الأقباط متحدون - في مطعم الشفافية
أخر تحديث ٢٢:٠٩ | الاثنين ٥ اغسطس ٢٠١٣ | ٢٩ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٠٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

في مطعم الشفافية

اعتصام رابعة
اعتصام رابعة

كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق لاقتحام حي رابعة العدوية والنهضة ومدينة الإنتاج الإعلامي. وفي محاولة لتخفيف التوتر الذي نشعر به، اقترح صديقي أن نتناول طعام العشاء في مطعم الشفافية، وهو المطعم الوحيد في مصر وربما في العالم كله الذي يعلن على زبائنه كل خطوات الاستعداد التي يقوم بها قبل تقديم الأطباق. كنا مجموعة من الفنانين والكتاب، وكانت المرة الأولى التي نذهب فيها إلى هذا المطعم. المكان مريح وجميل وشفاف، اخترنا الأطباق من قائمة الطعام وبعد لحظات توقف صوت الموسيقى المنبعث من السماعات الكبيرة واستمعنا إلى ما يشبه البيان: أيها السادة، تلقى كبير الطهاة الأوامر لصنع الأطباق المطلوبة، وهو الآن وفريق العاملين معه يستعدون لعمل هذه الأطباق.. نرجو لكم عشاء شهيا.

تناثرت أقوال الزملاء.. هل تعتقدون أن فترة الاستعداد لاقتحام أماكن الاعتصامات ستطول؟ وماذا عن الخسائر المحتملة؟ وماذا عن الخسائر الحالية التي تحدث الآن؟ يا سادة، عندما يعرض أحد الناس حياته وحياة الآخرين للخطر، فمعنى ذلك أنه فتح كتاب الحياة وشطب اسمه بنفسه.

مرة أخرى عاد صوت مدير المطعم: أيها السادة، نحن نستعد الآن لتحضير الطلبات المطلوبة، ومن المتوقع أن نبدأ بتقديم السلطات، غير أننا على استعداد بناء على رغبات حضراتكم للبدء بأطباق الشوربة.. نرجو لكم عشاء شهيا. عدنا للحديث وقد بدأنا نشعر بالجوع فعلا.. لا إقصاء لأحد، هذا ما يجب أن نحرص عليه. ليست هذه المسألة يا صديقي.. المطلوب هو ألا يعملوا هم على إقصائنا، المهم الآن أن تكون الاستعدادات قد اكتملت لاقتحام مواقع الاعتصامات. اعتصامات؟ هل تصدق أن هناك اعتصامات في مصر؟ أنتم جميعا تعرفون أنه لا توجد اعتصامات في مصر، يوجد عدوان لا شرعية له ولا منطق، هي مشكلة لغة.. نأتي بالكلمة من الغرب ثم نعذبها لكي توافق استخداماتنا. وعلى فكرة، النفاق ليس عيبا أخلاقيا، بل هو جريمة.. لماذا الحديث الدائم عن احترامنا لحق الناس في المظاهرات والاعتصامات والكل يعرف أن ما يحدث الآن ليس اعتصامات أو إضرابات.. آخر الضحايا في مدينة الإنتاج الإعلامي كانت سيارة شرطة قاموا بتدميرها وإشعال النيران بها. اهدأ يا صديقي، لا تتعجل الأمور، المسؤولون الآن يستعدون لإنهاء هذه الحكاية.. نعم تماما كما يستعد الآن كبير الطهاة لتقديم السلطات والشوربة.

مرة أخرى عاد الصوت من خلال السماعات: أيها السادة، تكاد تكون الاستعدادات الآن قد اكتملت لتقديم الشوربة والسلطات.. نتمنى لكم عشاء شهيا.

عدنا نتكلم وقد استولى على حديثنا طابع الحدة، كنا قد بدأنا جميعا نشعر بالجوع فعلا.. لماذا لا ينزلون بالشوربة؟ لماذا لا يقدمون السلطات؟ قلت للغرسون: من فضلك.. أريد قطعة من الخبز وقليلا من الملح.

قال وهو ينصرف مسرعا: حالا.

بعد لحظات عاد الصوت من السماعات: صدرت الأوامر الآن لرئيس الطهاة بالاستعداد لتقديم قطعة خبز وقليل من الملح لأحد الزبائن المرموقين.

نقلا عن الشرق الاوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع