الأقباط متحدون - المشكلة الطائفية بين الدولة والمثقفين
أخر تحديث ٠٣:٠٧ | الثلاثاء ١٣ اغسطس ٢٠١٣ | ٧ مسري ١٧٢٩ ش   | العدد ٣٢١٧ السنة الثامنة  
إغلاق تصغير

المشكلة الطائفية بين الدولة والمثقفين

بقلم : مؤمن سلام

 
لابد أن نعترف أن لدينا مشكلة طائفية، تجعل مشكلة عادية بين أي مواطنين تتحول إلى حرب دينية مقدسة. ومن لا يعترف بذلك فهو إما مغيب لا يدرى ما يدور حوله، وإما خبيث يسعى لاستغلال هذه المشكلة لتحقيق مصالح سياسية. وهي البدعة التى ابتدعها نظام السادات ثم سار على نهجه مبارك فمجلس طنطاوي فإلإخوان المسلمين وأخيرا هذا النظام الذي يدعى الثورية. فقد تعاملت كل نظم الحكم على مدار أكثر من أربعين عام مع المشكلة الطائفية باعتبارها ورقة سياسيا يتم اللعب بها تماما مثل ورقة الإسلام السياسي. إذا أردت الدولة الضغط على الخارج أو على العلمانيين أو على غير المسلمين السنة، أطلقت عليهم جماعات الإسلام السياسي لترهبهم فيفروا هاربين إلى أحضان السلطة السياسية، فإذا تم لها المراد ألجمت هذه الجماعات. ثم إذا شعرت أن الإسلام السياسي قد توحش، عادت ومنحت للعلمانيين الحرية لخوض حرب فكرية ثقافية ضد الأصولية، فإذا شعرت أن العلمانيين على وشك الانتصار الفكري على الأصولية عادت وقمعتهم. فكلها سلطات لم تكن ترغب في القضاء على الأصولية ولا على المشكلة الطائفية، فهي أوراق ضرورية لبقائها في الحكم.
 
 ولذلك نقول أن القضاء على المشكلة الطائفية يقتضى أولاً اعتراف الدولة بها وان تتخذ قرار بالقضاء عليها بالطرق القانونية والثقافية وتبدأ في التنفيذ الفوري، وتتوقف عن إهمال المشكلة بالادعاء أنها مشكلة فردية أو أحداث شاذة، وان من يتحمل مسئوليتها هم المثقفين والنخبة الذين لا يعملون على توعية أفراد الأمة. في محاولة من الدولة للتملص من وظيفتها في فرض القانون على الجميع، وفى نفس الوقت إلقاء الكرة في ملعب المثقفين لاتهامهم بالعجز وإسقاطهم أمام الجماهير، حتى أصبحنا أمه بلا عقل.
 
حل المشكلة الطائفية في مصر يتطلب تعاون وثيق بين الحكومة والمثقفين. فالحكومة هي من تستطيع فرض القانون، وهى من تستطيع معاقبة كل من يحض على الكراهية، وكل من يمارس التمييز في عملة. هي من تستطيع فصل الشيخ الذي يسب الأديان والمعتقدات الأخرى على منبر المسجد، وهى التى تستطيع رفت المدرس الذي يربي الجيل الجديد على كراهية الأخر، وهى التى تستطيع إغلاق وسائل الإعلام التى تحرض على المخالفين. الدولة هي التى تستطيع منع التمييز على أساس العقيدة أو الجنس داخل مؤسسات الدولة، فيكون تولى المنصب للكفء بغض النظر عن عقيدته أو لونه أو جنسه. والدولة هي التى تستطيع أن تضع مناهج تعليم تنويرية حداثيه تواكب العلم والتطور الإنساني، وتربي الأجيال الجديدة على الانفتاح على الأخر، وتعلم الصغار أن هذا الوطن هو ملك لكل مواطنيه بالتساوي لا فضل لمواطن على أخر إلا بما يقدمه لهذا الوطن وهذه الأمة المصرية.
 
بالتوازي مع عمل الدولة في فرض القانون وإصلاح التعليم، يكون عمل المثقف في تنوير العقول ونشر الحداثة في المجتمع المصري. يجب على المثقفين النزول من أبراجهم العاجية لمخاطبة الجماهير والعامة. والنزول لا يعنى بالضرورة النزول إلى الشوارع والمقاهي وهو أمر محمود ونتمناه ولكن ليس كل مثقف يستطيع ذلك، ولكن يجب على الأقل النزول باللغة إلى مستوى فهم المواطن العادي البسيط. على المثقف والمفكر أن يدرك الفرق بين الحديث في قاعات الدرس ومراكز الأبحاث والدراسات والجامعات، وبين الحديث في ندوة عامة أو أمام شاشات التلفزيون لمواطنين ليس لهم دراية بلغة العلم والفلسفة.
 
كما أن على المثقف والمفكر أن يهتم دائما بمشاكل الجماهير ويحاول أن يطرح الحلول العلمية والعملية التى تجعل الأفراد يهتمون بما يقول ويستمعون له، يجب دائما ربط الأفكار والمفاهيم بحياة الناس وبيان مساهمة هذه الأفكار في حل مشكلات الأفراد والمجتمع.
 
 
 
أتمنى أن يأتي الوقت الذي تعترف فيه الدولة بالمشكلة الطائفية، وتتحالف مع المثقفين لحلها، الدولة بسيف القانون والمثقفين بنشر التنوير والحداثة.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter