الأقباط متحدون - الغضب والتدين دونت مكس
أخر تحديث ٠٧:٢٧ | الاثنين ٥ اغسطس ٢٠١٣ | ٢٩ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٠٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الغضب والتدين دونت مكس

بقلم: ماجد سوس                          
كان الفتي سريع الغضب، حاد الانفعال لا يستطيع السيطرة علي أعصابه وفي غضبه يتفوه بكلمات جارحه فأعطاه والده كيسا به مجموعة من المسامير وأوصاه أن يدق مسمار من هذه المسامير في سور الحديقة التي بالمنزل في كل مرة يغضب فيها ولا يستطيع السيطرة علي أعصابه.
 
في اليوم الأول دق الفتي 37 مسمارا في السور . لكن مع مرور الوقت، كان عدد المسامير يقل، فقد اكتشف الصبي أن السيطرة علي انفعالاته أسهل كثيرا من دق المسمار في السور.. وكذلك بدأ يفكر جيداً قبل أن يخطيء حيث ربط بين هذا الموضوع وذاك.. إلي أن جاء يوم.... لم يدق الفتي فيه أي مسمار لأنه نجح أخيرا في السيطرة علي أعصابه طوال اليوم وأن لا يغضب علي الإطلاق.
 
وسرعان ما أخبر والده بهذا الأمر، فما كان من الأب إلا أن اقترح عليه اقتراحا آخر وهو: أن يخلع مسمارا من المسامير التي دقها في كل مرة ينجح فيها في السيطرة علي أعصابه ولا يغضب مرت الأيام ونجح الابن في أن ينزع جميع المسامير التي كان قد دقها من قبل في السور. فقد استطاع فعلا أن يجتاز التدريب ويسيطر علي نفسه ويحفظها بدون غضب.
 
وبسرعة أخبر أباه بالنجاح في التدريب، وبأن جميع المسامير قد تم نزعها ولم يبق منها مسمارا واحدا في السور. فرح الأب بما فعله الابن، وأخذه من يده وذهب به إلي السور وقال له: "فعلا يا ابني أنت عملت عملا عظيما يستحق التقدير"
لكن أنظر إلي السور جيدا، وإلي كل هذه الثقوب التي أحدثتها المسامير فيه. لقد شوهت منظره ولن يعود السور علي نفس المنظر الذي كان عليه من قبل بنفس الطريقة.
 
فعندما تغضب وتتفوه بكلمات صعبة فانك تترك جرحا في نفوس الآخرين؛ تماما كمن يدق مسمارا في السور، ربما تعتذر لهم كما تنزع المسمار من السور، لكنك ستترك جرحا في نفوسهم. ''فالجراح التي تسببها كلماتنا اللاذعة تماما مثل الثقوب التي تحدثها المسامير في السور.
 
نعم الغضب ظاهرة تفشت في المجتمع بصورة ملحوظة بل تفشت حتى داخل كنائسنا . و اصبحت تتعامل مع اشخاص يجرحون الآخرين و في ذات الوقت لهم صورة التقوى و اصبحت مقولة انه رجل تقي بس عصبي تدخل في معجم الحياة الروحية دون استئذان و دون وجود اصل لها و حتى لا يسرع شخص صارخا في وجهي ان الله نفسه يغضب وهنا اقول له لا تقارن غضب الله بغضبك فالله كامل الصفات ولا يظلم انسان ولا يجرحه بل يعمل من اجل صالحه فالسيد المسيح في المرة الوحيدة الذي غضب فيها وقلب موائد الصيارفة و باعة الحمام لم يتفوه بكلمة تجرح انسان بل قال وهو الخالق بيتي بيت صلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة للصوص و حتى مع هذا التصرف لا نستطيع ان نحتذي به و نجرح الآخرين و لو بحجة اننا ندافع عن الكنيسة لذا انصحك عزيزي قبل ان تتصرف كيسوع كن يسوعا اولا.
 
أتعجب ممن يتباهى بعصبيته و صراحته و تجده يتفاخر بكونه لا يهمه احد او بقوله اصلي انا صريح وبعطى الناس على دماغهم و يردد مقولة خاطئة بكل ثقة بأنه يقول للأعمى انت اعمى في وجه .. 
لا يا عزيزي لا تفتخر بهذا بل اسمع ما قاله الروح على لسان مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث -  في هذا الشأن – يقول ".. بدلا من أن تفتخر بأنك تقول للأعمى انت اعمه في وشه ،عليك ان تداري على عماه و استر عليه كما ستر القديس مقاريوس الكبير حينما جلس على ماجور تجلس تحته امرأة زانية حتى يستر على راهب ضعفه امام اخوته  .
 
أقول هذا بعد ان حكى لي شخص انه ترك الكنيسة بسبب احتداد احد الرعاة له ونهره امام اولاده وأمام شمامسة الكنيسة  بعنف و حدة  جعلته يأخذ أبنائه و يترك الكنيسة و يذهب الى طائفة اخرى وكانت القصة أنه نسى واكل من مكدونالدز صباحا في برمون الغطاس و اراد ان يصوم ليلة العيد و قد شعر بجرح في نفسه عميق بسبب اهانته بصوت عالي . وآخر انتهر فتاة امام الناس في طابور المناولة لأنها قالت له في اذنه انها لم تعترف منذ مدة ..
اتذكر موقف لا يمكن ان انساه ، كانت زوجتي قد وضعت ابنتنا الثانية و كان عليها التزاما بقوانين الكنيسة الا تتناول من الاسرار المقدسة قبل مضي ثمانون يوما من تاريخ وضع الطفلة و سمعت بوجود ابينا المطران المكرم الانبا باخوميوس  في كنيستنا و طلبت مني ان تأخذ البركة منه فذهبت معي الى الكنيسة و عندما
 
اقتربت من نيافة المطران لتأخذ لقمة البركة نهرها احد الاباء وقال ياسيدنا لاتعطي لها لقمة البركة لأنها لم تكمل الثمانون يوما و كان هذا امام شعب الكنيسة ، فنظر الأنبا باخوميوس لهذا الأب و قال له أليست هي بنت المسيح . كيف تمنع بنت المسيح من ان تأخذ البركة .. هكذا الراعي الحكيم الذي بكلمة واحدة يستطيع ان يكسب اولاده.
كم من اشخاص جرحت نفوسهم لأجل كلمة قاسية او نظرة قاسية نلقيها دون ان ننظر لقول الحكيم : " الرجل الغضوب يهيج الخصومة وبطيء الغضب يسكّن الخصام "(ام 15: 18) .
 
ابائي و اخوتي الخدام بالحب وحده و الإتضاع الشديد نكسب النفوس هكذا فعل المخلص مع الزانية و المنكر و من شك فيه و من تركه عند الصليب و هرب فالكل عاد بسبب جاذبية الحب العجيبة التي في محب البشر.
حاولت ان اقنع نفسي بأن هناك علاقة  طردية احيانا بين الغضب و التقوى او بالحياة الروحية فلم يرتح قلبي.. فليعذرني الغاضبون فأنا ارى ان الغضب و التقوى دونت مكس .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter