الأقباط متحدون - رابعة.. مشهد النهاية
أخر تحديث ١٤:٠٠ | الاربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣ | ١٧ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٩٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

رابعة.. مشهد النهاية

رابعة.. مشهد النهاية
رابعة.. مشهد النهاية

 لا يستطيع مؤلف المسرح أن يبدأ في كتابة مسرحيته قبل أن يكون قد تعرف ولو بشكل غائم على مشهد النهاية.

وهو مشهد يتطلب في كتابته جهدا مضاعفا، إنه لا يمثل ذروة الأحداث فقط، بل هو يعيد عرضها في تلخيص وتكثيف يرفعان درجة توتر المتفرج إلى درجة عليا. كما أنه يعيد الكشف عن كل أبعاد شخصيات المسرحية، وهي تواجه بعضها البعض في مواجهة أخيرة قبل أن ينتهي العرض وتنتهي هي أيضا معه.

مشهد النهاية إذن يلخص مواصفات العرض المسرحي كله في مشهد واحد. أما في السياسة فرجل السياسة عندما يبدأ فعلا فعليه ألا يتعرف على نهاية واحدة لهذا الفعل، بل عدة نهايات وهو ما نسميه سيناريوهات عليه أن يكون جاهزا للتعامل معها جميعا.

 
ألخص لك ما قلت، مشهد النهاية هو ذلك المشهد الذي يعيد عرض المسرحية كلها عليك في تكثيف شديد. وهو ما يحدث هذه الأيام في منطقة رابعة العدوية، هو مشهد كبير للغاية ولكن من السهل تقسيمه إلى لقطات قصيرة تشكل النهاية وتلخص خصائص كل ما حدث من قبل.

محتوى المشهد أو الخطوط العريضة له هي: لا أهمية للآخرين.. هؤلاء البشر سكان المنطقة، بأطفالهم ونسائهم ورجالهم ومرضاهم وأصحائهم وكل احتياجاتهم كبشر لا أهمية لها، سنكبس عليهم ونجثم على أنفاسهم ونحول حياتهم إلى جحيم، هم لا وجود لهم. وحتى إن وجدوا فلا أهمية لهم، لا يوجد على الأرض من له أهمية سوانا، لأننا نحن الأفضل، نحن من سيذهب إلى الجنة أما هم فهم من سيزفون إلى نيران الجحيم، لأنهم ليسوا أعضاء في الجماعة.

كان هذا هو محتوى المسرحية طوال السنين. لا بد أنك لاحظت أن عددا كبيرا من المستشارين والمساعدين تركوا مناصبهم في رئاسة الجمهورية - جمهورية مرسي - بغير أسباب واضحة، ولكن كان من السهل من خلال حكاياتهم أن تعرف أن السبب كان أنهم عوملوا باحتقار، كانت كل جدران قصر الاتحادية تقول لهم ليل نهار: لست منا.. أنت فقط تعمل عندنا فلا تنسى ذلك.. نحن أصحاب هذا القصر، أما أنت فشغال عندنا.. فهمت يا ولد؟
 
لقطة أخرى، لا توجد مدينة بالمعنى المعاصر، لا يوجد في القاهرة مذبح مؤمن صحيا تذبح فيه العجول التي سيأكلها المعتصمون، بل توجد مدرسة الحي التي تحولت إلى مذبح ودورة مياه كبيرة.

هكذا تم الجمع بين مرافق القاهرة جميعا في تشكيل واحد يحتل مكانا واحدا. أما النظام القضائي كله، فقد احتل رجاله غرفة من غرف الجامع، قضاة وشرطة ومباحث وسجانون وجلادون تجمعوا في غرفة واحدة للتحقيق مع البشر وتعذيبهم وقطع أصابعهم. وللأطفال أيضا نصيب من اهتمامهم ورعايتهم، تم القبض على طفل في الحادية عشرة من عمره، في الغالب هو العميل 007 اقترضته أجهزة الأمن المصرية من الإنجليزية ، متنكرا في هيئة عيّل للتجسس عليهم، وشاهد العالم كله عددا من الرجال الافتراضيين يضربون الطفل بقسوة لا يتصورها أحد.. لا بأس.. إنه مشهد النهاية.
 
الشرق الاوسط

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع