الأقباط متحدون - هفوات رؤساء مصر فى ستين عامًا..
أخر تحديث ٠٦:٤٠ | الاثنين ٥ اغسطس ٢٠١٣ | ٢٩ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٠٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

هفوات رؤساء مصر فى ستين عامًا..

بقلم: منير بشاى
بديهى ان ما تعانيه مصر من مشكلات لم يحدث بين يوم وليلة، لقد كان نتيجة تراكمات أزعم انها تعود للوراء ستة عقود منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952.  والغريب ان ذلك التاريخ كان موعد مصر مع ثورة قامت لتصحح الأوضاع (الفاسدة) فى عصر الملكية.  ومع ذلك ظل الناس فيما بعد يتحسرون علي تلك الفترة ويشيرون اليها على انها عصر الليبرالية حيث عاشت مصر ازهى عصور الديمقراطية.  دعنا نلقى بنظرة سريعة على حكام تلك الفترة لنتعرف على بعض هفواتهم.
 
جمال عبد الناصر 1954- 1970 ( وطنى- نزيه- مغرور)
لا جدال ان جمال عبد الناصر كان من اكثر حكام مصر وطنية واخلاصا.  لم يمسك عليه أحد ذلة فى مجال النزاهة ونظافة اليد.  لم يقال بعد وفاته انه استغل منصبه للاثراء سواء له أو لعائلته أو المقربين اليه.  ولكن الرجل عندما امسك بالسلطة كان فى عقده الثالث وكان يحمل كثيرا من فورة الشباب والقليل من حكمة الشيوخ.  ويبدو انه انبهر بالمنصب عندما رأى الجميع كبارا وصغارا يقدمون له الولاء والطاعة وسمع الجماهير تتغنى به كزعيم الملايين والبطل الملهم.  لم يطلب نصيحة من هم أكبر سنا وأكثر خبرة.  كان أول صدام له مع اللواء محمد نجيب الذى كان يفضل التغيير ببطء وحذر بينما كان هو يريد ان يتم دفعة واحدة.  
 
ونتيجة ذلك تم استبعاد محمد نجيب واصبح عبد الناصر الزعيم الأوحد.  استولى على الأراضى الزراعية من كبار ملاكها ووزعها على صغار الفلاحين بواقع خمسة أفدنة لكل عائلة.  ولكن الملاك الجدد لم يكن لديهم الدراية بادارة هذه الاراضى مثل ملاكها الاصليين.  ومن ناحية اخرى كان الزمن كفيلا بتفتيت الاراضى عندما تم توريثها من جيل الى جيل.  وكانت النتيجة ان مصر فقدت دورها كدولة زراعية كبرى.
 
 نفس الاشكالية حدثت عندما أمم المصانع والشركات وسلم مسئولية ادارتها الى بيروقراطية حكومية اسماها القطاع العام.  أما المشكلة الكبرى التى أجهزت عليه فكانت صدامه بالدول الكبرى وتحديه لهم عندما رفضوا تمويل السد العالى فقرر الالتجاء للاتحاد السوفييتى وتبنى الاشتراكية وقام بتأميم قناة السويس من طرف واحد وهذا أدى لحرب 67 وما اسماه بالنكسة التى قضت على أمال مصر قبل ان تقضى عليه هو شخصيا. وقد اعترف بمسئوليته عن الهزيمة لأنه دخل الحرب وهو غير مستعد لها أو لم يكن يعرف انه غير مستعد لها.
 
أنور السادات 1970- 1981 (محنك - متأسلم- متهور)
على عكس عبد الناصر كان السادات أكبر سنا وأكثر حنكة.  عاش حياته بين الناس فاكتسب من الحياة ذكاء الشارع وحكمة أهل البلد.  دخل عالم السياسة منذ سن مبكر وعاش مطاردا من السلطات فكان يعمل أحياما (عتال) على عربات النقل.  حارب الانجليز وقبض عليه مرارا واودع السجون.  وعندما انضم للضباط الأحرار استطاع ان يصل الى المكان الذى مكّنه من ان يرث الحكم بعد وفاة عبد الناصر.  نجح فيما فشل فيه عبد الناصر اذ استطاع ان يحطم خط بارليف المنيع ويحرر القناة من قبضة اسرائيل.  وبعدها كان واقعيا عنما اعلن انه لا يستطيع ان يحارب امريكا فقرر ان ينضم الى قائمة اصدقائها رافضا مبدأ الاشتراكية ومتبنيا مبدأ الرأسمالية.  
 
طرد الخبراء الروس وغير نظام تسليح الجيش الى النظام الأمريكى.  اكتسب تقدير الغرب عندما عقد معاهدة سلام مع اسرائيل ومنح جائزة نوبل للسلام.  ولكن الرجل عرف بميوله التأسلمية وظن انه يستطيع ان يستخدم ذلك لتمكين حكمه ضد اعدائه من الناصريين والشيوعيين فاطلق سراح الاسلاميين من السجون.  ولكن بلغ به الأمر الى التهور عندما كان يضيق بالنقد حتى من المراسلين الأجانب.  وعندما ظن ان هناك محاولة للانقلاب قبض على المئات من معارضيه السياسيين ورجال الدين المسيحى والاسلامى واودع قداسة البابا شنودة للاقامة الجبرية فى الدير.  ولكن من سخريات القدر ان تكون نهاية حياة السادات على يد أحد الجماعات الاسلامية الذين استعان بهم لتمكينه من الحكم.
 
حسنى مبارك 1981- 2011 (عسكرى – منضبط - ضحية وقته) 
رأى مبارك السادات يقتل أمام عينيه.  وكان لهذا اكبر الأثر على الطريقة التى حكم بها مصر. تسبب هذا فى حرصه الزائد على تأمين حياته فكان يعيش ويتحرك بين ترسانة عسكرية.  حوّل وزارة الداخلية الى أداة للحكم البوليسى فى مصر مستعينا بشخصيات عنيفة مثل حبيب العادلى.  كان يتعامل مع التيار المتأسلم بسياسة العصا والجزرة، واضعا لهم خطا لا يتعدوه والا وضعهم فى السجون.  
 
ولكنه كان من وقت لآخر يعمل معهم الصفقات ويخرجهم من السجون بعد استتابتهم أو تعهدهم بعدم اللجوء للعنف. كان يتبع نظرية الموائمات فكان يغمض عينيه عن تجاوزات طالما هذا لا يمس النظام الحاكم.  ويبدو ان هذا كان عاملا فى استمراره فى الحكم على مدى ثلاثة عقود.  ولكن يؤخذ على الرجل انه مع كبر سنه ومرضه أهمل مشاكل مصر، فانحدرت مؤسسات الدولة الحيوية للحضيض بينما كان توريث الحكم لابنه يشغل تفكيره.
 
كما انه ترك الحبل على الغارب للمقربين له لنهب ثروات مصر.  واخيرا وصل الاقتصاد المصرى لحالة متردية أدت الى خروج الملايين الى الشوارع مطالبة عزله.  ولكنه كان مثالا  للعسكرى المنضبطا وله انجازاته فى هذا المجال.  يحسب للرجل انه عدما أصرت الجماهير على التخلص منه قبل ارادة الشعب دون مقاومة وظل فى مصر يتحمل مسئولية عصره. 
 
مرسى العياط 2012- 2013 (غشيم- كاذب- تابع)
جاء مرسى الى الحكم دون تأهيل يمكنه من ادارة بلد فى حجم مصر ودون فهم لمتطلبات بروتوكولات المنصب الرفيع الذى يحتله.  وكانت النتيجة ان ازدادت الأمور سوءا فى عصره وكذلك ظهرت تصرفاته المخجلة فى المحافل الدولية.  كانت رغبة الرجل وأهله وعشيرته فى الوصول للحكم تجعله يعمل أى شىء يحقق له هذا للهدف من تزوير الانتخابات الى تقديم الوعود الكاذبة لما سيعمله حالة فوزه بالحكم.  ولكن الذى ادى الى فشله الكامل فى ادارة البلاد هو تبعيته المطلقة لمكتب الارشاد بجماعة الاخوان المسلمين.  وقد تبين ان هدف هذه الجماعة لم يكن حمل الخير لمصر كما كانوا يدّعون ولكن الوصول الى الحكم لتحقيق وهم الخلافة، وهو الامر الذى أدى فى النهاية للاطاحة بهم.
 
هذا عن الماضى غير البعيد أما المستقبل فأمره يتوقف على ما اذا كنا قد استوعبنا درس التاريخ بحيث لا نكرر نفس أخطائه. الخلاصة ان مصر اليوم تحتاج الى قائد يختلف عن كل هؤلاء.. قائد يجمع بين استنارة محمد على ووطنية سعد زغلول ونزاهة عبد الناصر وحنكة السادات.  لا يعلم أحد من سيكون ذلك القائد، ولكننى شخصيا أراهن على الفريق أول عبد الفتاح السيسى.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter