بقلم: حنان بديع ساويرس
إلى بطل مصر العظيم الذى أعادها لشعبها فَخُلِدَ أسمه فى كُتب التاريخ .. إلى الفارس الذى جاء يمتطى جواده ليُنقِذها من بَرَاثِن الإرهاب ، فَعَفىَ شعبها الشامخ شر الذل والعبودية والهوان والعار ، إلى من أنقذ مصر من الخونة مِمَن تاجروا بها وتعاقدوا على بيع شعبها وأراضيها بأبخس الأثمان .. إلى الرجل الذى أرسلته العناية الإلهية مُخلصاً لهذا الوطن العظيم ليبدأ عهد جديد ، إلى من أعاد لنا أمجاد إنتصارات أكتوبر التى لم يُعاصرها جيلنا ، بل سمعنا عنها من كُتب التاريخ ، فحقاً نفخر بها وكم تمنينا لوعشناها.
وها قد أتى اليوم الذى شعرنا فيه أننا نستعيد فيه مجد تلك الإنتصارات وكأننا نراها رؤية العيان ، حقاُ إنها إنتصارات 30 يونيو بما تحمله الكلمة من معانى التى تمثلت فى إنتفاضة الشعب المصرى ضد الظلم والطُغيان فنزل ليكتب كلمة النهاية لكل من خان مصر وشعبها رافضاً أن يتعايش مُجبراً مع سياسة العشيرة والقبيلة التى مَارسهَا الرئيس المَخلوع مرسى وكم رأينا حكمة الجيش المصرى بقيادة الفريق السيسى عندما إنحاز لإرادة الشعب ليقى مصر شر الحرب الأهلية حال تَعَنُت د.مرسى وتمسكه بكرسى الرئاسة ولاسيما بعد أن قام بتهديد المصريين جهراً فى آخر خطاب له "بالدم والويلات" لو سولت لهم أنفسهم الخروج عن " الشرعية .. الشرعية .. الشرعية" !!
كما أعلنها صراحة فى خطابه قبل الآخير قائلاً " كفاية سنة" وما أدراك ما معناها ، وهى حملة إعتقالات واسعة لإعلاميين وفنانين وكُتاب وقادة الجيش والثوار والسياسيين" هذا ما كان ينتظر المصريين، فقد صرحت الأستاذة كريمة الحفناوى بأحد البرامج بأن مُرسى وأعوانه قد خصصوا ميزانية لبناء سجون جديدة بدلاً من بناء مصانع للحد من البطالة المُستشرية بمصر !!
- فلولا مُساندة الجيش المصرى لشعبه لإقتلاع الرئيس الإخوانى مع أهله وعشيرته مِمَن يحكمون معه أو بالأحرى مِمَن يحكمون بالنيابة عنه !! لكان حدث ما لايُحمد عقباه .
فعاد شعورنا بالأمل الذى كان قد ولى عهده بعد إعلان مرسى رئيساً للبلاد وبعد أن باتت خيبة الأمل سِمة لكل مصرى ، ونحن نرى إنهيار مصر ولا نستطع فعل شئ لها سوى الدعاء لله الذى أستجاب بسرعة لم نكن نتوقعها فكل الشكر لله .
فأريد أن أقول لك سيادة الفريق أنك عندما قرأت بيان تنصيب رئيس مؤقت للبلاد ، وإعلان خارطة الطريق ، وإيقاف العمل بدستور 2012 جَعَلت المصريين يتنفسوا الصعداء ، وكأنك لم تكن تلقى على مَسَامِعنا بياناً فحسب .. بل وكأنك تعزف سيمفونية الحياة فكنا أشبه بالغريق الذى أنقذ الله حياته وهو على حافة الإحتضار ، فأسترددنا آخر رمق لنا قبل الغرق المَحتُوم والموت المُحقق فكتب لنا الله النجاة ، وإنقشع الكابوس الجاثم على صدورنا عام بأكمله وكأنه دهراٍ فقد رأيت الطبيعة ذاتها تتهلل مع الفرحة العارمة للشعب المصرى بجميع طبقاته وفئاته وإنتماءاته وإختلاف مذاهبه وطوائفه ودياناته ، فلم أرى مثل هذا اليوم فى حياتى .. لم أرى قط فرحة شعب بأكمله فى ذات اللحظة مثلما رأيت فى هذا اليوم العظيم .
هذا كله نتيجة قراركم الصائب الحكيم فى تعضيد ومُساندة شعب مصر ، فقد أعَدت لنا سيادة الفريق ثقتنا الذى ربما نكون قد إفتقدناها بعض الوقت فى المؤسسة العسكرية بسبب الأحداث الصعبة التى مرت بمصر فى عهد المجلس العسكرى السابق بقيادة المُشير طنطاوى ، فأستطعت إزالة هذه الفجوة فى زمن قياسى ، ولكن لى عدة تساؤلات أريد طرحها فى رسالتى لك سيادة الفريق الا وهى .
-قد طلبت منا كشعب مصر النزول يوم 26 يوليو لتفويضك للقضاء على الإرهاب وقد نزل الشعب المصرى عن بكرة أبيه بالفعل بأعداد تفوق أعداد 30 يونيو ذاته مُلبياً نداءك وأنتظرنا على أحر من الجمر فض الإعتصامات الغير سِلمية التى روعت المواطنين وأصبحت مَرتع للإرهاب والمُجرمين ، لكن للأسف قد طال إنتظارنا ولم يحدث شئ .. فلماذا لم يخرج علينا أحد من الحكومة الجديدة بإجابة وافية شافية وهذا أضعف الإيمان ؟!!
- فعدم إنهاء هذه الإعتصامات فور نزول المصريين يوم 26 يوليو جعل هؤلاء يُرتبون دفاترهم من جديد ، ويُجددون الخُطط ، ويتآمرون مع الخارج ويستقوون به لتدمير مصر من أجل مصالحهم الشخصية ، فكل يوم يمر على وجود هذه الإعتصامات يقع على أثره ضحايا جُدد ، فكم مصرى قُتل هناك بخلاف من عذبوهم عذابات وَحشية ، وكأننا فى عهد الرومان ، بخلاف إختطاف النساء والفتيات وتعذيبهن فى رابعة حتى يخضعن لما يطلقون عليه "جهاد النِكاح" وقد رأينا على إحدى الفضائيات فتاة صغيرة تروى كيف تم إختطافها من قِبل بعض المُنتقبات لإجبارها على مُمارسة الرذيلة حتى يضمنوا إستمرار إعتصام الرجال ، وكأننا عُدنا لتجارة الرقيق وسبى النساء!! بخلاف إستخدام أطفال الملاجئ اليتامى كدروع بشرية ، بل وإختطاف الأطفال من الشوارع ووضعهم فى الصدارة ليستتر ورائهم هؤلاء الجُبناء !!
-وفى قمة حيرتنا ولسان حالنا سؤال واحد لا ثانى له الا وهو لماذا لم يتم فض الإعتصامات كما وعدت ؟؟!! إلا ونجد وزيرة الإعلام تخرج علينا ببيان عن مجلس الوزراء تُعلن فيه أنه قد تم تفويض الداخلية لفض الإعتصامات ، فأنفرجت أساريرنا وقلنا "عادى" فليس من المهم من الذى سيقوم بفض الإعتصامات سواء كانت الشرطة أو الجيش ، لكن المهم أن تُفض فى أسرع وقت حفاظاً على أرواح الآمِنين ، وفسرنا ذلك بأنه ربما يكون هذا هو الأفضل بسبب الضغوط الدولية ، وأيضاً لترفع الداخلية رأسها وتثأر لنفسها مِمَن إستهانوا بها وتطاولوا عليها مثل صفوت حجازى عندما سب وزير الداخلية وأهانه قائلاً " لو الداخلية فيها رجل ييجى يفض الإعتصام" لكن للأسف لم يُفض أيضاً !! بالطبع أنتم أدرى منا بموعد فضه لكن لابد أن تضعوا فى الحِسبان ما يُعانيه ويُقاسيه سكان رابعة "خاصة" من إختراق وإنتهاك حُرماتهم ، بسبب تفتيشهم تفتيش ذاتى من اللجان الشعبية لتلك الإعتصامات بخلاف مايرونه من مهازل من نوافذ منازلهم ، فقد سمعت أحد سُكان رابعة يصرخ بهستيرية فى مُداخلة هاتفية بأحد البرامج قائلاً أن زوجته لم تخرج من المنزل مُنذ أكثر من 40 يوم وأن أطفاله محبوسون بالمنزل ويصرخون ويبكون يومياً ووصف كيف أصبحت حياته جحيماً وأنه إن لم يتم فض الإعتصام سيقف على سطح منزله ويشعل فى نفسه النيران ويترك لافتة مكتوب عليها "أننى فعلت ذلك بسبب فشل الدولة".
- فالمُمَاطلة فى فض هذا الإعتصام بات مُخيب للأمال وأصابنا بالإحباط ، فَبَدت الصورة قاتمة وغريبة وكئيبة وتُنذر بمزيد من الأخطار ، فبدأت تعلو نبرة المُعتلين لمنصة رابعة والنهضة وكأنكم تعطونهم بشكل غير مباشر الفرصة للملمة شِتاتهم وإستعادة ثقتهم بأنفسهم ، وهذا كله على حساب حياة وراحة المصريين .. وعلى الجانب الآخر رأينا زيارات سرية لوفود أجنبية للرئيس المخلوع مُرسى ولخيرت الشاطر والزيارة للآخير يوجد عليها مليون علامة إستفهام وتَعَجُب.. لأنه لم يكن يوماً مسئولاً رسمياً بالدولة ؟؟؟!!! ، ولاسيما أن بعض الزيارات تمت فى خلسة ليلية وبعيدة عن موعد الزيارات الرسمية ، والأدهى من ذلك والمُثير للإندهاش هو أن يَخرج علينا أثنان من نواب مجلس الوزراء على الفضائيات ليعلنوا ويؤكدوا رفضهم لهذه الزيارات المُريبة بل صرحوا أنهم لا يعلمون عنها شيئاً !!!
- ولماذا يُسمح لذات الوفود بزيارة رابعة وكأنها أصبحت دولة مُستقلة أو دولة داخل دولة ؟!!
- فكانت الضحية نتيجة عدم حسم الموقف تجاه أذيال الإخوان الموجودون بميدانى رابعة والنهضة هم الأقباط وليس سواهم ، فخرج المُرشد وصفوت حجازى والبلتاجى ومن قبلهم عاصم عبد الماجد والزمر من أعلى منصة رابعة للتحريض على الأقباط فى مُحاولة بلهاء لتشتيت وحدة المصريين التى كانت على مَرأى ومَسمَع العالم أجمع يوم ثورة 30 يونيو ، فالأقباط شاركوا فى الثورة كغيرهم من المُسلمين الذين يشغلهم شأن هذا الوطن لكنهم دائماً وأبداً يتحملوا نتيجة وتَبَعَات تحرير الوطن وحدهم .
- فلماذا سيادة الفريق لم نجد أمن حول أسوار الكنائس التى تُحرق يومياً فى المُحافظات المُختلفة ويُرفع على بعضها أعلام القاعدة بخلاف مسيرات لهؤلاء الإرهابيين حول الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وكاتدرائية العذراء بالزيتون مع هتافات تحريضية ومُعادية للأقباط ونحن الآن فى نهضة السيدة العذراء ، والكنائس مُكتظة بالمُصلين مما يُنذر بكارثة فى حال الهجوم على إحداها ، وهذا بخلاف الكتابة على جُدران الكنائس عبارات مُستفزة للمشاعر الدينية ؟؟!!
-لماذا لم يَهُب أحد لنجدة كنائس وأقباط المنيا وبنى سويف وسوهاج من الحرق والنهب ، بخلاف حالات خطف الأقباط لإستنزافهم بطلب الفدية ، وفى الغالب لا يستطيع ذويهم دفعها فيكون مصيرهم القتل كما حدث مع أحد أقباط العريش الذى تم فصل رقبته عن جسده بشكل وحشى يُندى له الجبين ، كما قتلوا كاهن بالعريش ، وقُتلوا مواطن مسيحى وإختطفوا أبنه وأصابوا أبنه الآخر كما قام مُلتحين بقتل طفلة ذات عشرة أعوام وحيدة والديها بحى عين شمس .
– وسأقف قليلاً عند الإعتداءات التى حدثت ضد أقباط الصعيد ،الذى ترتب عليها خسائر فادحة سواء نفسية أو جسدية أو خسائر مادية قُدرت بنحو ثلاثة مليون جنيهاً ، فكل هذ فى كفة وما حدث من تواطؤ للأمن ببنى سويف والمنيا فى كفة آخرى فوصل التواطؤ لدرجة أنهم قاموا بالقبض على ثلاث شباب من نشطاء الأقباط الذين ذهبوا لإمداد الأقباط المُتضررين بالقرية بالمُساعدات !!
لماذا بعد هذه الثورة يتم عقد جلسة صُلح عُرفية بعد أن تم حرق ونهب مُمتلكات الأقباط والقبض عليهم ليتم إبتزازهم والتفاوض على خروجهم مُقابل التنازل عن حقوقهم ؟؟
- لماذا بعد هذه الثورة يُكيل للأقباط المجنى عليهم إتهامات إزدراء أديان ولا يُرحم طفل عمره 11 عام من هذا الإتهام فمعروف أن الإتهام بإزدراء الأديان الموجه للأقباط كان إبتكار إخوانى بحت .. فهل نفهم من ذلك أن الإخوان مازالوا يَحكُمُون؟؟!!
-فلا أتعجب لعدم تدخل وزير الداخلية لحماية الأقباط أو حتى خروجه ببيان يُندد ويَشجُب ، لأنى أتذكر جيداً الإعتداء على الكاتدرائية المرقسية لأول مرة فى التاريخ وقد حدث هذا أثناء حقبته الوزارية فى عهد مُرسى ، لكن مالم أتقبله هو صمت الرئيس المؤقت ونوابه ورئيس الوزراء ولن أتحدث عن د. البرادعى الآن لأنى سأخصص له مقالى القادم .
-سيادة الفريق أنت من طلبت منا النزول لتفويضك للقضاء على الإرهاب وبالفعل فوضناك أنت وليس سواك ، ومن يومئذ ونحن ننتظر أخبار سارة لكن للأسف لم يحدث شئ إيجابى حتى الآن . فلماذا ؟؟؟!!!
-فقد وعدت المصريين قبل الثورة قائلاً أنك لن تسمح لأحد أن يَرهِب هذا الشعب الذى لم يحنو عليه أحد ، وقلت أننا سَنحمى كل الناس " المُسلم والمسيحى" فى مقولة صريحة تقطع الشك باليقين ، ووصفت الأقباط أثناء تهانيكم لكم بالعيد "بأهالينا الأقباط " .. يومها شعرنا بصدق نواياك وأطمأنت قلوبنا لوطنيتك ، فلماذا تصمت عن حماية أهلك من الأقباط .. فحقاً أنك لم تخذلنا وساعدت المصريين للوصول لأصعب خطوة أقدموا عليها وهى خلع مرسى وأعوانه من الحكم .. لكننا أيضاً لم نخذلك والشعب كله خرج بأشارة صغيرة منك.. ومازلنا نثق فيك وفى وطنيتك ، وأريد أن أذكرك أن ماتم إنجازه فى هذه الثورة المجيدة سهل إنهياره لو حدث تفتيت وتقسيم الوطن بفتن بين الأقباط والمُسلمين وهذا يحدث الآن بالفعل بيد الإخوان ، والسلفيين ، والجماعات الإسلامية المعروفة بتاريخها الدموى ولاسيما فى صعيد مصر
- فى ختام رسالتى لك سيادة الفريق أريد أن أنوه لك أنه ربما يكون مقبول وغير مُثير للإندهاش أن يتم إضطهاد الأقباط أو الصمت على ظلمهم وقمعهم وحرق كنائسهم ونهب مُمتلكاتهم أو تلفيق الإتهامات لهم لو كانت سياسة النظام الحاكم تقع تحت حكم السَادات أو مُبارك أو مُرسى أو حتى المُشير طنطاوى وهذا لأنهم جميعاً إما أستخدموا الورقة الطائفية لإلهاء المصريين عن أمور عِضال أو لتعصب بعضهم فتركوا المُتطرفين على الأقباط كاللقمة السائغة للإنشغال بهم عنهم ، لكن ليس من المقبول بل ومُثير للعجب أن يحدث هذا أثناء مُشاركتك "سيادة الفريق" فى حُكم مصر كوزير للدفاع ونائب رئيس الوزراء .. وأكررها أنت من فوضناك ، ويؤسفنى أن أعترف لك أننا كمصريين لا نثق فى أحد سواك ولاسيما أنك قد وعدت ووفيت بوعودك .. لكن تصريحات الحكومة الحالية ما أكثرها وما أكثر تضاربها ولا تفى بوعد أوكلمة وهذا أصبح مُثير للقلق ولاسيما تهاونهم فى حماية الأقباط وفض الإعتصامات والصمت على بعض رجال الشرطة المُتطرفين بالصعيد.
-أرجو أن تصلك رسالتى هذه وأتمنى لسيادتكم التوفيق والحماية من الله الذى نعبده جميعاً والحفاظ على الوطن والمواطنين من أيدى العابثين وبأقل الخسائر والا حبذا لو كان بدون خسائر فمازلنا ننتظرك لتكمل فرحتنا بالثورة التى للأسف بدأت تنكسر يوماً بعد يوم ولكن يبقى وعد الله لنا يبث الأمل فى نفوسنا فهو القائل "مُبارك شعبى مصر" .