تسعى ألمانيا إلى تصويب أوضاع "مهنة الدعارة"، ووافق ائتلاف المستشارة أنجيلا ميركل على وضع تجارة الجنس تحت مراقبة سلطات سلامة العمل الحكومية، ما يعني أن بيوت هذه التجارة عليها اتخاذ الكثير من الإجراءات للحصول على رخصة مزاولة المهنة.
رغم أن الدعارة نشاط مُشرّع من الناحية القانونية في ألمانيا، إلا أن الكثير من المنتقدين بدأوا يتحدثون هناك عن أن ذلك لا يحمي العاملات في هذا المجال من الاستغلال، وهو ما جعل مجلس النواب الألماني يقرر إخضاع بيوت الدعارة إلى تنظيم أكثر صرامة.
ففي محاولة لمكافحة الاستغلال الجنسي، صوَّت مجلس النواب الألماني مساء الخميس الماضي على مجموعة قرارات تهدف إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على بيوت الدعارة، وكذلك سنّ مجموعة من العقوبات الأكثر شدة للتصدي للاتجار في البشر.
تحت المراقبة
وخلال جلسة ماراثونية قبيل عطلة البوندستاغ الصيفية، وافق ائتلاف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على وضع تجارة الجنس تحت مراقبة سلطات سلامة العمل الحكومية. وهو ما يعني أنه، ولكي تحصل بيوت الدعارة الآن على الموافقة لمزاولة نشاطاتها، فقد بات يتعيّن عليها الآن أن تثبت أنها لا تتعدى على مصالح العاهرات هناك.
كما يشمل مشروع القانون أحكامًا تعنى بحماية مصالح الجيران والمقيمين في العقار الذي يدير فيه بيت الدعارة نشاطه. وينطوي أيضًا على معاقبة مسألة الاتجار في البشر.
وبينما سبق أن تم تقنين أوضاع الدعارة في ألمانيا منذ ما يقرب من عشرة أعوام من جانب ائتلاف الحزب الديمقراطي الاشتراكي ( يسار وسط) وحزب الخضر، الذي كان يتولى مقاليد الأمور في البلاد وقتها، فإن الائتلاف كان يأمل أن يسفر تحوّل تلك التجارة المحظورة إلى نشاط مشروع عن خلق أوضاع وظروف أفضل للعاملات بالجنس.
وظيفة مقبولة
يمكن لهؤلاء السيدات بموجب القانون أن يدخلن معارك قضائية من أجل نيل أجورهن، وأن يساهمن في برامج التأمين الخاصة بالمعاشات والبطالة والصحة. وكان الهدف من ذلك هو تحويل مهنة محظورة إلى وظيفة مقبولة كغيرها من الوظائف.
بيد أن منتقدين رأوا أن الجهود التي بذلت على هذا الصعيد لم تكلل بالنجاح. وبدلًا من ذلك، حوّل تشريع تجارة الجنس ألمانيا إلى أكبر سوق للدعارة في الاتحاد الأوروبي، بعدما وصل عدد العاهرات هناك إلى 200 ألف، طبقاً لخبراء ومنظمات إغاثة.
كما أشارت تقديرات إلى أن الدعارة تجلب عائدات سنوية في ألمانيا تقدر بحوالى 14.5 مليار يورو. وفي وقت يأتي فيه الكثير من العاهرات من الخارج، بشكل أساسي من رومانيا وبلغاريا، أكد ضباط شرطة وساسة وناشطون في مجال حقوق السيدات أن القانون الذي تم تمريره عام 2011 لم يضف أي تحسينات لحياة العاهرات، وإنما خدم في واقع الأمر القوادين وجعل السوق أكثر جاذبية للمتاجرين بالبشر.
وإلى جانب الإجراءات التنظيمية الجديدة، نوّهت مجلة دير شبيغل الألمانية بأن البوندستاغ وافق كذلك على تمرير عدد من التدابير الأخرى، التي تعنى بحياة أفضل للسيدات اللواتي يمتهن تجارة الجنس، ويعتمدن عليها باعتبارها مصدرًا للدخل بالنسبة إليهن.
من بين تلك التدابير تشديد عقوبة تشويه الأعضاء التناسلية، بزيادة العقوبة الأقصى من 10 إلى 15 عامًا في السجن، وكذلك استهداف الصيادلة والأطباء الفاسدين، وحماية الزبائن من ممارسات التسويق المريبة عبر الإنترنت وعبر الهاتف.