الأقباط متحدون - دقت ساعة العمل الثورى
أخر تحديث ٠٥:٠٧ | الجمعة ٥ يوليو ٢٠١٣ | ٢٨ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٧٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

دقت ساعة العمل الثورى

دقت ساعة العمل الثورى
دقت ساعة العمل الثورى

تذكرت، أمس، مقولة الدكتور مصطفى الفقى التى أكد فيها أن كل رؤساء مصر تم تعيينهم، بموافقة أمريكية، وأضيف: وعليه فإن عملية خلع أو عزل رئيس لابد أن تكون أيضاً برضا الأمريكان، فقد صرح أوباما، مُعلناً غضبه، وعدم رضائه عن الإجراءات التى اتخذها وزير الدفاع المصرى الفريق عبدالفتاح السيسى، استجابة لمطالب الملايين الغاضبة فى ميادين التحرير، لإسقاط النظام، فقرر، بعد فشله فى التوفيق بين القوى الثورية والسياسية والرئيس، أن يتم إعداد خطة طريق لمستقبل البلاد، بعد استشعار القوات المسلحة الأخطار المحدقة بأمن وسلام البلاد، ووصل الحال بالرئيس الأمريكى إلى حد التلويح بطلب مراجعة المعونة العسكرية لمصر، بل بتحذير بالغ السخف من جانب الإدارة الأمريكية، ألا يتم اعتقال الرئيس المعزول وعناصر جماعته، بأمر الشعب، مما يُعد تدخلاً سافراً فى الشأن الداخلى المصرى، وفى أمر يتعلق بإدارة شؤون البلاد.. لقد كنا أمام رئيس يذكر، فى ختام خطابه للأمة، آية قرآنية تنتهى بـ«القوم الكافرين»، واصفاً بها المعارضة التى هى فى حالته ٩٥% من الشعب المصرى، بينما كان مرحباً بالقتلة والمجرمين فى مجلسه، بعد أن فتح لهم السجون، وسمح لهم بالممارسة السياسية وبتشكيلهم أحزاباً برئاستهم !!

عندما قابل السفير الأمريكى وزير التموين المصرى، فى أواخر الخمسينيات، وقال له: «الإدارة الأمريكية مش عاجبها سلوككم فى الفترة الأخيرة»، خرج عبدالناصر، مصارحاً شعبه، قائلاً: «ردى كان: دى سياستنا، إحنا بنتعامل على أساس عدم التدخل فى شؤوننا الداخلية، ومش لازمنا المعونة.. نقلل استهلاكنا شوية، بس نحافظ على استقلالنا، واللى مش عاجبه يشرب من البحر.. بصراحة، خُلقنا ضيق، ولا نقبل رذالة».. وعليه، ينبغى تحية قواتنا المسلحة، لجرأة اتخاذ القرار المهم، فى مرحلة شائكة وفاصلة، دون الوضع فى الاعتبار أى أمر يمكن أن يؤثر على توقيت اتخاذ القرار الصائب، لمصلحة شعب وأمة طال انتظارها لجنى ثمار ثورة تم خطفها، والإجهاز على أهدافها من قِبَل فصيل تجبر وطغى واستبد وفشل فى إدارة شؤون البلاد، ومارس رموزه الكذب والمخادعة والتدليس على الشعب، لصالح تنظيم دولى يدَّعى منتسبوه أنهم رجال دعوة وأصحاب رؤى اقتصادية وسياسية، وعندما وصلوا لكراسى حكم البلد الذى انطلق منه التنظيم كان السقوط، وكشف النوايا الخبيثة، فضلاً عن غياب الكفاءات المبدعة المجددة، لأنهم، ببساطة، جماعة تعتمد ثقافة السمع والطاعة والتقليد.

الآن، وقد دقت ساعة العمل الثورى (مع الاعتذار لمحمد عبدالوهاب والمؤلف حسين السيد والأغنية «النشيد» الرائعة عام ١٩٦٢)، فور انتهاء الفريق «السيسى» من إلقاء بيانه الذى ضمنه خارطة طريق وطنية، لتحديد ملامح وإطار العمل فى المرحلة القادمة، أرى أننا فى سباق مع الزمن، لتجاوز عار الانبطاح والتبعية وتراجع الحالة الاقتصادية والأمنية.

لدينا التحدى، لحشد الجهود فى مجال إعادة الإحساس بالأمن، وأظن، بعد كشف حقيقة الطرف الثالث، والكشف عن مخازن الأسلحة والذخائر، وتورط عناصر من فصائل إرهابية عربية، فضلاً عن حالة المصالحة الوطنية التى ظهرت ملامحها الطيبة فى ميادين التحرير بين الشعب والشرطة والجيش، والتى من شأنها تحقيق تقدم فى هذا الاتجاه، أرى أن البداية واجبة من سيناء، بعد طرد من باعوا الوطن، وعطلوا مسار حملات الجيش الرائعة، لصالح أوغاد.

نعم، دقت ساعة العمل الثورى، وبات من الضرورى، وبشكل عاجل، معالجة أمراض الاقتصاد وعلل تخلف نظم الإدارة وتنامى الفساد، وغياب التخطيط، وافتقار وجود الرؤية العلمية الموضوعية والحلول الابتكارية والإبداعية بشأن كيفية التعامل مع كل تلك المشاكل، وقد صار من المأمول وجود الإرادة الوطنية التى من شأنها دعم الاتجاه الإيجابى، عند اختيار القيادات الناجحة وفق قياسات علمية لمهاراتهم وخبراتهم بتجرد إلا من ابتغاء مصالح الوطن.

العلل الاقتصادية معروفة، وتم تشخيصها، والخبراء الوطنيون المخلصون عرضوا العديد من الحلول والمعالجات البديعة، والمطلوب فقط التعامل مع تلك الحلول وفق فقه الأولويات، وأرى ضرورة العودة لوضع الخطط الخمسية، وأذكر أننا حققنا، عبر وضع الخطط الخمسية الأولى، الإنجازات الاقتصادية الأروع، بعد ثورة يوليو ١٩٥٢.

الدستور أولاً، وقد غادرَنا من أفسد علينا الذهاب، أولاً، لوضع دستور عظيم يليق بمصرنا العظيمة.. وأمامنا درس لجنة طارق البشرى التى أفسدت الحياة السياسية، وأضاعت علينا فرصة التوافق الوطنى، والتى أبدعت حكاية الأحزاب بمرجعية دينية، فوصل بنا الأمر إلى إنشاء أحزاب قندهارية تقودها مجموعة من التكفيريين، فكانت غزوة الصناديق، وتقسيم الناس فى الشارع السياسى عبر ترويج «لا»، الكافرة، و«نعم»، المؤمنة، ووصولاً للجنة وضع الدستور التى اعتمدت على قهر رأى أصحاب العلم والخبرة، واستبعادهم من دوائر المشاركة الفاعلة، وتم إيجاز الأمر فى كيفية استخدام كل الحيل، لتمرير بنود لصالح فئات بعينها، (وأظن أن شعبنا الطيب لن ينسى كارثة ظهور شريط مرئى لشيخ قيادى فى حزبه وهو يشرح لأتباعه كيف خدع الأقباط والعلمانيين، وضحك عليهم، لتمرير صياغات كان لا يتخيل موافقتهم عليها).

وأرى أن تحسين الاقتصاد ينبغى أن يكون فى صدارة الأولويات، مع الاهتمام، بشكل يتوازى فى الدرب مع معالجة أمر المصالحة الوطنية، (لقد سامح شعبنا العظيم جيشه، بعد نكسة ٥ يونيو، لأن القيادة قررت المكاشفة والمصارحة وطرح الأمور بشفافية وإخلاص على الشعب)، وذلك قبل إجراء الانتخابات.. إن أمر تهيئة الأرض بالحرث والعناية، قبل الزراعة، من شأنه أن يصل بنا إلى حصاد وفير، ومنتج جيد.

لابد أن نعتمد فكرة أننا لسنا فى حاجة للزعيم كاريزمى التأثير بقدر احتياجنا لمواطن مصرى مخلص لديه قدرات إبداعية وصلاحيات إدارية، وأن تسود، بعد ثورة عظيمة، فكرة التأكيد على أن الرئيس يحكم، من خلال مؤسسة تتوفر لها فرص تحقيق النجاح فى تكامل ووعى بضرورة دعم العمل وفق منظومة التفكير والعمل الجماعى.

ويا أهل الإبداع والثقافة والفن، لقد كانت وقفتكم الرائعة، لتحدى وجود أشاوس الفكر الطائفى المتخلف، وللحفاظ على ملامح الهوية المصرية، التأثير البالغ فى دعم شباب «تمرد»، عبر زخم فعالياتكم اليومية.. مبروك عودة مصر المبدعة.

ويا شبابنا الجميل: لقد رأيناكم ترسمون على حوائط الميادين، وتتبادلون النكات على النظام، وتمارسون الحب، وتلعبون، وتغنون، وتهتفون، وترقصون، وأنتم تخلعون الرئيس، تلو الرئيس، ولم تفقدوا الأمل.. هل وعَى الشيوخ عبقرية ما فعلتم؟


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع