الأقباط متحدون - فقه الشرعية
أخر تحديث ١٨:٢٤ | الاثنين ١٥ يوليو ٢٠١٣ | ٨ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٨٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فقه الشرعية

بقلم: د. عاطف نوار
كلمة تكررت آلاف المرات منذ عزل مرسى فى أعقاب ثورة يونيو المجيدة .. طالب بها إخوان الرئيس المعزول و مازالوا يطالبون بها .. و لا مانع من حرق مصر فى سبيلها تحت راية شعارهم و مبدئهم " طز فى مصر".. تُرى ماهى حقيقة الأمر .. و هم على حق فعلا؟ .. و هل مازال مرسى رئيسا شرعيا أم أنه فقد الشرعية ؟.. أسئلة كثيرة تحتاج إلى رد دقيق مستنير عادل .. لذا كان لابد من  وضعها تحت عدسات مجهر الفكر المستنير ..
 
أولا لابد أن أن نضع توصيفا دقيقا لكلمة الشرعية .. فالرئيس المنتخب من الشعب – و هذا الكلام من فم مرسى نفسه بعد فوزه المشكوك فيه – قد أخذ شرعيته من الشعب المالك لأرض الوطن .. و بالتالى فمعنى الشرعية هنا هى قبول الشعب وموافقته و إعترافه  بالشخص المُنتخب رئيسا .. و تكمل تلك الشرعية و هذا القبول بتعهد  هذا الرئيس فى اليمين الدستورية "أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور و القانون و أن أحافظ على النظام الجمهورى و أن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة و أحافظ على سلامة أراضيه "  ..
 
إذن فشرعية الرئيس لها ثلاثة أبعاد ..
شرعية دينية فى قسمه بالله العظيم  ..
شرعية دستورية بتعده أن يحترم الدستور و القانون ..
شرعية شعبية فى تأكيده للشعب المالك للأرض أنه سيرعى مصالحه  و أمواله رعاية كاملة و أنه سيحافظ على سلامة أراضيه ..
 
فإذا أخل بهذه الأبعاد - التى تعهد بالتزام بها و التى على أساسها قبله الشعب رئيسا – فقد أخل بشرعيته كرئيس و تحول قبول الشعب له إلى رفض و إستنكار .. إن يوم الثلاثين من يونيو فى مصر هو موعد سنوى فى المصالح الحكومية " للجرد الثانوى " و يكون يوما  لتنظيم الحسابات تميهدا لبدء عام مالى جديد .. و أتصور أن شعب مصر العظيم قد حوله إلى  يوم  جرد  يشمل كل ما يتعلق بمصالحه .. و على هذا فقد قام الشعب بجرد مصالحه فى سنة مرسى العياط و كانت ثورته الإصلاحية .. لقد وجد الشعب المصرى أن مرسى يستحق الرفض و العزل لأنه أخل بما تعهد به أمام الله و الشعب ..
 
لقد فقد مرسى شرعيته الدستورية .. فبعد أن تعهد مُقسما بأن يحترم الدستور و القانون .. قام بإهانة رجال القضاء و شيوخه بعزل النائب العام و تعيين آخر حسب هواه  ومصالح  جماعته الفاسدة .. فى حين أن الدستور نص على أن المجلس الأعلى للقضاء هو المنوط بعزل و تعيين النائب العام .. لم يحترم مرسى دستور البلاد  عندما قام بعزل مستشارى المحكمة الدستورية العليا - و التى أدى اليمين أمامهم  - بل و  سمح لجماعته بمحاصرة المحكمة و منع قضاتها أن يدخلوا لممارسة عملهم خوفا من إصدار أحكام لا تتوافق و مصالح و اهواء جماعته  .. طرح الدستور أرضا عندما أصدر الإعلان الدستورى مُنصبا نفسه فيه فرعونا ديكتاتورا  لا تُرد قرارته أملا فى أن تتحول مصر إلى النظام الملكى  واضعا النظام الجمهورى تحت قدميه ..
 
هذا الذى تعهد و أقسم أن يحافظ عليه ..  لم يحترم مرسى الدستور و القانون و لهذا فقد شرعيته الدستورية .. و ماذا عن الشرعية الشعبية ؟ .. لقد توهم مرسى يوما أنه و جماعته قد إمتلكوا مصر .. و ما شعبها إلا عبيدا و إيماءا .. و مالهم  حقا مكتسبا يكنوزه فى بنوكهم و أرضهم إرثا  يرتعون فيها بل و أعطى لنفسه حق بيعها للأجنبى الباغى و نيلها موضوعا فى المزاد لمن يدفع أكثر .. أقسم مرسى و تعهد بأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة .. أى يعمل على توفير كل سبل الحياة الكريمة للشعب ساعيا إلى رفاهيته و تقدمه .. و الحقيقة .. أن مرسى سعى إلى رفاهيته الشخصية و  رفاهية جماعته على حساب مصالح الشعب .. عبث بأموال الشعب .. فأخذ يبعثرها على ملاذ شخصية فى وقت كان الشعب يأن من قلة الموارد و يعانى من الفقر المتقع  ..
 
لن ينسى له الشعب ملايين الدولارات التى صرفها بسفه فى رحلة أسرته فى طابا لمدة أسبوع .. لن ينس له الشعب أبدا ملايين الدولارات التى بذخ بها على ذاته و جماعته لعلاج أسنانهم و تجميل أجسادهم .. لن ينس لك الشعب يا بن العياط ألآف الجنيهات التى سفه بها أحد الوزراء ثمنا لسندوتشات شهية يبدو أنه لم يرها طيلة عمره  فى وقت كان ملايين المصريين يتقاتلون على رغيف العيش .. لن ينس الشعب المصرى الأطنان  من السولار التى كانت تذهب إلى حماس فى وقت كان الشعب يتسول نقطة وقود من اجل الذهاب للسعى وراء عيشه .. لن ينس الشعب يوما تعطل مولدات كهربائه لنقص الوقود  و إذا بحكومة  فاشلة عميلة  تتهكم عليه  بدعابة سمجة تملؤها اللامبالاة و اللاحساس و اللاوطنية بقول قنديلها" البسواالملابس القطنية " فى حين لم يعان أحد من قيادات الجماعة شيئا بل الكل فى ترف و سعادة  ..
 
لن ينسى الشعب المصرى موقف بن العياط  الموافق المبارك لبناء سد النهضة  منبع الجفاف و التصحر لأرض الكنانة هبة النيل .. و قد تقاضى الثمن ملايين من الورق الأخضر ..لن ينس الشعب المصرى سنة كاملة عاشها فى قفر و فقر .. فى عوذ و احتياج .. فى مذلة و مهانة .. تحت قيادة نفر فى جماعة الإخوان تدعى تدينها و تلبس ثياب التقوى الزائفة و فى طيات ضمائرهم كان الخبث و الكذب قائدا و الجشع والطمع هدفا و الخيانة و الغدر نهجا ليس فى إدارة البلاد بل فى إشباع شهواتهم و ملاذتهم و نزواتهم المخالفة لشرع الله .. لم يكن مرسى أمينا فى رعايته لمصالح الشعب .. و لم يكن أمينا فى الحفاظ على سلامة أراضيه .. باع قناة السويس لمستعمر أجنبى تحت مظلة عربية و كلن الثمن ملايين الولارات .. باع 40 فى المائة من سيناء لغرباء عن الوطن و تقاضى الثمن ملايين الدولارات  ..و الوضع ذاته فى حلايب و شلاتين .. لن يغفر الشعب المصرى كل هذا لرئيس خان الأمانة و حنث بيمينه.. 
لم يحترم مرسى الدستور و القانون .. لم يرع مرسى مصالح الشعب رعاية كاملة ..
 
لم يحافظ مرسى على سلامة أراضيه .. هذه التعهدات اقسم عليها بالله العظيم و لم ينفذها فأضحى  حانثا باليمين .. .. سقطت شرعية مرسى العياط الدينية .. عندما خان الآمانة التى إئتمنه الشعب عليها  مُخالفا شرع الله  فى كتابه العزيز "   ِإنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا *( النساء : ٥٨ ـ ٥٩ ).. و"من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة : لهذا وجبت طاعة المصطفى " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم وغيره " ..
 
لقد فقد مرسى شرعيته بل ويستحق المحاكمة بتهمة خيانة الوطن و تهمة الكفر و أهانة الذات الإلهية التى حلف بها حنثا .. تحية للشعب المصرى الذى سيظل مقبرة للغزاة الطامعين فى قوته و موارده .. تحية لجيش أثبت ولاءه لآرض مصر و شعبها مُعيدا للأذهان هتاف يوليو 52 " الشعب للجيش و الجيش للشعب " .. تحية للفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى قدم أنشودة عذبة عنوانها " بحبك يا مصر " .. تحية للإعلام الصالح الذى لعب دورا فى توعية الشعب و شحذ هممه للإطاحة بهذه الجماعة المعتدية المحتلة الغازية .. إن قمة التاريخ مكان لكل من يهتف " تحيا مصر" أما مذبلته فهى مأوى لكل من من حمل شعار " طز فى مصر" ..
 
لقد فقد مرسى شرعيته دينيا بعد حنثه باليمين  مُهينا لفظ الجلالة الأعظم   .. هذا هو شرع الله يا سادة .. أن يكون الحاكم أمينا على مصالح شعبه .. عادلا بين الناس  .. و"من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة : وقال النبي صلى الله عليه وسلم: 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) *( النساء : ٥٨ ـ ٥٩ )..

مسيسوجا .. كندا
Atefgpm2006@yahoo.com

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter