الأقباط متحدون - إرادة الذئاب
أخر تحديث ٠٥:١٧ | الاربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٣ |     ١٩ بؤونة ١٧٢٩ ش     |     العدد ٣١٦٩ السنة الثامنة    
إغلاق تصغير

إرادة الذئاب

بقلم: عـادل عطيـة

تأخذنا الفكرة إلى غابة بعيدة جدا، وقريبة جداً.. حيث المسافة بين الغريزة الأقرب إلى التحضر،والتحضر الأقرب إلى الوحشية.

وحيث المسافة بين الإنسان وقلبه، وقلبه وقلب الآخر.

هناك تقابل ذئب مع حمل وديع، وبلغة الحيوانات، كان هذا الحوار..

قال الذئب للحمل، وهو يبحث عن ذنب يبرر له أكله: أنك شتمتني في العام الماضي.

قال الحمل: لم أكن قد ولدت في ذلك الحين!

قال الذئب: لكنك ترعى الآن في أرضي.

قال الحمل: أني لم آكل شيئاً حتى الآن!

قال الذئب في غيظ: إذاً، أنت تشرب من بئري.

قال الحمل في هدوء: لم أشرب ماء حتى الآن، وطعامي وشرابي لا يزالان من لبن أمي!

ثار الذئب وهجم على الحمل، وهو يقول: لن أبقى بغير أكل، حتى لو أبطلت كل حججي...

نترك أرض الذئاب.. ذئاب الشعراء من أمثال: البحتري، والفرزدق، ومالك بن الريب، وكعب بن زهير...
نعود إلى غابتنا التي بمساحة الوطن..
إلى الإنسان المستذئب.. بكل ما في براثنه من قساوة، ووحشية، وبطش...
هنا يتقابل حمل بشري مع ذئب ليس كالذئاب.. ذئب يحمل على جبهته علامة مصطنعة، ومدفوعأً بفتاوي مغرضة، هي الشرارة الأولى لعلاقة عاطفية مع الشر، والموت، والدمار...
يتكرر الحوار بصورة، أو بأخرى.. لكن بلغة بشرية..
قال المستذئب للحمل البشري، وهو يبحث عن ذنب يبرر له اغتصاب ابنته، وخطف ابنه، واغتنام ماله وداره، تمهيداً لقتله: أنت تعيش على أرضي.

قال الحمل البشري: هي أرضي وأرض أجدادي من آلاف السنين!
قال المستذئب: أنت تشتمني، وتسب إيماني غبر فضائياتك.

قال الحمل البشري: أنا لا أملك ميكروفوناً، فكيف أملك فضائية!
قال المستذئب: أنت مشرك وكافر.

قال الحمل البشري: لو كنت كذلك،؛ لما حلّ لك أن تأكل من طعامنا نحن الحملان البشرية، وأن تتزوج من بناتنا!
قال المستذئب: لكن قريبك اعتدى على قريبي.

قال الحمل البشري: يمكنك أن تلتجيء إلى القضاء، لا أن تجعل من نفسك قاضياً،  وأن يكون عقابك جماعياً، فلا تزر وازرة وزر أخرى!
ثار المستذئب وهجم على الحمل البشري، وهو يقول: انني أعيش على فائدة نصوصي الدينية، ولن اتخاذل في القضاء عليك، وعلى عشيرتك، ولو أبطلت كل حججي...

بعد هذا الحوار، ما عدت أخشى ذئاب الذئاب، ولكني أخشى ذئاب البشر!
وسأظل أتساءل: متى ينقضي  هذا الليل بظلمته المتطاولة، التي لا تقاطعها سوى أضواء الشهداء المتساقطين على الأرض؟!...



 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter