي
مدحت بشاى
بالفعل، وكما يقولون إنه بمجرد فساد رأس السمكة فإن العفونة تسرى فى باقى أعضاء السمكة مباشرة، وهكذا الأمر فى دنيا الناس، فلا إصلاح يمكن تحقيقه دون التيقن من صلاح الرؤوس الحاكمة، وحتى عندما يكون الحديث عن ضرورة التطهر فى مراحل ما، فإن غسيل الدَّرَج يبدأ دائماً من الأعلى إلى الأسفل.
لو أن لهذه الجماعات التى استوطنت ميدانى رابعة العدوية والنهضة رأسا يفكر، وتتدبر لما وصلنا إلى متابعة المشهد الصعب (أكتب مقالى بينما تتم مجابهة قواتنا الشرطية لمستعمرى تلك المناطق فأجهزوا على كل مناطق الحياة والجمال، بل التعرض بالتشويه، وانتهاك حرمة آثار المساهمات الإنسانية الحضارية التاريخية).. هناك نجاح هائل فى منطقة النهضة، والمشهد يبدو كأطلال مناطق حرب، ولا تزال المقاومة عنيفة فى منطقة رابعة العدوية، لكن الأهم استمرار منصة الخداع التى تنطلق منها شعارات مخادعة يحفزون بها المساكين المحتجزين قهراً.. يصدق فيهم قول الآية الكريمة «يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون».. الآن ثبت بالدليل القاطع أن حدوتة السلمية التى كان يكررونها كذب وخداع بعد القبض عليهم، وبحوزتهم أسلحة وذخائر، وتوقيف عربات بلا لافتات محملة بالأسلحة، وبها عناصر إرهابية غير مصرية، ولعل الإعلام المصرى ينجح فى تصدير صورة توضح مدى بشاعة وإجرام توجهات تلك الجماعات.
ولكن الأمر لم يتوقف على القيادات المباشرة لتلك الجماعات، بل أضيف لهم من أسقطوا الأقنعة من أدعياء التنظير والتحليل السياسى، وبات علينا أن نذكر القارئ بكلامهم الأخطر، الذى أشعل النيران فى الأفئدة والنفوس فى محاولة كاذبة لتأكيد أن ثورة 30 يونيو هى انقلاب عسكرى..
يقول محمد الجوادى، المتأخون حديثاً: «هناك وزراء فى حكومة الببلاوى كانوا يريدون إعدام من يتم القبض عليهم، ولكن الفريق أول السيسى رفض».. « الآن 98% من الشعب المصرى يؤكد شرعية مرسى».. «الناس فى رابعة والنهضة وكل التجمعات لهم خمسة إيمانات يتحركون على أساسها وفق بيئة وثقافة وقناعة كل منهم.. الدينية، والحرية، والوطنية، والشرعية، والديمقراطية»..«الناس فى تلك التجمعات باتوا يقولون: كيف لتواضروس أن يسقط رئيسا مسلما؟»، ويقول تعقيباً على خبر سجن قيادة إخوانية «السجن للجدعان!!».
أما السفير إبراهيم يسرى، المنضم حديثاً أيضاً لتعضيد الإخوان، فقال «الشعب لا يمكن أن يقبل أن يكون رئيسه ونظامه تابعاً للبيت الأبيض».. وكأن مرسى لم يكن تابعاً للأمريكان، بل مدعوم بالمال والمواقف السياسية من الأمريكان!!
أما القيادى الإخوانى د. محمد عمارة فمن بعض ما قال «مرسى أعجب رئيس جمهورية، فقد كان الرئيس الذى يملك ولا يحكم، فقد كانت كل المؤسسات ضده».. وأسأل معاليه: أليس ذلك سبباً كافياً لعزله؟!.. ويضيف «إن ما حدث تحالف أدعياء الليبرالية مع الكهنوت الكنسى».. «الناس فاقدة للوعى ومش فاهمة».. «حزب النور جزء من التركيبة الخليجية والباقى مع الشرعية»..«فى فرنسا من يصلون الجمعة ضعف من يذهبون إلى الكنيسة.. إنها العلمانية المتوحشة وتلك آثارها».. « الجيش المصرى لم يهزم إلا عندما اشتغل بالسياسة».
وعليه ما نشهده فى الشوارع هو نتيجة طبيعية لخداع هؤلاء للبسطاء من أهل بلدى، وتصعيد الجانب الطائفى (يتم حرق كنائس فى العديد من المحافظات وأنا أكتب تلك السطور)، وهل يمكن أن ننسى أنه وفى أول أيام صيام السيدة العذراء لدى أقباط مصر مطالعة الخبر التالى «لقيت الطفلة جيسى بولس عيسى، 10 سنوات، مصرعها بطلق نارى من الخلف بعد خروجها من الكنيسة الإنجيلية، وقام مجهولون يشتبه فى انتمائهم لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى بفتح النار بطريقة عشوائية أمام شارع أحمد عصمت أمام الكنيسة الإنجيلية؛ مما أدى إلى وفاة الطفلة وإصابة العشرات، وتم تحويل جثمان الطفلة للطب الشرعى بزينهم، وقال شهود عيان: (إن ملتحين ينتمون لمؤيدى مرسى أطلقوا النار على المواطنين أثناء خروجهم من الكنيسة، وكانوا يستقلون سيارة ربع نقل ثم فروا هاربين)».. وهى حادثة تأتى فى سياق جرائم الاعتداء على بيوت ومحال الأقباط وكنائسهم، ورفع علم القاعدة عليها، وشطب لوحاتها الرخامية، وكتابة «مصر إسلامية» فوقها مثلما حدث للافتة بطريركية الأرمن بشارع رمسيس.. ولك الله يا مصر.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع