الأقباط متحدون - سلم من سبع درجات
أخر تحديث ٠٧:٣٨ | الأحد ١١ اغسطس ٢٠١٣ | ٥ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢١٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

سلم من سبع درجات

بقلم: ليديا يؤانس
الصُعوُد شئ والنُزول شئ آخر!
الصُعود يعني الإرتفاع والتفوق والنجاح والقوة والإنتصار على الذات والآخرين.
النُزول يعني الإنحدار والسقوط والفشل والضعف والهزيمة أمام النفس والآخرين.
بالتأكيد الصُعود أصعب من النُزول.
 
مُعظمنا قد سَمِعَ أو يعرف جيداً أبونا إبراهيم،  والذى يُعرَفْ أيضاً بأبو الآباء أو أبو البطاركة.   
إسحق إبن أبونا إبراهيم وَلَََدَ يعقوب و عيسو.  عيسو الإبن الأكبر وتزوج وهُوّ في سن الأربعين مِنْ زوجتين وثنيتين هُما يهوديت إبنة بيري الحِثي و بَسمة إبنة إيلون الحثي (تك 34:26) وفى إستهتار باع البَكورية بأكلة  عدس (تك 25:27-34). يعقوب الإبن الأصغر وعلى مايبدو أنه كان مُدللاً مِنْ أمهِ،   كان مُحتالاً ومَكاراً (تك 31:25) وكَذاباً (تك 27: 19؛ 20 ؛ 24). 
 
في يومٍ مِنْ الأيام خَرَجَ يعقوب مِنْ بئر سَبعْ وذهب نحو حاران هارِباً مِنْ وجه أخيه عيسو بعد أن سلبهُ البكورية والبركة.  يعقوب أخذ بركة والديه ولكِنهُ إفتقد العائلة و الحُب والحنان،  أصبح وحيداً هارباً لا يعرف مصيرهُ ولا حتى طريقهُ في وسط البرية ووحوشها.
 
السُكون مُخيف وفجأة يسمع يعقوب زئير أو فحيح أو أقدام تقفز هُنا أو هُناك فَينخَلِعْ قلبه مِنْ صدرهِ وهُوّ لا يعرف الكرْ أو الفرْ ولا يحمل معهُ أي سلاح لأنهُ ليس رجل برية.   الظلام قاتل وفجأة يرى خيالات وأشياء تتحرك حوله وخلفه وبين رجليه فيكتشف أنها حيوانات صغيرة أو حشرات قد تلدغه أو تعضه.  رِِِجلاه لم تستطيعا حمله مِنْ شدةِ التعب ومِنْ إصطدامِهما بالحجارة والأشواك في البرية.  
الأفكار السوداء بدأت تُلاحقه،   جَفَ حلقهُ وأصبح مِثل الخشبه،  يسمع دقات قلبه تدُق كالناقوس في رأسهِ.   بدأ يعقوب يؤنب نفسه على ما إقترفته يداه في حق أخيه!     
وسط هذا الضيق والرعب وضع يعقوب رأسه على حجر وإضطجع لينام فرأى حُلماً (تك 28: 10-19).  رأى السموات مفتوحة وسُلماً منصوباً على الأرض ورأسه يَمِسْ السماء.   كلمة "سُلمْ" اُستخدمت مرة واحدة في الكتاب المُقدس (تك 12:28).  
 
حين كان يعقوب مُدللاً في بيت أبيهِ و أمه لم يرى شيئاً ولكن في وسط الضيق والألم رأى الله وأخذ الوعود وتمتع بوجود الله وبركته وحمايته.  نَحنُ أيضاً وسط الضيقات نتمتع بما تمتع به يعقوب!   
 
بدون شك وسط الضيقة تذكر يعقوب خطاياه وندم عليها أى إعترف بها في نفسه وأمام الله فبدأ الرب يتعامل معهُ لإن الرب فاحِصْ القُلوب والكُلى.    نَحنُ أيضاً عندما نتذكر خطايانا ونندم عليها ونعترف بها  نتمتع بما تمتع به يعقوب!
 أصبح يعقوب وحيداً وهائِماً في البراري،  ليس لهُ مُعين سوى الله،  فبدأ يُصلي!
الرب أغدق عليه نعمته بأن أظهر لهُ ذاته قائلاً في (تك 13:28) "أنا الرب" – أنا إلهك وإله آباءك بل وأكثر مِنْ مرة أجذل له الوعود ولنسله مِنْ بعدهِ وباركه الرب بأن قال له أنك ستكون مُباركاً مِنْ جميع قبائل الأرض (تك 14:28).  وأن الرب سيُحافظ عليه حسب وعوده وكلمته. 
حينما مَنَحهُ الرب كُل هذة النعم والبركات بدأ يعقوب في تقديم الشُكرللرب ونذر نذراً وأعطي وعداً أن يكون الرب إلهاً لهُ إن رجع سالِماً أرضه (تك 28: 20-22).  
حينما وضع يعقوب رأسه على الحجر وأضطجع لينام رأي السموات مفتوحة وسُلماً مَنصوباً على الأرض ورأسهُ يَمِسْ السماء. 
 
سِلمْ يعقوب يُمثل حياة الإنسان الروحية وصُعود السلم يُمثل الخطوات أو الدرجات التى يجب أن يرتقيها المؤمن لكي يصل إلى قامة ملء المسيح.
تعالوا نصعد معاً على سِلمْ يعقوب فنري السموات مفتوحة وننعم بالبركات الإلهية:
 
الدرجة الأولي مِنْ السلم (الإعتراف والتوبة)
أول درجة للنمو الروحي أن يعترف الإنسان بخطاياه ويتوب عنها.   الخطية تفصل بين الإنسان والله،  تفصل بين النور والظُلمة، لأنهُ  لا شركة للنور مع الظُلمة. 
الله قدوس وليس به خطية وبالتالي سيكون هناك إنفصال بين الله والإنسان الخاطئ إلى أن يتوب الإنسان مِنْ قلبهِ ويرجع إلى الله.   ومن محبة الله للإنسان أنه ينسي خطايانا عندما نعترف بها ونتركها.   تقول كلمة الله "إن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا مِنْ كُلْ إثم" (1 يو 9:1).  
 
الدرجة الثانية مِنْ السلم (الصلاة) 
الصلاة تعني صِلة بين الانسان وخالقه.  موسى النبى عندما تقابل مع الله وبقي مَعهُ مُدة أربعين يوماً ثم نزل إلى شعبهِ كان وجهه مُضيئاً وإضطر إلى أن يضع بُرقعاً على وجههِ لكي يستطيعوا النظر إليه.  نور الله وبهاءه إنطبع على وجهه. وهذا يدل على أنهُ بِالصلهِ الدائمة مع الله،  أى بالصلاةِ سوف نترك أعمالنا الشريرة وننمو روحياً.  
يجب علينا كمؤمنين أن نواظب على الصلاة ونحرص على أن تكون لنا شركة وعلاقة مُستمرة مع الله الذى يغفر خطايانا ويفيض علينا بنعمتهِ  وبمساعدة الروح القدس سننمو روحياً ونقوي في الإيمان. 
 
الدرجه الثالثة مِنْ السلم (الشُكر) 
حياة الشُكر درجة عالية جداً مِنُ الإيمان،  ولكن لا يستطيع كل إنسان أن يُقدم الشكر لله!
البعض بكبرياء يعتبرون أن مايُعطيه لهُم الرب واجبُ عليه.  والبعض يرى أنهُم يستحقون أكثر مما يُعطيهم إياه الرب وبالتالى فالرب ليس عادلاً معهُم.  وبعض المُجربين والمُتألمين يعتبرونه ظالماً وعنده مُحاباة.  والبعض يُقدم الشكر لله فى كل الظروف والأحوال وهؤلاء يتميزون بِدرجةِ عاليةِ من الإيمان. 
الكتاب يحثنا على أن نَشكُر الرب في كُل حين وتحت أى ظرف مِنْ الظروف.  بولس الرسول فى (فيلبى 6:4) يحث أهل فيلبي على الصلاة والشُكر فيقول "لا تهتموا بشئ بل في كُل شئ بالصلاة والدعاء مع الشُكر لتعلم طِلباتِكُم لدى الله". 
 
ولنتعلم أيضاً مِنْ يسوع المسيح الذى كان يُقدم الشُكر للآب قبل كُل عمل يقوم به وأيضاً في أحاديثهِ.  فعلي سبيل المثال وليس الحصرنَجِدهُ يشكُرْ الآب قبل صلبهِ وعندما وضع سِرْ التناول وعند إقامة لعازر. 
أحبائي حياة الشُكر تُقوي الإيمان وتُحنن قلب الله فيستجيب لِطلباتنا.
 
الدرجة الرابعة مِنْ السلم (دراسة كلمة الله)  
كلمة الله حية وفعالة تعمل فينا وبِنا لإن الرب يقول الكلام الذي أُُكلِمكُم به هُوّ روح وحياة.   وعلى ذلك الله يُطَوِبْ اللذين يقرأون كلامه فيقول "طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب" (رؤ 3:1)   ويقول "طوبى لِمَنْ يحفظ أقوال هذا الكتاب" (رؤ 7:22)   وأيضاً يقول "بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه ويعملون به" (لو 28:11). 
 
ليس فقط قراءة الكلمة وسماعها بل يأمُرنا يسوع المسيح بدراسة الكتاب المُقدس فيقول في (يو 39:5) "فتشوا الكُتب لأنكُم تظُنون أن لكُم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي".   وفي هذة الحالة يقوم الروح القدس بدور المُعلم الذي يُعلمنا ويرشدنا ويُعطينا إستنارة روحية وفكرية.   قراءة ودراسة الكلمة هى الغذاء الروحي لأجسادنا ونفوسنا ولذلك يقول المسيح "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بِكُل كلمة تخرج مِنْ فم الله."ً 
 
الدرجة الخامسة مِنْ السلم (الإستعانة بوسائل أخري تساعد على فِهم الكتاب المقدس) 
عندما تُواجِهكْ صُعوبات في دراسة كلمة الله إبحث عن الكُتب التى تُساعدك على الفِهمْ أو إسترشد بمن هُم أكثر دراية وعِلماً بالكتاب المُقدس وتفسيراته.  لا تتخاذل وتقول لستُ أفهم بل إستعِنْ بوسائل البحث والدراسة المُتاحة.  المُهم أن تقرأ وتدرِسْ وتتعلم لأن الحياة الروحية جهاد وصُعود لا ينتهى.   كل ذلك سيكون له الفضل في رفع مُستواك الفكري والروحي.
 
الدرجة السادسة مِنْ السلم (أعطى للآخرين مما تعلمتهُ) 
عندما يرتقي الإنسان روحياً بمرورهِ بالمراحل السابقة وجب عليهِ أن يُعطي للآخرين قدراً مما عِندهُ مِنْ العلم والمعرفة.  إبدأ في مُشاركة ماتعلمتهُ وإستوعبتهُ مِنْ كلمة الله مع الآخرين (عائلتك – أصدقاءك – زُملاءك - جيرانك). يسوع المسيح يقول "طوبى لِمَنْ عَمِلَ وعَلَمْ."
 
الدرجة السابعة مِنْ السلم (الكرازة أو التبشير بالكلمة) 
أى الكرازة بالكلمة على مستوى عام وأوسع وأشمل مِنْ مُجرد الحديث مع مجموعة صغيرة.  المهمة الأساسية لكل مسيحى والتى كلفنا بها يسوع المسيح هى الكرازة بالإنجيل والشهادة لهُ فى كل المسكونة،  فمثلاً:
قبل صلبه مُباشرة حينما كان يُعد تلاميذه للأحداث القادمة قال لهُم في (متى 14:24) "ويُكرز ببشارة الملكوت هذة في كُل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتى المُنتهى". 
عندما وضع سر الإفخارستيا (التناول) قال في (1 كو 26:11) "فإنكم كُلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذة الكأس تُخبرون بموت الرب إلى أن يجئ".
وقبل صعوده أوصاهُمْ في (أع 8:1) "لكِنكُمْ ستنالون قوة متى حَلْ الروح القدس عليكُم وتكونون لي  شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الارض."
 
أحبائي النمو الروحي في الإيمان ليس سهلاً بل يستلزم علاقة حميمة مع الله ومحبة مع الآخرين ووقفة صادقة مع النفس.    

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter