الأقباط متحدون - «السيسى»: مصر ترفض الأفكار المتطرفة.. وإصلاح التعليم أولى خطوات الديمقراطية
أخر تحديث ١٢:٢٣ | الثلاثاء ١٣ اغسطس ٢٠١٣ | ٧ مسري ١٧٢٩ ش   | العدد ٣٢١٧ السنة الثامنة  
إغلاق تصغير

«السيسى»: مصر ترفض الأفكار المتطرفة.. وإصلاح التعليم أولى خطوات الديمقراطية

الفريق أول عبدالفتاح السيسى
الفريق أول عبدالفتاح السيسى

 تواصل «الوطن» نشر الجزء الثانى من نص الدراسة التى أعدها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، أثناء دراسته فى كلية الحرب الأمريكية فى العام 2006، بعنوان «الديمقراطية فى الشرق الأوسط»، منتقداً فيها واشنطن لدعمها «أنظمة غير ديمقراطية وغير محترمة للحفاظ على مصالحها»، مشيراً إلى أن الديمقراطية كى تنجح لا بد أن تعكس مصالح دول الشرق الأوسط وليس مصالح الأمريكيين وحدهم، لافتاً إلى دور الدين فى أى تغيير ديمقراطى فى المنطقة، معبراً عن قناعته فى أنه «لا تعارض بين الإسلام والديمقراطية والبيعة والشورى، فجميعها آليات يمكن أن تتطور الديمقراطية من خلالها».

 
وأوضح «السيسى» فى بحثه أن الديمقراطية لا يمكن أن تُفهم فى الشرق الأوسط دون إدراك مفهوم الخلافة التى يعود تاريخها إلى عهد النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، الذى بدأ الحكام بعد وفاته بنحو 70 عاماً فى الابتعاد عن المثل العليا التى رسخها، واستخدموا سلطاتهم لتحقيق رفاهيتهم الخاصة. وأشار إلى ضرورة أن يكون ولاء الجيش والشرطة للوطن وليس للحاكم، وانتقد حكام المنطقة المستبدين الذين يتظاهرون بالديمقراطية، بينما هم فى الحقيقة غير راغبين فى التخلى عن السلطة.
 
لابد من «توحد» دول الشرق الأوسط تحت مظلة على غرار الاتحاد الأوروبى لضمان تحقيق مصالح المنطقة
وتابع «السيسى» انتقاده سياسات واشنطن فى المنطقة لأنها «تنفق أموالاً طائلة على الحروب فى الشرق الأوسط، أملاً فى تهيئة المنطقة لأجواء الديمقراطية، موضحاً أنه «فى حال فقدان الاستقرار فى دول مثل العراق وأفغانستان نتيجة للحروب التى شنتها الولايات المتحدة، فإن شعوب الشرق الأوسط سوف تشكك فى أهداف الديمقراطية الأمريكية». وأضاف «من الأفضل أن أرى مليارات الدولارات يتم توظيفها لتحقيق أهداف ومساعٍ اقتصادية سلمية فى شكل استثمارات ومساعدات. ولكى تساعد الولايات المتحدة المنطقة فى مجال الديمقراطية بطريقة أكثر فعالية، عليها خفض عدد قواتها العاملة فى العراق وأفغانستان، وإظهار دعمها الاقتصادى لدول الشرق الأوسط، مثل مصر».
 
وأضاف وزير الدفاع فى بحثه: «تعانى بعض بلدان الشرق الأوسط من السيطرة الحكومية الشديدة على كل الأنشطة، وتضخم رواتب بعض المسئولين المقربين من السلطة، ما يخنق المبادرات الفردية ويعزز من قبضة وسلطة الحزب الحاكم. وفى مصر خلال حكم الرئيس السادات تم تخفيف وتقليص دور الحكومة بهدف تحفيز النمو الاقتصادى إلا أن تلك الجهود لم تتطور فى عهد الرئيس مبارك».
 
وعن قضية التعليم وأهميتها، كتب «السيسى» أن «التعليم فى منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحسن بالإصلاحات الفنية فقط، بل يجب أن يكون هناك حافز اقتصادى من شأنه أن يجعل المواطنين يدركون مزايا التعليم، لذلك يجب أن ترتبط الإصلاحات التعليمية بتحسين القدرات الاقتصادية للبلاد، ويجب على الحكومات تنفيذ السياسات التى تشجع على الحرية الاقتصادية والنمو الاقتصادى».
 
وحول نظم الحكم فى الشرق الأوسط، كتب الوزير «إن أنظمة الحكم فى المنطقة تختلف على نطاق واسع، فمنها أنظمة ملكية، وحكومات مؤقتة بسبب تعرض بعض البلاد للاحتلال، إضافة إلى بعض الديمقراطيات، والجمهوريات، ودول ذات نظام اتحادى أو دينى، لكن الطبيعة الدينية للشرق الأوسط خلقت تحديات للسلطات الحاكمة، خاصة فى ظل سيطرة النظم المركزية على الحكم، وميل الحكومات نحو النظام العلمانى، ما أدى إلى تجاهل قطاعات كبيرة من المواطنين يعتقدون أنه لا ينبغى استبعاد دور الدين من الحكم، وغالباً ما يتم القبض على الزعماء الدينيين المعارضين للحكومة وإيداعهم السجون دون محاكمات، وهذه الحكومات التى تدعى الديمقراطية تسيطر وتؤثر على نتائج الانتخابات بطريقة غير عادلة من خلال السيطرة على وسائل الإعلام والتخويف الصريح، وعندما تزيد الحكومات من جرعة الاضطهاد قد تكون النتيجة حدوث بعض الأعمال الإرهابية».
 
وأضاف «تعتبر الأراضى المحتلة فى فلسطين مثالاً جيداً، لأن الظلم خلق بيئة خصبة لنشأة حركات متطرفة، وبالطبع توجد عناصر دينية معتدلة داخل المجتمع لكنها ليست مؤثرة بنفس قدر المتطرفين، فالمتطرفون يتمتعون بالنفوذ ويكتسبون شعبية بين الناس، فجماعة مثل حركة حماس من المرجح أن تصل إلى السلطة من خلال الوسائل الديمقراطية، لكنها لا تزال لا تمثل الشعب بنسبة كبيرة، وخاصة المتدينين المعتدلين، الذين يمثلون الإسلام المعتدل حتى فى مواجهة حركة حماس المنتخبة، ومن المحتمل أن تكون هناك تحديات داخلية للحكم، ولكن هناك أمل أن القطاعات الدينية الأكثر اعتدالاً يمكن أن تخفف من سياسات وتدابير المتطرفين».
 
وانتقد «السيسى» سيطرة بعض الحكومات على وسائل الإعلام، بقوله «إن السيطرة على وسائل الإعلام من قبل الحكومة يعرض المسلمين المعتدلين لمزيد من المشاكل، فوسائل الإعلام تحكمها فلسفة علمانية، ووسائل الإعلام العلمانية تضمن سيطرة الدولة على الإعلام وتحرم رجال الدين المعتدلين من الظهور، وتنشر فلسفة الحياة الليبرالية التى لا يدعمها أو يفضلها الكثير من المسلمين المعتدلين، ما يوفر ذريعة للمتطرفين لأنها تتسبب فى اتفاقهم مع المعتدلين على موقف مشترك واستغلاله لصالحهم، ما يزيد من انتشار وتأثير الأفكار المتطرفة، وكل ذلك لأن الحكومة تمارس السيطرة المفرطة على وسائل الإعلام، وبالتالى لم تعد وسائل الإعلام تقدم أى دور خدمى للمجتمع، فعند وجود حالات من الفساد فى الحكومة، فمن المحتمل ألا يتم تناولها. وعلى هذا النحو، يقود الإعلام الجماهير إلى الاعتقاد بأن حكوماتهم جيدة وتقوم بدورها نحو كافة المواطنين، لكن الكثير من المواطنين فى الشارع يستطيعون معرفة الحقيقة بوسائل أخرى، وفى هذه الحالة فإن وسائل الإعلام ستكون عقبة أمام أى شكل ديمقراطى للحكومة، وذلك لبعض الوقت حتى يمكن الوثوق بها لتمثل ما هو أكثر من وجهة نظر الحكومة. وعن بعض المخاوف من الديمقراطية فى الوقت الحالى، أشار «السيسى» فى دراسته إلى أن «نظم الحكم المختلفة فى الشرق الأوسط، يمثل أغلبها المَلَكيات التى لها سيطرة حصرية على بعض الأنشطة الحيوية مثل الإعلام، ومن غير المرجح أن تتخلى تلك الحكومات طوعاً عن السلطة فى أى وقت قريب لصالح إقامة نظام حكم ديمقراطى، وحتى الآن تبرز الحاجة إلى وجود حالة من الرؤية التى يمكن أن توحد جميع دول الشرق الأوسط بغض النظر عن شكل أو نظم الحكم فيها، وتوجد أمثلة على منظمات مثل منظمة أوبك والجامعة العربية، وهى منظمات تمثل بعض مصالح دول الشرق الأوسط، لكنها لا تعمل بوصفها كيانات موحدة مثل اتحاد المغرب العربى، أى كيان يعمل لصالح دول الشرق الأوسط، ونظراً لعدد المَلَكيات الموجودة فى منطقة الشرق الأوسط، فليس مفاجئاً أن يتطلع المواطنون إلى الحكومة لتحقيق رفاهيتهم. ويخبرنا التاريخ أن هذا كان الحال دائماً بشكل عام، فطبيعة مواطنى الشرق الأوسط لم تتغير، فهم يعتمدون على الحكومة طالما كانت هناك قيادة ونظام حكم جيد، وكان هذا مقبولاً. لكن عند التعامل مع حكومة أو قيادة فاسدة وغير جديرة بالثقة فإن المواطن لا يحظى بتمثيل لدى الحكومة، كما أنه لا يستطيع الحصول على احتياجاته الضرورية. وهنا نؤكد على أن الديمقراطية تجلب التحديات، لهذا يجب تبنّى أسلوب المبادرة الفردية، والمكافأة حتى يشعر أفراد المجتمع بأهمية اعتمادهم على أنفسهم بدلاً من الاعتماد على الحكومة لتوفير كل شىء، وسوف يستغرق هذا التحول بعض الوقت، كما أنه تحول يتطلب قيادة قوية، وقاعدة جماهيرية داعمة فى الشارع وجهوداً اقتصادية».
 
سيطرة الحكومة على الأنشطة خنق المبادرات.. و«مبارك» لم يواصل سياسات «السادات» فى تقليص دور الدولة الاقتصادى
وحول اختلاف التصورات بين الشرق الأوسط والثقافة الغربية فيما يتعلق بالديمقراطية، كتب «السيسى»: «هناك أمل فى إقامة ديمقراطية فى الشرق الأوسط على المدى الطويل، إلا أنها قد لا تكون نموذجاً يتبع القالب الديمقراطى الغربى، فالديمقراطية فى الشرق الأوسط يجب أن تتسع لفروق واسعة وأنواع مختلفة من نظم الحكم، ويجب أن يكون لها هدف موحد هو أن يتحول الشرق الأوسط إلى منطقة موحدة، وهذا هو مكمن الخطورة الحالى، فهناك معركة مستعرة بين المتطرفين، والغرب، وكل طرف يسعى جاهداً لبسط سيطرته وفرض طريقة الحياة التى تدعم مصالحه». وعن مستقبل الديمقراطية فى الشرق الأوسط، أكد وزير الدفاع فى بحثه أن «المتطرفين يرون الخلافة باعتبارها الهدف النهائى، فى حين يراقب المعتدلون الديمقراطيات الناشئة فى دول مثل مصر وسوريا ولبنان واليمن، وبطبيعة الحال فإن فلسطين تحصل على نصيبها من اهتمام العالم بعد صعود حركة حماس للسلطة، والسؤال الذى يطرح نفسه: ماذا سيكون شكل الديمقراطيات الجديدة؟ نرى أمامنا ثلاثة اختيارات؛ الأول هو أن الديمقراطيات التى تميل نحو التطرف، مثل حماس، قد تأخذ مركز الصدارة لأنها منظمة بشكل فعال وتلبى احتياجات ممثليها، وسيكون التحدى بالنسبة لهم هو: هل سيتمكنون من المشاركة بشكل فعال على الساحة العالمية وتحقيق نوع من التوازن دون التخلى عن ثوابتهم أو عزل أنفسهم عن العالم؟».
 
وتوقع «السيسى» أن يكون النموذج الثانى «أقرب للاعتدال مثل مصر أو لبنان حيث لا يمكن بسهولة تقبل الأيديولوجيات المتطرفة فى هذين البلدين، لكن تبقى المشكلات مع الفساد داخل الحكومة غير مفهومة جيداً أو واضحة للمواطنين، ولتجنب انجذاب تلك التجارب الديمقراطية نحو الأيديولوجيات المتطرفة من المهم أن تثبت الديمقراطية الجديدة وجود طريقة أو أسلوب أفضل للحياة بالنسبة للمواطنين من خلال حكومة تمثل أطياف المجتمع».
 
وعن توقعاته للنموذج الأخير والمستبعد والأقل احتمالاً هو النموذج الغربى للديمقراطية، كتب وزير الدفاع «سيكون بمثابة نموذج يحتذى به فى الشرق الأوسط، لكن مع تعقيدات الأوضاع فى المنطقة من غير المرجح أن تشبه ديمقراطية دول الشرق الأوسط صورة الديمقراطية الغربية، وقامة ديمقراطية ناجحة فى العراق سوف تكون معياراً لبعض دول الخليج فى المستقبل، فإذا نجح العراق فى إقامة ديمقراطية معتدلة فى المستقبل، سوف يثبت ذلك أن الصراعات المتعددة الأعراق بين السنة والشيعة وغيرها يمكن حلها سلمياً ويمكن أن يكون أسلوب ونظام الحكم واحداً فى تلك البلاد، وأن الديمقراطية يمكنها حل مشكلة انتشار الفقر على نطاق واسع وخلق حياة أفضل».
 
أتمنى أن تنفق أمريكا ملياراتها لمساعدة الدول بدلاً من غزوها.. وضرب العراق وأفغانستان أفقد الثقة فى نواياها
وانتهت الدراسة التى أعدها الفريق «السيسى» إلى بعض الاستنتاجات والتوصيات ومنها «إن التعليم ووسائل الإعلام هى الركائز الرئيسية نحو إرساء الديمقراطية، ويجب أن تتحول الدول من نظم تتحكم حكوماتها بكل شىء فيها إلى دول تتحكم شعوبها بكل سلطات الدولة وأدواتها ووسائل الإعلام، وأن تصبح تلك الوسائل أكثر انتشاراً حتى تكون قادرة على التأثير الإيجابى على نظام التعليم وإصلاحه من أسفل إلى أعلى، ومن الواضح أن المتطرفين يدركون جيداً قوة وسائل الإعلام ويحاولون كسب المزيد من النفوذ من خلالها، ولكى تنجح وسائل الإعلام يجب أن تشير وتبين أن الاعتدال هو أفضل نمط من أنماط الحياة، كما أن دور الدين فى الحكم سيكون قضية رئيسية. وعلى مر التاريخ كان الدين يمثل تحدياً للديمقراطية، لكن ذلك لا يعنى أن الشرق الأوسط سوف يفشل فى دمج الدين ضمن نظام الحكم، فيجب أن يكون هناك فهم مشترك للدين الإسلامى بين جميع الأعراق والثقافات كما يجب وضع العقائد غير الإسلامية فى الاعتبار».

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.