بقلم : مريم حنا 

إن أصل هذا الأسلوب مستمد من الحرب العالمية الثانية حيث لوحظ أن أكثر شيء كان يخيف الجنود الألمان هو التوجه للقتال على الجبهة الروسية حيث أن الموت هو مصيرهم إما من البرد القارس أو نتيجة للقتال ولذلك فإن القيادة الألمانية كانت تنشر إشاعات بأن جنود الفرقة العاشرة المتمركزة في برلين ستنتقل إلى الجبهة الروسية وبعد ذلك يتم التوزيع الفعلي لأى جبهة أخرى مما يجعل الجنود سعداء، أو كما يقول المثل «بلوة أخف من بلوة».
يقصد بهذا الاسلوب أن تعرض على الطرف الآخر شيئًا وأنت تعرف أنه ممقوت بالنسبة له ثم يلي ذلك عرض الشيء الذى تريد الطرف الآخر أن يقبله وهو بالطبع سيء ولكنه أقل وطأة من البديل الأول.
 
ومن الأمثلة التطبيقية لهذا الأسلوب:
الساعة الآن الثامنة مساءً وقد طلبت من ابنك النوم الآن أو تنظيف غرفته.
أليس هذا ما حدث في انتخابات الرئاسة، وما وصلت إليه مصر الأن ما هو إلا نتيجة لاختيار «أحسن الوحشين» أو «بلوة أخف من بلوة» مثل ما حدث تمامًا في أسلوب الجبهة الروسية!
 
عزيزي القارئ
هل توقعت هذا السيناريو المخيف بعد نجاح ثورة 25 يناير؟
ألست مع في أن ما حدث كان أسوأ سيناريو على الإطلاق؟
 
دعني أحدثك إذًا عن الإدارة بالسيناريوهات.
السيناريو هو الوصف التمثيلي للأوضاع والأحداث محتملة الوقوع. والسيناريوهات هي إحدى الوسائل المساعدة للتحسب والاستعداد للأزمات وهو التوقع والاستعداد للأسوأ والاستعداد لما قد لا يحدث، ويخطئ من يعتقد أن السيناريو هو نوع من أنواع التنبؤ بالمستقبل، ولا أحد يجرؤ على القول بأن الغد سيكون مشابهًا لليوم بدليل أن اليوم يختلف كثيرًا عن الأمس.
 
 لفترة طويلة من الزمن ظلت شركة «تويوتا» فخر صناعة السيارات اليابانية متربعة على عرش صناعة السيارات في العالم لدرجة أنها غزت الاسواق الأمريكية باكتساح. وكانت إحدى نقاط الضعف في خطتها الاستراتيجية هو ثقتها الزائدة بنفسها وبجودة صناعتها لدرجة أنها تجاهلت الشركات المنافسة وبدأت تهتم بالكم على حساب الكيف وبفتح أسواق جديدة على حساب الجودة وتجاهلت في خطتها منافسيها وتطور منتجاتهم. والنتيجة كانت انخفاض حاد في مبيعاتها. لقد تجاهلت تويوتا الأخطار المتوقعة  وحاولت إصلاح العَرض لا المرض حتى صارت السيارات الألمانية واليابانية والأمريكية تتفوق عليها في اللمسات الجمالية وجودة الصناعة حيث أن تويوتا تجاهلت اللمسات الجمالية نظرًا لغرورها والحقيقة هي أن «الصمود مثل الصعود يحتاج لجنود وجهود ونقود».
 
تلك هي «المساحة العمياء» والمقصود بها نقاط الضعف في الخطة الاستراتيجية «هكذا يسقط العظماء» وكأن الفأس وقعت في الرأس. فالثورة قامت ونجحت ولم نضع في اعتبارنا  «أسوأ سيناريو» وهو «سيناريو الدولة الدينية» وهي «المساحة العمياء» في الخطة. لقد تبنينا الخطة الاستراتيجية «بافتراض أن الغد سيكون مشابهًا لليوم» والتي هي نفسها واحدة من السيناريوهات المحتملة أو ما يطلق عليه «بالسيناريو الرسمي» وبذلك يكون السيناريو الرسمي يساوي الخطة الاستراتيجية وهو ذلك الذى يقع عليه الاختيار من ضمن أجمل السيناريوهات أى «أفضل سيناريو» وهو سيناريو «الدولة المدنية» وهو ما يعني أن السيناريوهات أشمل وأعم من الخطط وبهذا تكون السيناريوهات هي أفضل وسيلة للتفكير في المستقبل دون السقوط في «المساحة العمياء».
 
• عند التعامل مع السيناريو وكأنه يشبه فيلم سينمائي عن المستقبل فإننا نطرح كل الأسئلة الحرجة عن
   المستقبل مثل:
-ما هي أخطر الأشياء التي يمكن أن تهددنا؟
-ما هي احتمالات حدوثها؟
-ما هي درجة خطورتها؟
-كيف نتخيل المستقبل بعد 10 سنوات؟
-هل هناك متغيرات أخرى سوف تضعها في الحسبان عند وضع السيناريو؟ مثل  الشائعات
 التى يتم إطلاقها عن طريق: (نكت – قصص – دردشة) ويكون هدفها: أنها نوع من أنواع
  الحرب  النفسية.
-هل قمت بإعداد سيناريو للقضاء على الشائعات والفوضى؟
-هل تبنيت أسلوب «إدارة الأزمات» أم «الإدارة بالأزمات»؟
-لماذا لم تضع سيناريو «المساحة العمياء» وهو تمكن الإخوان من الإنقضاض على الحكم؟
-لماذا قامت ثورة 30 يونيو بعد وصول الإخوان للحكم بسنة؟
-ألم يكن من الأجدى قيام هذه الثورة أثناء المفاضلة بين «أحسن الوحشين»؟ حقنًا للدماء؟
-هل سنتعلم الدرس؟
-هل نحن الآن في أهم مرحلتين لإدارة الأزمة وهما احتواء الضرر واستخلاص الدروس
 المستفادة؟
-ما هي مراحل إدارة الأزمة؟
هذا ما سوف نلقي الضوء عليه في المرة القادمة إنشاء الله.