الأقباط متحدون - درس من استراليا لرئيس مصر
أخر تحديث ١١:٠٩ | الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٣ | ٢٠ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٧٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

درس من استراليا لرئيس مصر

صبحى فؤاد




ما حدث يوم امس الاربعاء 26 يونيو فى العاصمة الاسترالية " كانبرا " يعد درسا وعظة للرئيس المصرى مرسى العياط وكل حكام العرب والمسلمين
الذين يتصورون انفسهم الهة على الارض لايمكن لشعوبهم اقالتهم او محاسبتهم او مساءلتهم او توجيه اى نوع من النقد لهم ولانظمتهم .

ظهر امس دعت " جوليا جليارد " رئيسة الوزراء الاسترالية قيادات حزب العمال الحاكم الذى تنتمى اليه لجلسة طارئة فى السابعة من مساء نفس هذا اليوم وذلك لاتاحة الفرصة امام من يرون انها لم تعد غير قادرة على اداء مهام وظيفتها او من يرون فى انفسهم امكانية قيادة الحزب والحكومة الى الفوز فى الانتخابات الفيدرالية القادمة فى شهر سبتمبر القادم لكى يتقدم بترشيح نفسه امامها وطرح تصويت سرى كما جرت العادة من قبل اعضاء " الكوكس" الذى يتكون من 102 عضو هم اعضاء فى البرلمان ومجلس الشيوخ لاختيارها وتجديد الثقة بها او اختيار زعيم اخر بدلا منها.

وبعد نصف ساعة من الاجتماع  وفرز الاصوات اعلن للشعب الاسترالى عن فوز " كيفن رد"  - وهو الوحيد الذى تقدم للترشيح امامها -  ب 57 صوت مقابل 45 صوت لها.

وعلى اثر ذلك تقدمت رئيسة الوزراء " جوليا جليارد "باستقالتها من وظيفتها وقامت بالقاء كلمة على الهواء مباشرة تمنت خلالها النجاح لمنافسها كيفن والتوفيق فى قيادة الحزب والحكومة للفوز فى الانتخابات القادمة .

وبعدها بقليل قام رئيس الوزراء الجديد " كيفن رد " بالقاء كلمة قصيرة امتدح فيها رئيسة الوزراء السابقة وقام بالاشادة بانجازاتها ونفس الوقت وعد الشعب ببذل اقصى ما يمكنه  من اجل التقدم باستراليا وتنمية اقتصادها ودعم التصنيع واتاحة الفرصة امام الشباب للمشاركة فى بناء بلدهم كما وعد بالابتعاد عن التميز ايا كان نوعه.

وفى صباح اليوم التالى قام " كيفن رد " بحلف اليمين القانونى واصبح رسميا رئيس الوزراء للحكومة الفيدرالية الاسترالية بينما قامت " جوليا جليارد " باخلاء مقر الاقامة الرسمى التى كانت تقيم فيه بالعاصمة " كانبرا " كى يشغله " كيفن رد " هو واسرته طالما ظل رئيسا لوزراء استراليا.

كل هذا تم فى هدوء ورقى وتحضر داخل مبنى البرلمان الفيدرالى بالعاصمة الاسترالية ولولا التغطيات الصحفية والتلفزيونية لهذا الحدث التاريخى لما شعر مواطن استرالى واحد بما كان يحدث وقتها بين رئيسة الوزراء والمنافسين لها من نفس الحزب.

والشىء الرائع حقا اننا لم نرى مظاهرة واحدة قبل او بعد هذا الانقلاب الابيض فى استراليا ..لم نرى او نسمع واحدا من مؤيدى رئيسة الوزراء السابقة يهدد او تهدد بالخراب والدماء وقطع الرقاب .. لم نرى رئيسة الوزراء السابقة تلجأ الى اتخاذ اى اجراء من اى نوع ضد معارضيها سواء من الاعلاميين او رجال السياسة او المواطنين العاديين .. لم نرى سيلا من الاتهامات الباطلة والاكاذيب المصطنعة ضد المعارصين..  لم نرى الحياة تتوقف فى استراليا للحظة واحدة او نراها تغيرت الى الاسوء او الافضل قبل او بعد جوليا جليارد ..

الامر ببساطة شديدة هو ان قيادات الحزب الحاكم ادركوا من خلال اتصالاتهم بالمواطنين الاسترال العاديين واطلاعهم على قراءات الراى العام بان جوليا اصبحت مرفوضة تماما من غالبية الشعب وانهم لم يعدوا راضين عن اداءها كرئيسة للوزراء  فبدأوا يشعرون بان الشعب سوف يلفظهم ويصوت لصالح حزب الاحرار المعارض اذا ظلت فى منصب القيادة.

وبناء عليه انتهزوا الفرصة وصوتوا لمن هو اكثر كفاءة وخبرة منها ويحظى فى نفس الوقت بقبول وشعبية كبيرة وسط الناس  حتى يكون هناك بريق من الامل عندما يحين موعد الانتخابات القادمة فى سبتمبر من هذا العام.

خلاصة الكلام : ليت الرئيس مرسى يأخذ القدوة من جوليا ويرحل فى هدوء وبساطة دون ان يلجأ الى الوعيد والتهديد وجز الاعناق ودفع الجيش الى الشوارع والمدن وشيوخ الارهاب وفتاوى سفك الدماء والبلطجية  لبث الرعب والخوف فى نفوس معارضيه لانه غير مقبول شعبيا وعاجز عن تلبية مطالب الناس وحل مشاكلهم منذ تولى المسئوليه وحتى الان.

ليت الرئيس مرسى يدرك انه مجرد" موظف"  مثل اى موظف حكومى اخر عند الشعب المصرى الذى يدفع مرتبه وتكاليف اقامته وسفرة وحراسته هو واسرته واعوانه ومساعدية  وليس الها او مبعوث السماء والعناية الالهية كما يتصور  هو واتباعه ولذلك اننى ارى انه من حق الشعب المصرى ان يستغنى عن خدماته لفشلة وعجزه عن تلبية مطالبهم والتقدم بالبلد الى الامام.

اتمنى من كل قلبى حبا لوطنى الام مصر وخوفا على ابناءها المصريين الطيبين ان يأخذ الرئيس مرسى نصحيتى له بعين الجد والاعتبار ويرحل اسوة برئيسة وزراء استراليا ولا يركبه العناد والكبرياء مثل صدام او القذافى ويقوم عاجلا باعطاء الفرصة لشخص اخر لقيادة البلد نحو بر الامان وحتى لا نصل الى نقطة الانفجار الكامل وسفك الدماء والخراب والتقسيم كما حدث فى السودان والصومال ويحدث حاليا فى العراق وليبيا وتونس واليمن وسوريا ولبنان وباكستان وافغانستان والصومال ودول اخرى.

ترى هل يعملها الرئيس مرسى ويرحل طواعية عن الحكم ام انه سوف يعاند مفضلا السير فى الطريق المعاكس لرغبات الشعب مهما كانت النتائج الكارثية التى سوف تترتب على هذا الاختيار غير الحكيم ؟؟ 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter