بقلم : مؤمن سلام
على عكس كل من أطلق على جماعة الإخوان المسلمين "فصيل وطني" فأنا لم أعتبرهم في يوم الأيام وطنيين ولا مصريين. وكيف أعتبرهم كذلك وهم لا يعتبرون أنفسهم مصريين؟ وهنا لا أتحدث عن الكلمة الشهيرة لمرشدهم السابق مهدي عاكف "طظ في مصر" أو قبوله برئيس ماليزي لمصر، فهذه العبارات ما هي إلا انعكاس للأيديولوجية الاسلاموية التى لا تعترف بالأوطان ولا بالحدود والتي يعبر عنها شاعرهم بقوله "وأينمـا ذكـر اسـم الله في بـلد، عددت أرجاءه من لب أوطاني" ويقول حسن البنا في رسالة دعوتنا "أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية" هذا هو إذا رأى مؤسس الجماعة في الوطنية. فكيف بعد ذلك يقول القائل إنهم فصيل وطني؟
فإذا لم يكونوا وطنيين ولا مصريين إذا فالصراع معهم ليس صراع على الحكم أو السلطة، وإنما صراع على مصر. نحن من نرى مصر دولة مستقلة ذات سيادة لها حدودها المعروفة منذ ألاف السنين تسكنها الأمة المصرية بخصائصها وثقافتها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها بل ولغتها أيضا. وهؤلاء من يرونها مجرد ولاية وجزء من إمبراطورية أو خلافة، لا يهم أن يحكمها من هو ليس منها، لا يهم أن يجوع أهلها طالما أن الجيران شبعى، لا يهم أن تنتهك سيادتها بأنفاق طالما أن المنتهك مسلم، لا يهم أن تقتطع جزء من أراضيها طالما أنها تذهب لأخوة الدين، ببساطة كما قال زعيمهم السابق طظ في مصر.
انه صراع بين أبناء الأمة المصرية الواحدة ضد احتلال ثقافي وفكري يسعى لتغيير الهوية المصرية وتحويلها إلى ثقافة بدوية وهابية. ثقافة ترى في الفن خلاعة، وفى الموسيقى مجون، وفى الحب زنا، وفى المرأة شيطان، وفى العلم كفر، وفى الفلسفة زندقة، وفى الحرية خروج على ولى الأمر. انه صراع ثقافي قبل أن يكون سياسي، صراع من أجل مصر للمصريين من أي أصل وأي دين وبين من يريدها للمسلمين السنة الوهابيين فقط لا غير. صراع بين من يؤمنون بالوطن ومن لا يؤمنون لا بالوطن ولا المواطنة.
صراع من أجل سيادة واستقلال مصر أو تبعيتها لبلاد الشرق والغرب والعرب والعجم. صراع من أجل أن تظل مصر دولة محورية فاعلة في الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن حولها إلى دولة تابعة يتلاعب بها الصغار قبل الكبار. من أجل أن تكون مصر مستقلة اقتصاديا لا تتسول قوت يومها وبنزين مركبتها من هذه الدويلة أو تلك. صراع بين من يريد للمصريين العيش الكريم وبين من يريد لجماعته التمكين.
اليوم ستنزل الأمة المصرية بالملايين ليس من أجل التخلص من رئيس فاشل وحزب حاكم فاشي فقط، ولكن من أجل تحرير مصر من هؤلاء الغزاة، الذين يريدون طمس هويتنا المصرية والقضاء على سيادتنا الوطنية. ستنزل الأمة ولن تعود إلا وقد تحررت من هكسوس القرن الواحد والعشرين، تحررت منهم سياسيا وثقافيا وفكريا. لن تعود الأمة المصرية إلى منازلها إلا وقد وضعت مصر على طريق الدولة الديمقراطية الحديثة.
عاشت مصر وعاشت الأمة المصرية