الأقباط متحدون - دولة بلا لون أو طعم أو رائحة
أخر تحديث ٠٥:٢٥ | الخميس ١١ يوليو ٢٠١٣ | ٤ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٨٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

دولة بلا لون أو طعم أو رائحة

بقلم: مؤمن سلام
إنها مصر منذ عام 1952 وحتى الآن، دولة ليست بعلمانية ولا دينية، ليست ديمقراطية ولا شمولية، ليست رأسمالية ولا اشتراكية، ليست عربية ولا مصرية، ليست دولة قانون وليست دولة قبلية، ليست حديثة ولكن أيضا ليست طالبانيه ظلاميه. نحن ببساطة دولة بلا لون أو طعم أو رائحة. ولعل هذا هو ما أوصلنا إلى هذه الحالة المزرية فنحن حتى الآن لم نقرر من نحن وماذا نريد.
 
يكفى أن تنظر إلى دستور 1971 بتعديلاته، والإعلانات الدستورية للمجلس العسكري وحتى دستور قندهار الإخوانجي وأخيرا الإعلان الدستور الصادر عن الرئيس عدلي منصور، لترى هذا الواقع المرير. ستجد في كل وثيقة منها الأمر وضده، نصوص تنص على المواطنة والمساواة بين كل المصريين ونصوص تفرق بين المصريين على أساس الدين أو الجنس، نصوص رأسمالية ونصوص اشتراكية، نصوص علمانية ونصوص ثيوقراطية. إنها نصوص دستورية وقانونية حمالة أوجه ويستطيع كل حاكم أن ينتقى منها ما يريد ليفعل بنا ما يريد بطريقة دستورية قانونية.
 
وعلى نفس المنوال ينسج التعليم، مناهج خليط من المناهج العلمية العقلانية والأساطير والأفكار المتطرفة. إلا أن في السنوات الأخيرة وبفضل سيطرة الإخوان على وزارة التربية والتعليم وعلى عقول معظم المدرسين اصبحت مدارسنا مصانع للتطرف والإرهاب. وهذا ينسحب على الإعلام والثقافة والمسئولين في الدولة. لقد أصبحنا بحق شعب الله المحتار.
 
ولذلك إذا أردنا أن نكون دولة ديمقراطية حديثة فلابد أولا أن نحسم اختياراتنا ونقرر من نحن وماذا نريد. لابد أن نحسم موضوع الهوية مرة ثانية ولكن للأبد هذه المرة. فقد حسمنا أمر الهوية في النصف الأول من القرن العشرين ثم انتكسنا بعد ذلك وذهبنا نبحث عن هويات عرقية ودينية تختلف عن هويتنا المصرية ومازلنا تائهين منذ أكثر من 40 عام نبحث عن أنفسنا. 
 
أول خطوات حسم الهوية وجعل للدولة المصرية لون وطعم ورائحة هو الدستور المصري، ذلك يجب كتابته من البداية دون الاعتماد على الدستور القندهارى. يجب أن يحدد الدستور الجديد هوية الأمة المصرية بأنها أمة مستقلة ليست جزء من هذه الأمة أو تلك. يجب إزالة كل ما يتعارض مع مفهوم المواطنة والمساواة بين المصريين وإزالة كل تمييز بين المصريين على أساس العقيدة أو العرق أو الجنس. يجب أن نحدد هويتنا الاقتصادية وقد اثبت الطريق الثالث ويثبت يوم بعد يوم أنه الأجدر والأنفع للمجتمعات من أجل مزيد من الرفاهية والحياة الكريمة وحماية الفقراء والأغنياء معا.
 
ولا يجب أن يقتصر الأمر على الدستور والقوانين بل يجب أن يتحول ما يكتب في على الورق إلى واقع عملي عن طريق حملة ثقافية تعمل عليها وزارات الثقافة والإعلام والتربية والتعليم. يجب نشر ثقافة الديمقراطية حتى لا يخرج علينا مرة أخرى من يقول أن الديمقراطية هي الصندوق. يجب نشر ثقافة الهوية المصرية بكل طبقاتها ومكونتها المصرية القديمة والبطلمية والقبطية والاسلامية والحديثة. يجب نشر ثقافة العيش المشترك والتسامح والتأكيد على إنسانية الإنسان واحترامها بغض النظر عن المعتقد أو الأصل أو النوع. يجب نشر التفكير العلمي القائم على المنطق حتى لا يسيطر الفكر الخرافي مرة أخرى على عقول المصريين. ببساطة نريد دستور وقوانين تجعل مصر دولة ديمقراطية حديثة وليست دولة سمك، لبن، تمر هندي. وكذلك نظام تعليم وتثقيف يجعل المصري إنسان ديمقراطي حداتي وليس شخصية مشوهة تحمل بداخلها كل المتناقضات. 
 
فإن لم نفعل واستمرت سياسة الترقيع وجمع المتناقضات في دستورنا وقوانينا وتعليمنا وإعلامنا وثقافتنا، فلا تنتظروا تقدم ولا نهضة ولا رفاهية، ولكن انتظروا عودة الإخوان.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter