الأقباط متحدون - مذبحة الشيعة المصريين
أخر تحديث ٠١:٠٧ | الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٣ | ٢٠ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٧٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مذبحة الشيعة المصريين

بقلم إسماعيل حسني
 
والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود، قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود.
في ليلة أضاء فيها بدر النصف من شعبان شوارع المدينة وقلوب البشر، وانهمك فيها المؤمنون، كل على مذهبه، بمناجاة ربهم والتقرب إليه بالصلوات والتسابيح والأدعية، كان فريق من الخوارج يخطط لصبغ هذه الليلة المباركة بلون الدم، وتعكير نسماتها العليلة برائحة الموت.
 
قام مشايخ الإخوان والسلفيين بتحريض السفهاء من أهالي قرية زاوية أبو مسلم بمحافظة الجيزة على الفتك بمجموعة من المواطنين المصريين، من جيرانهم، اختاروا أن يعبدوا ربهم على مذهب الشيعة الإثنى عشرية، فتربصوا بهم، واقتحموا منزلهم، وأمسكوا بخمسة من المصلين الرجال وانهالوا عليهم ضربا وتعذيبا بالشوم والعصي والأسلحة البيضاء، كسروا عظامهم، حطموا جماجمهم، سحلوهم في الشوارع حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وأفضوا إلى بارئهم شهداء قضوا غيلة بيد التكفير والغدر والحقد والكراهية.
 
نحن لم نستمع من قبل إلى الداعية الشيعي المغدور "حسن شحاتة" أو أي من رفاقه، ولا يعنينا إن كان التشيع حق أو باطل، فتلك قضايا يبحثها ويتنافس فيها المشايخ انتصارا لمذهب على آخر، فالضحايا عندنا مواطنون مصريون من حقهم أن يتعبدوا الله على أي دين أو مذهب يختارون، وإن صدرت منهم إساءات بحق أتباع المذاهب الأخرى يكون الاحتكام للقضاء وليس الإغتيال والسحل والتنكيل.
 
بل إننا نرنوا إلى اليوم الذي تمتلئ فيه بلادنا بدعاة لكل الأديان والمذاهب والنظريات الفكرية والفلسفية دليل على حرية مجتمعنا، وحيويته، وتسامحه، وتعدد الروافد التي تشكل ثقافته، مما يخلق الإنسان الحر القادر على المفاضلة والإختيار والإبداع والتطور.
 
لم تكن هذه المذبحة تصرفا فرديا أو عفويا من عامة الناس، وإنما وقعت عن سبق تخطيط وتحريض وترصد تقوم به بشكل منهجي ومنذ شهور طويلة قيادات الدعوة السلفية ضد المذهب الشيعي بصفة عامة، والشيعة المصريين بصفة خاصة، بلغ ذروته مؤخرا في حضرة رئيس الجمهورية الإخواني محمد مرسي بل وبمشاركته شخصيا، فاكتسب هذا المخطط صبغة دينية ورسمية سهلت مهمة الإخوان والسلفيين في حشد العوام لارتكاب جريمتهم الشنعاء. 
 
ففي مؤتمر «نصرة سوريا» الذي عقد في الصالة المغطاة في استاد القاهرة، ونظمته حركات سلفية وجماعات اسلامية، وحضره الرئيس مرسي، تبارى مشايخ الفتنة من السلفيين وقيادات في جماعات الاسلام السياسي ومعهم مشايخ البترودولار محمد حسان والعريفي والقرضاوي في التحريض ضد الشيعة وتكفيرهم ووصفهم بالإنجاس وأنهم أشد خطرا على الأمة من اليهود، وطالبوا بالتصدي لهم وقتالهم، وشارك الرئيس الطائفي في عملية التحريض هذه ووصف الشيعة في معرض هجومه على النظام السوري وحزب الله بـالروافض، في سابقة لا تصدر عن رئيس جمهورية مسئول عن احترام مشاعر الأقليات الدينية من مواطنيه فضلا عن حماية أرواحهم.
 
هكذا يدعو الإخوان والسلفيون شعبنا إلى الله، بالتكفير والقتل والسحل والتعذيب، هذا هو دينهم، وهذا ما تعلموه من أسلافهم الحنابلة وأشياخهم الوهابية الذين أرهقوا أهلهم وعشيرتهم في الجزيرة العربية إجراما وتنكيلا واستحلوا دماءهم في سبيل إقامة دولتهم، وهذا ما يفعله أتباعهم في مصر اليوم.
إن هذه الجرائم المنكرة لا تصدر إلا مرضى نفسيون، وعقيدة شاذة منحرفة، وفكر إرهابي يزدري الإنسان، ويحط من قدره، ويستهين بحياته. فكر القطيع الذي لا يؤمن بحرية الإنسان ولا يعترف بحقه في الإختلاف والتميز والذي يريد الإخوان والسلفيون فرضه علينا.
 
لقد عاشت الأقليات الدينية في مصر من يهود ومسيحيين وشيعة وبهائيين وغيرهم بين إخوانهم من الأغلبية السنية في سلام وأمان وحسن جوار حتى ابتلانا الله بمن أطفأت شهوتهم إلى السلطة نور الإيمان في قلوبهم، فاستحلوا دماءنا، وهتكوا أعراضنا دون وازع من دين أو ضمير.
إن لم يسقط هؤلاء ويعودوا إلى الجحور التي خرجوا منها فسوف يسقطون مصر كلها في مستنقع من الدماء ليس له قرار. 
أسقطوهم يرحمنا ويرحمكم الله.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter