بقلم: مجدي جورج
قام رئيسنا جمهوريتنا المؤقت المستشار عدلي منصور بإصدار الإعلان الدستوري المؤقت الذي سينظم سير العمليه في مصر الي ان يتم تعديل الدستور المعطل ( دستور ٢٠١٢) وقد نشرت جريدة المصري اليوم هذا الإعلان الدستوري في عددها الصادر اليوم الاثنين ٩ يوليو
http://m.almasryalyoum.com/node/1930526
وبرغم أنني لست برجل قانون إلا أنني سأحاول ان اقرأ معكم بعض مواده قراءة سريعة بما فيها من سلبيات وإيجابيات :-
أولا المادة اللغم والتي واجهت اعتراضات من الثوار ومن كثير من طوائف المجتمع هي المادة الاولي التي لا تختلف عن مثيلتها في الدستور المعطل حيث جاء بها : (( جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة، والإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة، المصدر الرئيسي للتشريع )).
فهذه المادة بصياغتها هذه تؤسس لدولة دينيه فاشيه كالتي اسقطناها منذ ايام ولذلك فان السلفيين عند كتابة الدستور المعطل استماتوا لتكتب هذه المادة بهذا الشكل ولم يرضوا بالصياغة التي كان أضافها السادات والتي كانت تقول :ان مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، والتي كانت عدلت سنة ١٩٨٠ من السادات نفسه تملقا منه للإسلاميين حيث كانت تنص علي ان :- (( الشريعة الإسلاميه مصدر من مصادر التشريع )) وهكذا نجد أننا منذ سنة ١٩٨٠ وحتي الآن نسير من تضييق ألي تضييق فبعد اضافة الالف لام الي كلمة الشريعة اصبحنا اكثر تضييقا الان مما يقودنا الي نصوص تؤسس لدولة دينيه .
ثانيا المادة السابعة حيث جاء بها ان :-
(( وتكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الشرائع السماوية))
حيث ان هذه المادة قصرت حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر علي أصحاب الشرائع السماوية وبالرجوع للمادة الأولي التي بالتاكيد ستجب غيرها من المواد مع هذه المادة فانه لا مكان في بلادنا للبهائيين ولا للادينيين وربما للشيعه .
ثالثا المادة التاسعة جاء بها (( العمل حق واجب وشرف لكل مواطن، وتكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة)) فحق العمل من اهم حقوق الإنسان ولكن مسالة ان تكفل الدولة هذا الحق فهذا أمر مشكوك فيه إلا إذا كنا نريد العودة للاشتراكيه والقطاع العام ومسئولية الدولة عن كل شئ .
رابعا المادة العاشرة جاء بها (( لا يجوز قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين، بسبب الجنس أو الأصل أو الدين،))
آري انه كان يجب النص صراحة علي عدم جواز قيام أي أحزاب علي أساس ديني لان المادة بصيغتها الحاليه يسهل الالتفاف عليها وتكوين أحزاب دينيه .
خامسا المادة الخامسة عشر حيث جاء بها (( ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.))
وهذا نص جيد ويعالج ما فعله الخطأ والخطيئة التي ارتكبها مرسي سابقا عندما اصدر إعلان دستوري يحصن فيه قرارته من رقابة القضا ء .
سادسا المادة ١٦ حيث جاء بها (( والقضاة مستقلون غير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم في قضائهم غير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة)) وهذه مادة جيدة حيث منعت تغول أي من السلطتين التنفيذية أو التشريعية علي السلطة القضائية حيث كان القضاة واقعين خلال فترة حكم مرسي السابقة تحت تهديد إصدار قانون السلطة القضائية بغير موافقتهم والذي كان يمهد لعزل أكثر من ثلاثة آلاف قاضي .
سابعا المادة ١٨ الخاصة بالمحكمة الدستورية فقد أعادت الاعتبار للمحكمة الدستورية حيث جاء بها (( المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين في القانون )).
ثامنا المادتين ٢٨ و ٢٩ تمثلان أشكالا بالنسبة لي ويتمثل الأشكال في الآتي :
هناك لجنة قانونية ستكون خلال ١٥ يوما من اصدار هذا الاعلان وتتكون من ثمانية اعضاء قانونيين بحسب المادة ٢٨ وسيقومون بإجراء التعديلات وإعادة الصياغة للدستور المعطل في فترة لا تتجاوز شهر تمهيدا لعرضها علي لجنة خمسينية مكونة من كل أطياف المجتمع
كي تقوم بإعداد المشروع النهائي للتعديلات الدستورية خلال ستين يومًا على الأكثر من ورود المقترح إليها،
والأشكال هنا لماذا لا نبدأ بتكوين اللجنة الخمسينية في البداية علي ان تقوم لجنة الثمانية بعملها فيما بعد ؟ أم ان الغرض هو ان لا نغرق في التفاصيل فيما بعد ، فما ستقوم به لجنة الثمانية القانونية هو ما سيتم تعديله فقط حتي لا ندخل في جدال مجتمعي لا لزوم له ؟ وهذا سؤال أتوجه به للقانونيين .
الأشكال الثاني هو النسبة المتدنية لتمثيل المرأة والشباب في اللجنة الخمسينية حيث نص علي ان يكون من بينهم عشرة من الشباب والنساء وأظن ان هذه نسبة متدنية جداً بالنسبة لمجهودات الشباب والمرأة في هذه الثورة .
ثامنا المادة ٣٠ حيث جاء بها (( يعرض رئيس الجمهورية مشروع التعديلات الدستورية على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ وروده إليه، ويعمل بالتعديلات من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليها في الاستفتاء))
حيث لم يبين الإعلان الدستوري هنا ماذا نفعل إذا رفض الشعب هذه التعديلات في الاستفتاء المقرر إجرائه .وهذا احتمال وارد ؟
تاسعا بالمادة ٣٠ أيضاً حيث جاء بها (( ويقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخاب مجلس النواب خلال خمسة عشر يومًا من هذا التاريخ لإجراء الانتخابات خلال مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز شهرين، وخلال أسبوع على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب تتم الدعوة لإجراء الانتخابات الرئاسية )) والأشكال هنا انه من غير المستحب أجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية لان ذلك لن يساهم في جسر شقة الخلاف المستعرة الآن بل بالعكس قد يزيدها .
عاشرا وإحقاقا للحق انه برغم كل ما سبق فالاعلان الدستوري الجديد برغم سلبياته به بعض الإيجابيات كالمواعيد المحددة والواضحة به ، بالإضافة الي رده الاعتبار للمحكمة الدستورية ، وهذا شئ يبعث في نفسي بعض الطمأنينة وما يبعث الطمأنينة في نفسي أكثر ان هناك ثوار ومناضلين يرون في هذا الإعلان وفي الدستور الذي سيتم تعديله رجعة للوراء وسيحاولون الضغط بكل السبل للضغط علي لجنة الثمانيةن لإعادة تعديل الدستور المعطل تعديلا يتناسب مع تأسيس دولة مدنية عصرية ولا يؤسس لدولة دينية فاشيه كالتي تم إسقاطها في ٣٠ يونيو السابق .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع